3 قتلى وأكثر من ألف مصاب.. وقوات خاصة مصرية تخلي 6 من موظفي السفارة الإسرائيلية

تفعيل الطوارئ حفاظا على الهيبة ونفي استقالة شرف > السفير السعودي ينفي تعرض أحد من منسوبي السفارة لأي إصابات > وفاة جندي مصري سادس متأثرا بجراحه إثر الاعتداء الإسرائيلي الشهر الماضي

مصريون يصعدون طوابق العمارة باتجاه مقر السفارة الاسرائيلية بالقاهرة (إ.ب.أ)
TT

قالت السلطات المصرية، أمس: إنها تعتزم محاكمة أولئك الذين حرضوا أو شاركوا في أعمال العنف التي استهدفت السفارة الإسرائيلية في القاهرة مساء أول من أمس، مؤكدة أنها ستتخذ إجراءات رادعة للحفاظ على الأمن، ردا على أحداث «الجمعة» التي أسفرت عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 1049 آخرين، ودفعت بالبعثة الإسرائيلية إلى مغادرة القاهرة.

وعقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد منذ تنحي مبارك عن الحكم في فبراير (شباط) الماضي، اجتماعا طارئا، أمس، مع مجلس الوزراء. وأعلن وزير الإعلام، أسامة هيكل، في بيان له عقب الاجتماع، أن مصر تتعرض لمحنة تهدد كيان الدولة ككل، وأنه سيتم اتخاذ إجراءات رادعة، مضيفا أن البعض استغل ضبط النفس من جانب الأمن وحاول استفزازه، وأن ما حدث كان خروجا عن القانون ولا يمكن وصف من ارتكب ذلك بأنهم شرفاء؛ لأنه أضر بصورة مصر ومكانتها الدولية ولا يمكن السكوت عليه.

وأعلن هيكل عدة إجراءات وقرارات تم اتخاذها خلال الاجتماع، أهمها: إحالة المقبوض عليهم ومن يثبت بحقهم المشاركة والتحريض في الأحداث، وعددهم 38، إلى محكمة أمن الدولة طوارئ، وتفعيل قانون الطوارئ للحفاظ على الدولة وهيبتها، واتخاذ إجراءات رادعة ضد المظاهرات التي تعطل حركة العمل.

وأكد هيكل التزام مصر بجميع التزاماتها الدولية وبتأمين جميع البعثات الدبلوماسية، مناشدا جميع القوى السياسية والإعلامية تحمل مسؤوليتها أمام ظاهرة الانفلات الأمني والأخلاقي.

تأتي تلك القرارات بعد تظاهر آلاف المصريين مساء أول من أمس الجمعة أمام السفارة الإسرائيلية في القاهرة؛ حيث قاموا بتكسير الجدار الخرساني الذي أقامته السلطات المصرية لحماية البرج السكني الذي يقع فيه مقر السفارة، مطالبين بطرد السفير الإسرائيلي، ردا على مقتل 5 جنود مصريين بنيران مروحية إسرائيلية كانت تطارد مسلحين عند الحدود المشتركة الشهر الماضي.

ونجح 4 من المتظاهرين في تسلق المبنى، ونزعوا العلم الإسرائيلي وأحرقوه للمرة الثانية، ووضعوا مكانه العالم المصري. كما وصل هؤلاء إلى مدخل السفارة؛ حيث تمكنوا من دخول مخزن تابع للسفارة في الطابق الـ18، وألقوا منه آلاف الوثائق التي قالوا إنها تتضمن بيانات سرية عن أرصدة بنوك، وتعاملات مع الحكومة المصرية.

وجرت اشتباكات عنيفة بين عدد من المتظاهرين وقوات الأمن التي حاولت تفريق المتظاهرين عن طريق إلقاء قنابل الغاز المسيلة للدموع، واستمرت المواجهات حتى فجر السبت، وامتدت إلى محيط السفارة، التي تقع بجوارها مدرية أمن الجيزة والسفارة السعودية.

وقال الدكتور عبد الحميد أباظة، مساعد وزير الصحة للشؤون الفنية والسياسية: إن محصلة أعداد المصابين بالأحداث التي وقعت الجمعة أمام السفارة الإسرائيلية ومديرية أمن الجيزة وصلت إلى 1049 مصابا و3 حالات وفاة، موضحا أن جميع الحالات مستقرة وأن الإصابات بسبب التزاحم والتراشق وسقوط أجزاء من السور الذي تم تدميره واستخدام القنابل المسيلة للدموع.

وأعلن مصدر أمني أن إجمالي أعداد المصابين بين صفوف قوات الأمن المركزي جراء الاحتكاكات بين المتظاهرين بلغ 46 شرطيا، من بينهم 40 مجندا و4 ضباط، كما تم تحطيم وإحراق 57 سيارة تابعة للشرطة والأهالي.

وقال مصدر أمني رفيع المستوى بوزارة الداخلية المصرية لـ«الشرق الأوسط»: إنه تم القبض على 17 شخصا من جنسيات مختلفة أثبتت التحريات تورطهم في الأحداث وجارٍ التحقيق معهم.

من جهته، نفى السفير السعودي لدى مصر، أحمد قطان، تعرض أحد من منسوبي السفارة لأي إصابات جرَّاء الأحداث، مشيرا إلى أن مندسين بين المتظاهرين حاولوا إحراق السفارة السعودية لدى مصر، التي تقع على مقربة من مقر السفارة الإسرائيلية، لكن قوات الأمن المصرية تصدت لهم بكل قوة. وأضاف قطان أنه تم احتراق سيارة تابعة للسفارة السعودية في حين أصيبت سيارة ثانية بتلفيات.

ونتيجة لتدهور الحالة الأمنية، غادر أغلب الرعايا الإسرائيليين مصر على متن طائرتين عسكريتين أقلعتا من مطار القاهرة فجر السبت، من بينهم السفير الإسرائيلي لدى مصر إسحاق ليفانون.

وروى مصدر أمني بوزارة الداخلية المصرية لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل إجلاء 6 من حراس السفارة الإسرائيلية، كانوا موجودين داخلها، عند نجاح المتظاهرين في الوصول إلى الطابق الـ18 أسفل السفارة ودخولهم مخزن المستندات الورقية وإلقائها.

وقال المصدر: إنه ورد اتصال هاتفي للمجلس العسكري من السفير الإسرائيلي يبلغه بوجود هؤلاء الموظفين، فقامت على الفور قوات خاصة مصرية بالصعود لمقر السفارة، وقاموا بفتح باب السفارة وتمكنت القوات الخاصة من إجلائهم قبل وصول المتظاهرين إليهم؛ حيث تم إنقاذهم بأعجوبة ثم نقلهم إلى المطار وتأمين مغادرتهم. وذلك قبل مغادرة السفير الإسرائيلي بطائرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي برفقة أسرته و70 من أعضاء الجالية الإسرائيلية.

ولم يتبقَّ حاليا في القاهرة سوى الدبلوماسي الثاني، القنصل يتسحاك شونكسي، الذي أعلن مسؤول حكومي إسرائيلي أنه سيتابع مهامه.

في السياق ذاته، أعلن رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، نجيب جبرائيل، وفاة شرطي مصري، أمس، متأثرا بجراح أصيب بها الشهر الماضي في إطلاق نيران إسرائيلية على الحدود، ليرتفع عدد ضحايا هذا الحادث إلى 6 قتلى، وقال جبرائيل في بيان له: إنه المجند عماد عبد الملاك، الذي كان ضمن الجنود والضباط الذين استشهدوا على الحدود، أصيب ونقل إلى المستشفى وأجريت له عدة جراحات لكنه توفي أمس.

من جهة أخرى، نفى مصدر داخل مجلس الوزراء المصري، لـ«الشرق الأوسط»، قيام رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف بتقديم استقالته احتجاجا منه على التعامل مع الأحداث الجارية، وأن المجلس العسكري رفضها، مؤكدا عدم قيام شرف بتقديم الاستقالة أصلا.

كان التلفزيون المصري الرسمي قد أعلن رفض المجلس العسكري استقالة شرف، قبل أن يقوم بحذف الخبر بعد مرور أقل من 5 دقائق.

وفي السويس، قالت مصادر ملاحية: إنه تقرر تعزيز الإجراءات الأمنية حول السفن الإسرائيلية أثناء عبورها قناة السويس أو اقترابها من الموانئ المصرية عند مدخلي القناة الشمالي على البحر المتوسط والجنوبي على البحر الأحمر بعد أحداث اقتحام السفارة الإسرائيلية.

بينما أكدت مصادر أمنية وشهود عيان من سكان الحدود المصرية - الإسرائيلية أن التحركات العسكرية الإسرائيلية على الحدود مع مصر طبيعية ولم يحدث بها أي تغير، مضيفة أن الإجراءات الأمنية الإسرائيلية والمصرية على الحدود مشددة منذ الهجوم على إيلات الشهر الماضي، مشيرة إلى أن الأوضاع على خط الحدود طبيعية وهادئة.