الاحتجاجات الفئوية تضرب مصر بعد «جمعة تصحيح المسار»

معلمون يتظاهرون بالنعوش.. ومهندسون يقطعون خطوط المواصلات.. والأطباء يضربون

متظاهرون خلال مصادمات مع الشرطة بجوار السفارة الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

تواصلت في مصر أمس سلسلة من الاحتجاجات والإضرابات عقب «جمعة تصحيح المسار»، لتشمل قطاعات المعلمين والأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات، الذين اشتكوا من عدم تحسن أوضاعهم بعد ثورة «25 يناير» التي رفعت شعار تحقيق العدالة الاجتماعية.

فأمام مقر مجلس الوزراء اعتصم أكثر من 20 ألف معلم من القاهرة والمحافظات، مطالبين برفع رواتبهم وإقالة وزير التربية والتعليم، معلنين الدخول في إضراب عام عن العمل في المدارس مع بداية العام الدراسي الجديد المقرر له يوم 17 سبتمبر (أيلول) الحالي.

ونظم المعلمون وقفتين، الأولى لقيادات نقابة المعلمين المستقلة، والثانية لحركة «معلمين بلا نقابة»، وشكلت النقابة المستقلة لجنة لفحص هويات القادمين للمشاركة في الاحتجاجات التي أطلق عليها «انتفاضة المعلم»، وأدت الزيادة الواضحة في أعداد المتظاهرين إلى غلق شارع مجلس الشعب بوسط العاصمة، وسط وجود أمني ضعيف.

كما نظم المتظاهرون عدة مسيرات في شوارع القاهرة، ارتدوا فيها أكفانا وحملوا نعوشا للتعبير عن غضبهم من تجاهل الحكومة لمطالبهم، رافعين لافتات كتب عليها «لا تقدم لأمة يهان فيها المعلم».

وفيما اعتبر عبد الناصر علي، ممثل حركة «معلمين بلا نقابة»، أن المظاهرة أثبتت لمسؤولي التعليم في مصر قدرة المعلمين على تنظيم صفوفهم وتوحيد مطالبهم، طالب محمد يوسف، معلم، بوضع برنامج زمني لتحقيق كافة مطالب المعلمين المشروعة، مؤكدا أنه في حالة عدم الاستجابة لمطالب المعلمين، سيكون الإضراب العام هو الحل.

وأضاف يوسف لـ«الشرق الأوسط» بقوله إن «مظاهرة اليوم (أمس)، جاءت من أجل إيصال صوت المعلمين الذين تم تهميشهم من النظام السابق إلى رئيس مجلس الوزراء الدكتور عصام شرف والمجلس العسكري الذي يتولي إدارة شؤون البلاد».

وفي غضون ذلك، دخل الأطباء أمس في إضراب جزئي عن العمل في المستشفيات لمدة ثلاثة أيام، استجابة لدعوة ائتلاف شباب الأطباء، للمطالبة بتحسين الأجور وحماية المستشفيات. وهددوا بخطوات تصعيدية إن لم تتم تلبية مطالبهم. وفيما كشف أحمد عاطف، منسق شباب الأطباء، عن أن عدد المستشفيات التي شاركت في الإضراب بلغ 70 مستشفى، قال الدكتور أيمن داود، أحد الأطباء المضربين، «سوف نستمر في الإضراب لمدة 3 أيام بوقف العمل بالعيادات الخارجية، والعمليات البسيطة وغير العاجلة، ولن نوقف العمل بأقسام الطوارئ والعناية الفائقة والعمليات الحرجة»، مضيفا أن الأطباء يطالبون برفع أجورهم وتأمين المستشفيات والعاملين بها من الاعتداءات المتواصلة من البلطجية».

ومن جانبه، أكد الدكتور عمرو حلمي وزير الصحة والسكان، وهو عضو سابق في حركة كفاية المعارضة، أن العمل بالمستشفيات سيسير بشكل طبيعي خلال فترة إضراب الأطباء، قائلا إن «الوزارة ستتعامل مع إضراب الأطباء بصورة سلمية، ولن يتم المساس بأي مضرب يعتبر أن الإضراب حق له، بشرط ألا تتأثر به الخدمة الصحية المقدمة».

وأضاف الوزير في تصريحات صحافية أمس، أنه تم التنبيه على مديري المديريات والهيئات التابعة للوزارة والمستشفيات التابعة لها باستدعاء الأطباء الذين تركوا العمل لبلوغ السن القانونية أو من يقومون بإجازات، للوجود بالمستشفيات خلال فترة الإضراب.

إلى ذلك، دخل آلاف من المهندسين التابعين لتيارات سياسية مختلفة، وأغلبهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، في اعتصام مفتوح داخل مقر نقابة المهندسين بوسط القاهرة، مطالبين بإنهاء الحراسة القضائية على النقابة وإجراء الانتخابات النقابية.

وقطع المهندسون طريق شارع رمسيس في قلب العاصمة المصرية، مما تسبب في شلل تام في حركة المرور، وردد المهندسون هتافات «يا مشير يا مشير أنت وعدت بالتغيير».

وحسب حسن عيد، أحد المشاركين في الاعتصام، أكد أن المهندسين يعتصمون بكل أطيافهم للمطالبة بطرد الحارس القضائي من النقابة وسرعة إجراء الانتخابات النقابية المتوقفة منذ 15 عاما. وقال عيد لـ«الشرق الأوسط» إن «المهندسين يريدون تحرير نقابتهم وتطهيرها من فلول الحزب الوطني المنحل».

يأتي هذا فيما أعلن الدكتور هشام قنديل، وزير الري والموارد المائية، مساء أول من أمس (الجمعة) عن تشكيل لجنة تتكون من 7 أعضاء لتتسلم النقابة من يد الحارس وإجراء الانتخابات.

وفي السياق ذاته، نظم ائتلاف أمناء وأفراد الشرطة وقفة احتجاجية أمام وزارة الداخلية، للمطالبة بوقف ما سموه «إهدار كرامة الشرطة». وأكد المشاركون في الوقفة أن هناك حملة شرسة يقف وراءها الكثير من الخارجين على القانون لهدم جهاز الشرطة وخلق حالة من الانفلات الأمني في الشارع المصري من أجل تحقيق أهدافهم المشبوهة.

كما قرر أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية تنظيم مسيرة حاشدة لمقر مجلس الوزراء اليوم (الأحد) لعرض مطالبهم، عقب مؤتمرهم العام بنادي تدريس جامعة القاهرة.

وقال أحمد سامي، مدرس مساعد الأدب الفارسي بجامعة عين شمس، لـ«الشرق الأوسط» إن «سقف التصعيد مفتوح، وإنه في حال عدم الاستجابة لمطالبنا المتمثلة في حل أزمة القيادات الجامعية وتحسين الأوضاع المالية ووضع ميزانية للجامعات والبحث العلمي، سوف يتم الدخول في إضراب مفتوح عن العمل داخل الجامعات في أول يوم من العام الدراسي الجامعي المقرر له 1 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».