جندي أميركي سابق من نيويورك: تعلمت التواضع منذ هجمات 11 سبتمبر

بعد عقد من خوض بلاده حربين

زاك اسكول من مشاة البحرية الأميركية
TT

عندما قرر زاك إيسكول الانضمام رسميا إلى مشاة البحرية الأميركية (المارينز)، يوم 11 أغسطس (آب) 2001، لم يكن يتخيل هذا الشاب أن بعد شهر بالضبط ستدخل بلاده مرحلة تاريخية مفصلية تشهد عقدا من الحرب يشارك فيها أكثر من 5 ملايين أميركي. كما أنه لم يتخيل أن المدينة التي ولد وترعرع فيها (نيويورك)، ستكون موقع الحدث الأمني الأبرز الذي سيحدد مسار بلاده السياسي والأمني. فإيسكول كان قد تخرج للتو من جامعة كورنيل، وكان قد قرر أنه يريد الانضمام إلى «المارينز» لخدمة بلاده، لكنه كان يتوقع أن يقوم بمهمات مثل مساعدة ضحايا الزلازل، أو دورات تدريبية في دول حليفة، مثل إيطاليا أو كوريا الشمالية، إلا أن كل ذلك تغير بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، ليكون إيسكول في «المارينز» خلال أكثر السنوات صعوبة في حربي أفغانستان والعراق، ويخرج من الخدمة العسكرية من دون الخروج بنتيجة حاسمة للحربين، أو لموقع الولايات المتحدة في العالم، في إطار التغيرات الاستراتيجية والسياسية خلال تلك السنوات. إلا أن إيسكول يعتقد أن هناك دروسا مهمة تعلمها كجندي سابق، وتعلمتها بلاده بشكل عام أيضا، وعلى رأسها درس «التواضع». وتحدث إيسكول مع «الشرق الأوسط» عن تجربته في حوار خاص بمناسبة مرور 10 سنوات على هجمات 11 سبتمبر، في وقت يتأمل الأميركيون فيه ما حدث خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين.

وهناك جيل من الشباب الأميركي نضج خلال السنوات العشر الماضية، لتتبلور هويته تحت ظل تطور هوية بلاده كبلد تخوض حربين على الأرض في أفغانستان والعراق، وحرب أطول هي حرب فكرية ضد المتطرفين المعارضين للولايات المتحدة. وبينما يسمى هذا الجيل بـ«جيل 11 – 9»، وهو تاريخ وقوع هجمات 11 سبتمبر 2001 الذي يقول البعض إنه حدد هوية الجيل الأميركي مع بداية القرن الجديد. وربما هذه التسمية استخدمت بشكل أكبر على شباب نيويورك، الذين أصبحت مدينتهم موقع الهجوم الأكبر في الولايات المتحدة منذ هجوم ميناء بيرل هاربر، الذي أدخل الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية. إلا أن إيسكول لا يعتقد أن تسمية «جيل 11 - 9» يمثل كل الجيل الأميركي، مثلما كان «جيل الحرب العالمية الثانية» أو «جيل حرب فيتنام»، حيث أثرت هاتان الحقبتان من التاريخ على كل الأميركيين بشكل أو آخر، خاصة أن الخدمة العسكرية كانت إلزامية حينها. بل يشرح إيسكول أن «الانضمام إلى جيل 11 - 9 إما بناء على تجربة خاصة ومباشرة بما حدث، أو بشكل طوعي وباختيار المرء أن يربط نفسه بهذا الجيل». وأوضح إيسكول أن «الأميركيين الذين انضموا إلى الجيش، أو وزارة الخارجية، أو المنظمات الإنسانية أو غير الحكومية المرتبطة بما تقوم به البلاد لمواجهة من وقف وراء 11 سبتمبر، هم جزء من هذا الجيل». وأضاف: «لا شك أن هناك روابط بين كل هؤلاء المتأثرين من جراء الهجمات أو السياسات التي تبعتها». وأردف قائلا: «الانتظار في طوابير أطول في المطار، والخضوع إلى عمليات تفتيش أوسع في المطارات الأميركية لا يجعل الأميركيين بشكل عام مرتبطين بجيل 11 - 9»، إلا أن إيسكول لفت أيضا إلى أن «الغالبية العظمى من الأميركيين غير مرتبطين بشكل شخصي بما حدث». ولفت إيسكول إلى أن «هناك شعورا عاما في الولايات المتحدة بالانقطاع عن الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة، فلا يشعرون بأن بلادهم تخوض حربا، لأن حياتهم اليومية لم تتأثر». وأضاف أن عوامل عدة، مثل عدم وجود خدمة عسكرية إلزامية، أو فرض ضرائب خاصة بالحرب، وخوض الحرب بعيدا عن الأراضي الأميركية، كلها أسهمت بجعل غالبية الأميركيين غير واعين بالتأثير الكبير للحرب الجارية على بلادهم.

وقضى إيسكول السنوات الثلاث الأخيرة وهو يعمل على مشروع تسجيل فيلم وثائقي عن فترة مشاركته في حرب العراق وما لحقها، إلا أن الأمر أصعب مما كان إيسكول يتصور للوهلة الأولى. وقال: «اعتقدت أنه مشروع سيستغرق 3 أو 6 أشهر على أقصى تقدير، ولكن اكتشفت أنه أصعب بكثير»، موضحا: «أصعب شيء أنني لا أعلم كيف ستنتهي القصة في العراق». ولكنه في الوقت نفسه يقر بأنه «لا توجد نهاية واضحة» لأي من التطورات، إذا كانت في العراق أو الولايات المتحدة، فالتاريخ يواصل سيره ولا توجد نقطة «نهاية» واضحة.

وردا على سؤال حول ما كان يتمناه إيسكول أن تفعله الولايات المتحدة بشكل مختلف في إحياء ذكرى هجمات 11 سبتمبر، قال: «أتمنى لو كان هناك يوم لتذكر كل ضحايا تنظيم القاعدة والإرهاب، ليس فقط الأميركيين، بل من كل أنحاء العالم». وأضاف: «لو استطعنا تذكر كل الضحايا وإشراك العالم في هذه اللحظة، بدلا من التأمل الداخلي، لجعلنا هذه الذكرى تجمعنا مع الآخرين وتفتح جسور التواصل بدلا من عزلتنا».

وإيسكول الذي كان خارج نيويورك في رحلة صيد في كندا يوم وقوع هجمات 11 سبتمبر، قرر أن يكون خارج نيويورك مجددا يوم أمس، خلال إحياء الذكرى العاشرة للهجمات. وبينما قرر اصطحاب خطيبته إلى سان دييغو، على الساحل الغربي الأميركي، قال «نحيي الذكرى بطريقتنا وفي مكان خاص». وأضاف: «من المهم أن نقف في هذه اللحظة ونتذكر الذي قتلوا وضحوا، ليس فقط في الولايات المتحدة بل حول العالم».