تفعيل قانون الطوارئ يثير مخاوف القوى السياسية في مصر حول مستقبل الحريات

مداهمة مكتب قناة «الجزيرة مباشر مصر» ومصادرة أجهزة البث الخاصة بها * وزارة الإعلام: الإغلاق اقتصر على شركة تؤجر مقرها من الباطن

TT

في وقت أبدت فيه قوى سياسية مصرية مخاوفها من قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بشأن تفعيل قانون الطوارئ، بداعي مواجهة الانفلات الأمني والحفاظ على هيبة الدولة، معتبرة إياه قيدا على حرية الرأي والتعبير التي قامت من أجلها ثورة 25 يناير، قالت قناة «الجزيرة» الفضائية القطرية، إن السلطات المصرية قامت بمداهمة مكتب قناة «الجزيرة مباشر مصر»، وصادرت أجهزة البث الخاصة بها، كما تم القبض على مهندس يعمل بها.

وقرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد منذ تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير (شباط) الماضي، أول من أمس، إحالة نحو 40 شخصا ممن ثبتت مشاركتهم وتحريضهم على أحداث اقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة، وأعمال العنف التي تلتها، إلى محكمة أمن الدولة طوارئ، كما قرر تفعيل قانون الطوارئ للحفاظ على الدولة وهيبتها، واتخاذ إجراءات رادعة ضد المظاهرات التي تعطل حركة العمل.

وقال وزير العدل المستشار محمد عبد العزيز الجندي، إن تفعيل قانون الطوارئ يعني استخدامه في مواجهة ما تمر به مصر من عمليات فوضى وبلطجة، مؤكدا أنه لكي يتم التصدي لأعمال البلطجة لا بد من اتخاذ الإجراءات القانونية المتاحة بكل حزم، بما في ذلك قانون الطوارئ.

ويُطبق قانون الطوارئ في مصر منذ 30 عاما، وتحديدا منذ اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981. وفي 12 مايو (أيار) 2010، صادق البرلمان على تمديد القانون لمدة عامين آخرين، لكن حكومة النظام السابق تعهدت بعدم تطبيقه إلا على حالتي الإرهاب ومكافحة المخدرات، غير أن المعارضة آنذاك كانت تؤكد أنه يهدف إلى قمع الحريات. وحذر حزب الحرية والعدالة (التابع للإخوان المسلمين)، من استغلال أحداث الانفلات الأمني في حادث السفارة لتقليص الحريات، وقال الحزب في بيان له: «نرفض أي محاولة لتوظيف واستغلال الأحداث لفرض أحكام عرفية أو تضييق هامش الحريات أو تعطيل استحقاقات المرحلة الانتقالية».

كما رفض بيان لـ«اتحاد شباب الثورة»، الإعلان عن تفعيل قانون الطوارئ، واعتبره خطوة للوراء، لا تبررها أعمال البلطجة الذي تأتي نتيجة لقصور أمني وليس قانونيا، وقال: «في حال تطبيق هذا القانون الغاشم الذي قمع الحريات في مصر لعقود طويلة بنفس الحجة، لن يفرق بين بلطجي أو ناشط سياسي أو ثوري، وسيكون سلاحا لإجهاض الثورة».

وبعث الناشط السياسي وائل غنيم، برسالة إلى المشير طنطاوي، طالبه فيها بالإعلان بشكل سريع عن جدول زمني لتسليم السلطة بشكل كامل، والتدخل لإعادة بناء المنظومة الأمنية على أساس من احترام حقوق الإنسان، وإعادة الثقة مرة أخرى مع جموع شباب الثورة الغاضب بسبب استمرار المحاكمات العسكرية للمدنيين»، مؤكدا أن استمرارها يمثل إهانة لثورة قامت في الأساس ضد قمع الحريات والتعامل مع المواطنين في ظل قوانين استثنائية تنال من حقوقهم. وأعلنت قناة «الجزيرة» أمس، قيام السلطات المصرية بمداهمة قناة «الجزيرة مباشر مصر» ومصادرة أجهزة البث الخاصة بها، وأنه تم القبض على مهندس البث إسلام البنا، بداعي بث القناة دون تصريح ومخالفة للقانون، لكن القناة أكدت أنها تواصل بثها من العاصمة القطرية الدوحة.

وقال إسلام لطفي محامي القناة، إن «شكاوى جاءت إلينا من اتحاد الإذاعة والتلفزيون بداعي أننا نعمل من دون ترخيص، وأن هناك شكاوى إزعاج من السكان المحيطين بمكتب القناة»، مؤكدا أن القناة هي إحدى شبكات «الجزيرة» المرخصة أصلا.. «كما أنها تقدمت بالفعل بطلب ترخيص لاتحاد الإذاعة والتلفزيون منذ أربعة أشهر، ولم يتم البت فيه». وقال لطفي إنه «سيتم مقاضاة الاتحاد على هذه المماطلة وعلى التشويه المتعمد للسمعة»، موضحا أن القناة لم تتسلم أي وثيقة أو أي قرار مكتوب يتعلق بإغلاق القناة التي لديها موافقات من ثلاث جهات رسمية مصرية هي مدينة الإنتاج الإعلامي و«نايل سات» وهيئة الاستثمار. ونفت وزارة الإعلام المصرية أن يكون قد تم إلغاء مكتب قناة «الجزيرة مباشر مصر» أو مكتب «الجزيرة الدولية» بالقاهرة، حسبما تردد أمس، مؤكدة أنهما لم يتعرضا للإغلاق كما تردد، ويمارسان نشاطهما الإعلامي بكل حرية نظرا لحصولهما على ترخيص مسبق بالعمل داخل مصر وفقا للقوانين المصرية.