دول الخليج تطالب دمشق بالوقف الفوري لآلة القتل وإراقة الدماء

الإعلان عن برنامج اقتصادي لدعم الأردن والمغرب تمهيدا لإنضمامهما للمنظومة الخليجية

وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي خلال لقائهم في جدة أمس (رويترز)
TT

كشف عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، لـ«الشرق الأوسط»، عن اتفاق خليجي حول بنود المبادرة العربية الموجهة إلى النظام السوري، والتي سيتم طرحها في القمة العربية في الأيام القادمة، في إشارة إلى عدم إمكانية طرح مبادرة خليجية بديلة في الوقت الحالي، مؤكدا في نفس الوقت أن الوضع السوري شغل حيزا كبيرا من فعاليات المؤتمر، جاء ذلك خلال اجتماع وزراء الخارجية في مجلس التعاون الذي عقد أمس في مدينة جدة بحضور وزيري خارجية دولتي الأردن والمغرب.

كما أعلن الزياني عن برنامج اقتصادي تنموي مدته 5 سنوات لدعم الأردن والمغرب، في وقت تم التحفظ عن قيمة الدعم وموعد الانضمام الرسمي، وذلك لارتباطه بانتهاء عمل لجنة شكلت من قبل مسؤولين وخبراء من دول مجلس التعاون ومن دولتي المغرب والأردن لتحديد أشكال التعاون الاقتصادي في ما بينها.

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما يتردد من إمكانية طرح مبادرة خليجية لإنهاء نزيف الدم في سوريا، قال الزياني: «إن الوضع السوري يشغل اهتمام القادة في الخليج، ونوقشت حلول ومبادرات ستعلن وفق مبادرة عربية في القمة العربية».

وعما إذا كان هناك تواصل بين قادة مجلس التعاون والنظام السوري أو يمكن وصف العلاقات بالمقطوعة، وخصوصا بعد سحب 3 دول خليجية تمثليها الدبلوماسي في دمشق، اعتبر الأمين العام في جوابه لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك يرجع إلى القادة الخليجيين في التواصل والقطيعة.

وكان المجلس الوزاري قد طالب في بيان وزع على وسائل الإعلام عقب الانتهاء من الاجتماع عن أسفه لاستمرار الأحداث التي تمر بها جمهورية سوريا، والتي نتج عنها سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى المدنيين، وطالب المجلس بالوقف الفوري لآلة القتل، ولإزالة أي مظاهر مسلحة، ووضع حد لإراقة الدماء.

كما تناول الاجتماع مناقشة انضمام الأردن والمغرب تنفيذا لقرار المجلس الأعلى الذي عقد في مدينة الرياض في مايو (أيار) الماضي، وتم الاتفاق على تشكيل مجموعتي عمل من الأمانة العامة للمجلس وكل من الجانبين الأردني والمغربي، تتفرع عنهما لجان متخصصة لدراسة مجالات التعاون والشراكة تمهيدا لرفعها إلى المجلس الأعلى للموافقة عليها من قبل القادة الخليجيين، بحسب تأكيدات الأمين العام في المؤتمر الصحافي، وقد تضمن البيان إقرار برنامج تنمية اقتصادية لمدة خمس سنوات تستفيد منه كل من المملكة الأردنية الهاشمية والمغرب.

وأصدر الوزراء في ختام اجتماعهم بيانا مشتركا قرروا خلاله الاتفاق على تشكيل مجموعتي عمل من الأمانة العامة للمجلس وكل من الجانبين الأردني والمغربي، تتفرع عنهما لجان متخصصة لدراسة مجالات التعاون والشراكة تمهيدا لرفعها إلى المجلس الأعلى. وتضمن البيان رفع توصية لقادة دول المجلس في قمتهم القادمة لإقرار برنامج تنمية اقتصادية لمدة خمس سنوات تستفيد منه كل من المملكة الأردنية الهاشمية والمغرب. وتركز الاجتماع على مناقشة سبل تعزيز علاقات التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي والأردن، تنفيذا لقرار قادة دول المجلس في قمتهم التشاورية التي عقدت في الرياض في مايو الماضي وصولا إلى انضمام الأردن إلى المجلس.

وألقى ناصر جودة وزير الخارجية في بداية الاجتماع كلمة أكد خلالها أن «انضمام الأردن إلى منظومة دول مجلس التعاون الخليجي هو موضوع قديم جديد بسبب التحديات والقواسم المشتركة والتلاصق الجغرافي، علاوة على أن علاقات جلالة الملك الوثيقة والمتينة مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي وشعوبهم كان من الطبيعي والمنطقي جدا أن نطور هذه العلاقة ونطورها بشكل جديد يعكس هذا الواقع وهذه التحديات المشتركة، وهذا الانسجام السياسي والاقتصادي والاجتماعي».

وقال جودة إنه يتطلع للعمل المكثف والمنتظم مع نظرائه وزراء خارجية دول الخليج «للخروج بخطة عمل مشتركة تمكننا من المضي قدما باتخاذ إجراءات المواءمة الإدارية والتشريعية اللازمة، تحقيقا لهذه الغاية في أقرب الآجال، وبحيث نستطيع وضع كل وجه من أوجه التعاون والاندماج موضع التنفيذ حالما ننجز إجراءات المواءمة الضرورية لإنفاذه».

وفي نهاية الجلسات أدلى الوزير جودة بتصريحات صحافية، تحدث فيها عن خطة التنمية الاقتصادية التي ستشمل المغرب، وسنقوم بتشكيل فريق عمل لبحث الخطوات الإجرائية لانضمام الأردن إلى مجلس التعاون.

وحول ما إذا حدد جدول زمني للانضمام قال جودة: «أعتقد أن ما اتفقنا عليه اليوم منطقي جدا، وبرنامج التنمية الاقتصادي الذي سيطبق للبلدين، وكذلك العمل المطلوب، يحث على التطور والسرعة في ذلك».

من جهته قال وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الذي شارك في الاجتماع أيضا إن بلاده «حريصة على علاقة طيبة وتعاون قوي مع دول الخليج»، وأضاف للصحافيين أن «بُعد المسافة الجغرافية بين المغرب والخليج لا يشكل مانعا بوجه إقامة علاقات قوية».

واعتبر الطيب المبادرة الخليجية لدعوة المغرب لها بالدلالات تاريخية وجيوسياسية واستراتيجية، «ولنا هدف مشترك هو أنه في المراحل المقبلة سنبني هذه الشراكة خدمة لمصالح شعوبنا، ونبين لهم على جدية العمل، ولسنا هنا لنقدم بعض الشعارات، وإنما نعطي دفعة قوية لهذه العلاقات، وكذلك مضمون ملموس يمس جميع القطاعات بما فيها تبادل البضائع، تسهيلات تنقل الأشخاص، الحوار مستمر بالنسبة لكل المخاطر التي حولنا، وتسجيل رؤية واحدة بين المجلس والمغرب بالنسبة لهذه التحديات وضرورة العمل المشترك».

وأضاف: «نحن هنا لنعرف إلى أين وصل مجلس التعاون، وأن نعطي الدعوة الكريمة التي لها دلالات وأهمية لشعوب المنطقة، المهم هو الكيفية للتوصل إلى الطريقة لتحقيق الأهداف المرجوة من هذا الانضمام».

ولوحظ أن الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي رئيس الجلسة لم يدلِ بتصريحات مباشرة للصحافيين كما جرت العادة في الاجتماعات الخليجية السابقة، بينما قام أمين مجلس التعاون بالإجابة عن أسئلة الإعلاميين، ونفى عبد اللطيف الزياني أن تكون «خطة التنمية الاقتصادية لا تشمل المغرب، وجميعهم سيشكل لجانا من فرعين لكل دولة، لتحديد أوجه التعاون بين البلدين وبقية دول المجلس».

وأشار الزياني في المؤتمر الصحافي إلى أن المبادرة الخليجية الخاصة باليمن «لا تزال قائمة، ونأمل من جميع الأطراف التوصل إلى اتفاق يحفظ وحدة واستقرار وسلامة واليمن»، والحد من إمكانية حدوث حرب أهلية.

وبالنسبة لليبيا، قال الزياني: «رحبنا بالسيطرة على كل الأراضي، وندعو إلى استتباب الأمن والاستقرار والتسامح وفتح صفحة جديدة. نأمل أن تأخذ ليبيا دورها الطبيعي في المنطقة».

وحول ما يجري في سوريا جدد الأمين العام للمجلس المواقف السابقة المعلنة في هذا الصدد، بينما أكد البيان الوزاري الخليجي على حرص دول المجلس «على أمن واستقرار ووحدة سوريا، وفي الوقت ذاته تعرب عن قلقها العميق من استمرار نزيف الدم وتزايد أعمال العنف واستخدام الآلة العسكرية وتطالب بالوقف الفوري لآلة القتل». وطالبت بوضع حد لإراقة الدماء واللجوء إلى الحكمة والعمل على تفعيل إصلاحات جادة وفورية تلبي تطلعات الشعب والعمل على تطبيق كل بنود المبادرة العربية التي اعتمدها مجلس الجامعة العربية.

وحول التهجم على السفارة السعودية في مصر قال الزياني: «يؤلمنا ما شاهدناه في مصر، وبالطبع نرفض التدخلات الخارجية في الدول العربية لإثارة الفتن»، في إشارة إلى اتهامه بالتدخل الخارجي في عمليات التخريب.