تونس: ترشح 672 لائحة مستقلة لانتخابات المجلس التأسيسي

TT

فتح القانون الانتخابي الجديد أبواب الترشح على مصراعيه أمام التونسيين، وتمكنت أسماء لم تكن تجرؤ في السابق على مجرد التفكير في الترشح لأي محطة انتخابية من الظهور في أكثر من وسيلة إعلامية تونسية، وهي تؤكد ترشحها بصفة مستقلة لانتخابات المجلس التأسيسي.

وبعد الإعلان عن قبول الهيئة المستقلة للانتخابات 1711 لائحة انتخابية بانتهاء مهلة الترشح يوم 7سبتمبر (أيلول) الحالي، تم إسقاط 111 لائحة انتخابية، وتم الإبقاء على 1600 منها استجابت للشروط القانونية المنصوص عليها بالقانون الانتخابي. واتضح من خلال المعطيات المتوفرة أن المرشحين المستقلين يسيطرون على نصيب مهم من تلك اللوائح الانتخابية، وبالتالي يشكلون ثقلا سيكون له وزنه في انتخابات المجلس التأسيسي المقررة يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وتقدر نسبة اللوائح المستقلة بنحو 42.2 في المائة من مجموع اللوائح المرشحة، وهو ما يمثل 678 لائحة انتخابية، بينما تستحوذ اللوائح الانتخابية الحزبية على نسبة 52.8 في المائة من اللوائح أي 845 لائحة انتخابية إضافة إلى 77 لائحة ضمن اللوائح الائتلافية. ولم يتمكن أكثر من 50 حزبا سياسيا معظمها رأى النور بعد ثورة 14 يناير (كانون الثاني) الماضي، من تقديم أية لائحة انتخابية وهو ما فتح جدلا سياسيا حول جدوى الترخيص لبعض الأحزاب.

وفي قراءة للوائح المستقلين يتضح أن بعض الفنانين ترأسوا بعضها على غرار المخرجة السينمائية سلمى بكار، التي ترأس قائمة القطب الديمقراطي الحداثي بمنطقة «بن عروس» (تونس الكبرى) ممثلة لحركة التجديد. وقدمت صاحبة فضاء «تياترو» الثقافي ترشحها ضمن لائحة مستقلة تحمل اسم «دستورنا» بالدائرة الانتخابية تونس الثانية. كما تقدمت مجموعة من الأسماء الرياضية لوائح انتخابية في الجهات ومن أبرزهم فوزي البنزرتي، مدرب المنتخب التونسي، وذلك بمسقط رأسه في المنستير، ولاعب الفريق الوطني التونسي صابر بن فرج، الذي رشح نفسه على رأس لائحة المهدية، كما قدم حارس المنتخب التونسي شكري الواعر ترشحه في دائرة تونس الأولى، وكذلك اللاعب ياسين بوشعالة ورئيس النادي الرياضي الصفاقسي الذي ترشح في مدينة صفاقس. وأثارت هذه الترشحات سلسلة من ردود الفعل المتناقضة، فهناك من رأى أن المسألة تكتسي صبغة دستورية وقانونية وبإمكان أي تونسي أن يترشح، وهناك من رأى أن السياسة بعيدة كل البعد عن عالم الرياضة ولم ير خيطا رابطا بينهما.

إلا أن لوائح المستقلين لم تقتصر على الفنانين والرياضيين بل شملت أسماء من الوزن السياسي الثقيل على غرار الشيح عبد الفتاح مورو، وأبو يعرب المرزوقي، ويوسف الصديق.

وقال يوسف الصديق، المرشح عن مدينة أريانة (إحدى مدن تونس الكبرى) لـ«الشرق الأوسط» إن المسألة لا يمكن أن تحمل أي إحراج للسياسيين التونسيين، بل إن الأمر قد يفسر على أساس أنه علامة صحية تختلف فيها الآراء وعلى الناخب التونسي أن يختار حسب برامج تفصيلية واضحة.

ومن ناحيته، اعتبر جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي أن التجاذبات السياسية التي نشطتها الأحزاب السياسية داخل المجلس التأسيسي خلال الأشهر التي تلت الثورة، وعدم الاتفاق على القضايا المصيرية للبلاد هي التي شجعت المستقلين على التقدم لانتخابات المجلس التأسيسي بعد أن فشلت معظم الأحزاب في إقناع التونسيين بوجهات نظرها المتناقضة حول العديد من المسائل.

وحول حظوظ المستقلين في الوصول إلى مقاعد المجلس التأسيسي البالغ عددها 217 مقعدا، قال العرفاوي إن لهم حظوظا وافرة خاصة في الجهات، إذ تلعب مصداقية الأشخاص دورا أساسيا في التصويت لصالح بعض المرشحين على حساب غيرهم. وتوقع أن يكون المستقلون مفاجأة الانتخابات التونسية المقبلة.

إلى ذلك، كشف أحدث استطلاع للرأي حول انتخابات المجلس التأسيسي أن حركة النهضة لا تزال تحتل المرتبة الأولى على مستوى نوايا التصويت، وذلك بنسبة 22.8 في المائة من أصوات التونسيين، ولا تزال المرتبة الثانية محل جدل بين الحزب الديمقراطي التقدمي بنسبة 10.9 في المائة من الأصوات والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بنسبة 9.2 في المائة. وحسب الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة «سيغما» التونسية المتخصصة في مجال استطلاعات الرأي خلال الفترة المتراوحة ما بين 6و9 سبتمبر (أيلول) الجاري، فإن ثلاثة أحزاب تونسية أخرى بإمكانها أن تحصل على نسبة أكثر من 3 في المائة من الأصوات، وهي حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يتزعمه المنصف المرزوقي بنسبة 4.5 في المائة من الأصوات. بينما يتساوى حزب الوطن الذي يقوده محمد جغام (وزير داخلية سابق في نظام زين العابدين بن علي)، وحزب المبادرة بقيادة كمال مرجان (وزير خارجية في عهد بن علي) في نوايا التصويت، وذلك بنسبة 3.1 في المائة لكل منهما.

وكشف الاستطلاع، من ناحية أخرى، عن تفاوت كبير في نوايا التصويت بالنسبة لحركة النهضة، فالنساء لا ينوين التصويت لها في حين أن الرجال يرغبون في التصويت للنهضة وذلك بنسبة 16.83 في المائة للنساء و28.78 في المائة للرجال. وتحظى حركة النهضة بشعبية بين الفئات العمرية المتراوحة بين 30و44 سنة، وتصل نسبة نوايا التصويت حدود 27.8 في المائة إلا أنها تنخفض إلى حدود 19 في المائة فقط في صفوف الشيوخ وكل من تجاوز الستين من العمر.

ويحتل الحزب التقدمي الديمقراطي المرتبة الأولى في الدائرة الانتخابية تونس 2 متبوعا بحزب التكتل وحزب المؤتمر ولا تحتل حركة النهضة إلا المرتبة الرابعة.

وحسب الاستطلاع الذي نشر أمس فإن مجموعة من الأحزاب التونسية الأخرى بإمكانها دخول المجلس الوطني التأسيسي وذلك بحصولها على مقعد واحد على الأقل. ويتعلق الأمر بحزب العمال الشيوعي التونسي (بزعامة حمة الهمامي)، والاتحاد الوطني الحر (بزعامة سليم الرياحي)، والقطب الديمقراطي الحداثي (مجموعة من الأحزاب اليسارية مدعوم بوجوه مستقلة)، بالإضافة إلى حزب آفاق تونس، ولائحة محمد الهاشمي الحامدي.

وبلغة الأرقام، ستحصل حركة النهضة على 80 مقعدا من مقاعد المجلس التأسيسي البالغ عددها 217 مقعدا، وسيحصل الحزب الديمقراطي التقدمي على 40 مقعدا، في حين سيحصل التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات على 30 مقعدا، وبإمكان المؤتمر من أجل الجمهورية الحصول على 16 مقعدا. وفي مقابل ذلك لن تحصل حركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقا وأحد أقدم الأحزاب التونسية) على أكثر من ستة مقاعد في المجلس التأسيسي.