شهود لـ «الشرق الأوسط»: صوت الرصاص بات محفزا للتظاهر.. والأمن يسيطر على المستشفيات

قالوا إنه لا عودة للوراء.. وأي توقف عن التظاهر سيعرض الشعب «لإبادة جماعية»

TT

«كل من يتحرك بين مدخل مدينة درعا والحدود الأردنية معرض للقتل أو الاعتقال أو الإصابة».. هكذا يلخص شاهد عيان من درعا الوضع في المدينة، بعد 6 أشهر من انطلاقة الثورة السورية، التي كانت درعا شرارتها الأولى. ويؤكد الشاهد في حديث مع «الشرق الأوسط»، أنه «لا عودة إلى الوراء، وأي تقاعس من قبل المحتجين يعني أن الشعب سيتعرض لإبادة جماعية على يد النظام بعد إنهاء الاحتجاجات».

ويتوقف الشاهد، الذي رفض ذكر اسمه خوفا من الاعتقال، عند محطة فاصلة في المدينة، يقول إنها بدأت حين بادر سكان القرى التابعة لدرعا بإنزال صور أمين عام حزب الله حسن نصر الله من جدران غرفهم، بعيد إلقائه خطاب يوم القدس في آخر جمعة من شهر رمضان الفائت، ونقلها إلى الساحات العامة حيث تم حرقها بشكل جماعي. ويقول «قبل خطاب يوم القدس الذي أكد فيه نصر الله أن النظام يتعرض لمؤامرة، متجاهلا الوقائع والدم الذي يسفك يوميا، تغيرت صورته في نفوس السوريين. فقد كان السوريون يعتبرونه مرجعا مقاوما، مقاتلا في سبيل الحق، ومدافعا عن المظلومين، لكن بعد الخطاب، كشف عن دعمه المطلق للنظام والظلم، فعمد الأهالي إلى حرق الصور في الساحات في أطول احتجاج استمر منذ منتصف الليل حتى ظهر اليوم الثاني».

ويعاني سكان المدينة من ضغوط أمنية كثيرة، إذ يصعب على أبنائها زيارة دمشق من غير أن يكون الزائر طالبا جامعيا أو يحمل بطاقة عسكرية. ويعلل الشاهد هذا الأمر بأن «خزان الشوارع التي شهدت احتجاجا في دمشق، هم درعاويون».

الوضع في درعا يشبه الحال في الكثير من المدن السورية التي تتظاهر من دون توقف منذ أشهر. ويقول شاهد آخر من حمص إن جدار الخوف في سوريا سقط «ففي اللحظة التي تنقطع فيها الكهرباء والاتصالات الجوالة، إيذانا ببدء عملية أمنية في المدينة، ينزل الناس إلى الشوارع بأعداد كبيرة، نسوة وشيوخا وأطفالا، ويهتفون ضد النظام»، لافتا إلى أن «صوت الرصاص بات محفزا للتظاهر، في أكبر عملية تحد للنظام والشبيحة والقوات العسكرية التي تشهد انشقاقات كبيرة». وأضاف «للأسف، الشبيحة يقتلون بدم بارد، ويتباهون بأعداد ضحايا الذين يسقطونهم، حتى إنهم يتباهون بقدرتهم على رمي قذائف (آر بي جيه) على المنازل وإدخالها من نوافذ الحمامات الضيقة».

لكن رغم شجاعة السوريين الذين يتحدون الأمن ويختارون النزول إلى الشوارع، فإن عدد ضحايا الاحتجاجات يزداد بسبب إحجام المصابين عن التوجه إلى المستشفيات خوفا من الاعتقال. ويشير الشاهد نفسه إلى أن المستشفيات «تسيطر عليها القوى الأمنية التي تسجل أسماء المصابين وتجمع المعلومات عنهم بغية ملاحقتهم». ويضيف أن «عددا كبيرا من الأطباء الأحرار قد اعتقل، منعا لأي جهود طبية تسهم في إنقاذ متظاهرين مصابين عاجزين عن الوصول إلى المستشفيات».

ويحاول عدد من سكان القرى الحدودية مع الأردن والعراق ولبنان والأردن العبور في الوديان المشتركة، بغية التمكن من الوصول إلى مستشفيات تعالج المصابين. ويؤكد الشاهد الطبيب لـ«الشرق الأوسط»، أن معظم «الإصابات التي يتعرض لها المتظاهرون بالغة، كون إطلاق النار يتم من أسلحة متوسطة، مثل (رصاص 12.7) الموجود سلاحه على أبراج الدبابات، وتستطيع الرصاصة أن تخترق الجسد وتتمتع بامتيازها الحارق والمتفجر لدى ملامسة الأجسام».