بارزاني يستدعي الوزراء والنواب الكرد من بغداد للتشاور وسط بوادر أزمة جديدة

تراجع حاد في صادرات نفط كردستان لأسباب «غير معلومة».. وبرهم صالح يؤكد: نريد حكومة مركزية تلتزم بالدستور

TT

بعد ردود الفعل العنيفة التي أثارتها تصريحاته الأخيرة حول المشكلات العالقة بين بغداد وأربيل لدى بعض القيادات العراقية، خصوصا من التحالف الوطني الشيعي، كثف مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، تحركاته لتوحيد الموقف الكردي حيال ما تعتبره القيادة الكردية تنصلا من جانب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من الاتفاقات المبرمة بين بغداد وأربيل فيما أفادت مصادر نفطية أمس بحصول تراجع حاد في صادرات الإقليم من النفط لأسباب غير معلومة.

وفي هذا السياق يستعد بارزاني للقاء الكتلة الكردية في كل من مجلس النواب ومجلس الوزراء العراقي للتباحث معهم حول آخر المستجدات السياسية بالعراق، وتحديد مسار الأداء الكردي في المرحلة القادمة على ضوء تلك التطورات. وكشف نجيب عبد الله، رئيس كتلة الاتحاد الإسلامي بالبرلمان العراقي، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن رئيس الإقليم طلب من النواب والوزراء الكرد الحضور إلى أربيل لعقد لقاء تشاوري حول مجمل الأوضاع السياسية الحالية بالعراق، ويتوقع أن يعقد الاجتماع بعد غد وسيكرس لبحث الأزمة الراهنة الناشئة في بغداد على خلفية قضية قانون النفط والغاز، إلى جانب بقية القضايا المتعلقة بالعلاقة بين الإقليم والمركز. وأشار عبد الله إلى أن «هناك فعلا أزمة حقيقية في العلاقة بين أربيل وبغداد».

إلى ذلك، أكد برهم صالح رئيس حكومة الإقليم تأييده الكامل لتوجهات بارزاني فيما يتعلق بالعلاقة مع بغداد وقال في تصريح صحافي قبيل سفره الوشيك إلى بغداد للقاء المالكي، إن «حديث السيد رئيس الإقليم كان واضحا ومحددا بضرورة احترام الدستور العراقي»، مشيرا إلى أن «لإقليم كردستان خصوصية اعترف بها الدستور العراقي، ونحن في قيادة الإقليم نريد أن تكون هناك حكومة عراقية ديمقراطية تلتزم بالدستور في أداء مهامها، ومن المهم بالنسبة لنا أن تحترم الأطراف الأخرى الاتفاقات التي وقعناها، وأن تنفذها في مجملها، ونحن الآن على اتصال مع رئيس الوزراء العراقي من أجل ترتيب جدول أعمال مباحثاتنا القادمة، بما يؤدي إلى تنفيذ تلك الاتفاقات والالتزام بالدستور».

وكان بارزاني قد تحدث أثناء مشاركته بالمؤتمر الأول للدبلوماسية الكردية المنعقد في أربيل قبل عدة أيام، حول المشكلات العالقة بين أربيل وبغداد، وشدد خلال حديثه على «ضرورة الإسراع بتنفيذ الاتفاقات السياسية المعقودة بين المركز والإقليم»، مشيرا إلى أن «الجولة القادمة من المباحثات التي سيجريها وفد إقليم كردستان مع القادة العراقيين يجب أن تكون حاسمة، فقيادة الإقليم لا تقبل بالمزيد من التأخير والتنصل من تلك الاتفاقات، وفي مقدمتها الاتفاق الخاص بالنقاط الـ19 التي وقعتها قيادة الإقليم مع بغداد».

إلى ذلك، قالت عدة مصادر حكومية عراقية أمس إن صادرات النفط الخام من إقليم كردستان تراجعت إلى ما بين 50 و60 ألف برميل يوميا من 160 ألف برميل يوميا منذ أواخر الشهر الماضي. وقال مصدر بوزارة النفط «قامت شركة نفط الشمال بإخطار وزارة النفط مطلع الشهر الحالي بأن الكميات التي يجري ضخها من المنقطة الكردية تراجعت إلى ما بين 50 و60 ألف برميل يوميا من 160 ألف برميل يوميا في نهاية أغسطس (آب)»، حسبما افادت به وكالة رويترز. وأكد مصدر بمكتب حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة نبأ التراجع الحاد وقال «نأمل أن يكون خللا فنيا لا أكثر».

وكان إقليم كردستان أوقف الصادرات في 2009 لخلافات مع بغداد بشأن عقود وقعتها حكومة الإقليم مع شركات نفط أجنبية لتطوير حقول. وتعتبر بغداد العقود غير قانونية. واستأنفت المنطقة الكردية الصادرات في فبراير (شباط) مما عزز الصادرات الإجمالية للعراق. وفي الخامس من الشهر الحالي قالت وزارة النفط العراقية إنها ستمنع هيس كورب للنفط الأميركية من المشاركة في مناقصة الطاقة الرابعة المقرر عقدها في يناير (كانون الثاني) بسبب قيام الشركة بتوقيع اتفاقات مع الحكومة الكردية. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم أصدرت حكومة إقليم كردستان بيانا وجه انتقادات حادة لمسودة قانون جديد للنفط والغاز سينظر فيها البرلمان قائلة إنها تتعارض مع «فحوى الدستور».

وفي تطور آخر ذي صلة، استنكر بيان لكتائب حزب الله في العراق مطالبة بارزاني ببقاء قوات أميركية إلى ما بعد نهاية عام 2011، ووصفها بأنها «صوت شاذ» يتناغم مع مطالب أميركية. وجاء في البيان الذي صدر أمس وأوردته وكالة الصحافة الفرنسية أنه بعد أن «توحد موقف أبناء المقاومة والعشائر والشرفاء من الحكومة العراقية مطالبين الاحتلال بالرحيل وإنهاء وجوده، نسمع صوتا شاذا.. ينادي ببقاء الاحتلال ويتوعد الشعب العراقي بحرب أهلية إذا خرج الاحتلال». وكان بارزاني قد قال في مؤتمر الدبلوماسية الكردية إنه «إذا انسحبت القوات الأميركية من العراق ستتعرض البلاد إلى الكثير من المشكلات، وبتصوري هناك احتمال اندلاع حرب داخلية، ستزداد التدخلات الخارجية وستزداد أيضا المشكلات المذهبية».