يوكيا أمانو: سوريا أعلنت استعدادها الكامل للتعاون لحل المسائل المتعلقة بموقع دير الزور

مدير عام الوكالة الدولية في رد على سؤال «الشرق الأوسط»: نطمح لخطة عمل حقيقية * دبلوماسي غربي لـ «الشرق الأوسط»: الدعوة تكتيك لشغل الأنظار

مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو لدى حضوره اجتماع في العاصمة النمساوية فيينا أمس (رويترز)
TT

أوضح يوكيا أمانو، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في رد على سؤال من «الشرق الأوسط» أن الوكالة تطمح لخطة عمل حقيقية وليس لمجرد اجتماع روتيني بينها وبين سوريا لحلحلة القضايا العالقة بشأن طبيعة موقع دير الزور «النووي» الذي دمرته إسرائيل بدعوى أنه مفاعل نووي ولم تتمكن الوكالة، لحجر سوري، من التحقق بشأنه.

وكان أمانو قد اقترح في بيان تلاه صباح أمس في مستهل اجتماع دوري لمجلس أمناء الوكالة، أن تعقد الوكالة وسوريا اجتماعا بدمشق بتاريخ 10 و11 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، للاتفاق حول خطة عمل مشتركة تمكن الوكالة من اليقين وقطع الشكوك حول طبيعة موقع دير الزور وما شهده من أنشطة، معلنا أن الوكالة تسلمت من سوريا خطابا بتاريخ 28 أغسطس (آب) الماضي ضمنته رغبتها في تعاون كامل مع الوكالة لحلحلة القضايا التي لا تزال عالقة بخصوص موقع دير الزور.

وقال مدير عام الوكالة، بحسب نص خطاب ألقاه أمام مجلس حكام الوكالة، الذين يعقدون اجتماعا مغلقا حتى الجمعة، إن «سوريا أعلنت أنها مستعدة للتعاون الكامل مع الوكالة بهدف حل المسائل المتعلقة بموقع دير الزور».

وفي هذا الخصوص سألت «الشرق الأوسط» أمانو في مؤتمره الصحافي الذي عقده عقب جلسة الافتتاح في مقر الوكالة بالعاصمة النمساوية، فيينا، عما إذا كان متفائلا أن سوريا ستقبل بالموعد الذي اقترحه، خصوصا أن الحكومة السورية مشغولة بأولويات أخرى، وأن المستقبل قد لا يمكنها من ذلك.. وكان رد أمانو أنه من الصعب توقع ما قد يحدث مستقبلا، مكررا القول إنهم تسلموا من سوريا خطابا يشير إلى رغبتها في التعاون، متمنيا أن يستجيبوا للموعد الذي اقترحه، مشددا على أنه يتوقع تعاونا كاملا يمكن من الحصول على كل المعلومات المتعلقة بالموقع بما في ذلك السماح للمفتشين المصاحبين لفريق الوكالة الزائر بالقيام بكل عمليات التحقق اللازمة ومقابلة كل من له علاقة من المسؤولين، بما في ذلك الحصول على المعلومات كافة المتعلقة بـ3 مواقع أخرى يعتقد أن لها علاقة بموقع دير الزور.

إلى ذلك، تشير متابعات «الشرق الأوسط» إلى أن الرغبة التي أبدتها سوريا في تعاون كامل مع الوكالة بشأن موقع دير الزور تعتبر خطوة جديدة مغايرة تماما للموقف السوري السابق، إذ لم تسمح سوريا للوكالة بغير زيارة واحدة للموقع في يونيو (حزيران) 2008 بعد تدميره في يوليو (تموز) 2007 في غارة جوية إسرائيلية، ممتنعة عن منح الوكالة أي تصريح ثان لزيارة دير الزور أو أي مواقع أخرى باعتبار أن ذلك لم يتفقا عليه وفقا لمذكرة وقعاها مسبقا، مشددة على أن الموقع عسكري ممنوع الاقتراب منه.

من جانبها، كانت الوكالة قد حصلت على معلومات استخباراتية تدعي أن الموقع كان منشأة لمفاعل نووي تحت التشييد بالتعاون مع كوريا الشمالية. وفي هذا الخصوص كان الدكتور محمد البرادعي، المدير العام الأسبق للوكالة، قد أدان إسرائيل لتعديها بالهجوم عسكريا على بلد عضو في الأمم المتحدة، كما انتقد الولايات المتحدة التي تسترت على معلومات ولم تبلغ بها الوكالة إلا متأخرا، رغم قوانين الوكالة التي تلزم الأعضاء بالتبليغ في حالة حصولهم على أي معلومات عن أنشطة سرية للدول أعضاء الوكالة، مؤكدا أن الضربة الإسرائيلية تسببت في تدمير أي أدلة، خصوصا أن معلومات حصلت عليها الوكالة أشارت إلى أن سوريا سارعت بإخفاء ركام المبنى، كما عملت على تشييد مبان إسمنتية جديدة في الموقع.

في سياق مواز، وصف دبلوماسي غربي الدعوة السورية إلى التعاون تعاونا كاملا بأنها مجرد تكتيك ومحاولة لشغل الأنظار، وأضاف قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «لماذا وقتتها حكومة دمشق الآن؟»، مواصلا أن «من مصلحة النظام في سوريا أن يلتزم بتعاون كامل عله يحسن من صورته أمام المجتمع الدولي ولو قليلا»، في إشارة إلى القمع الذي تمارسه السلطات بحق المتظاهرين المناوئين للرئيس السوري بشار الأسد.

من جهة أخرى، كان أمانو قد كرر أمام الصحافيين ما ضمنه بيانه الافتتاحي أمام الأمناء من إشادة بشفافية قال إنها «بقدر كبير وتعاون» أبدته إيران أثناء زيارة أخيرة قام بها إلى طهران نائبه رئيس قسم الضمانات، هيرمان ناكيرتز، دون أن يغفل كذلك تكرار الحديث عن قلقه بشأن أبعاد عسكرية للنشاط النووي الإيراني، خصوصا في ظل ما وصفه بإصرار طهران على مواصلة تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، متسائلا عن حاجة إيران إلى زيادة إنتاجها من غاز «يو إف6» المستخدم في إنتاج أسلحة نووية.

وفي سياق مواز، قال أمانو إنه قد دعا الأمناء إلى الموافقة على مشروعه المعروض أمامهم بخصوص خطة عمل تهدف إلى تعزيز الأمان النووي تحمل بنودا تحث على إنشاء فرق طوارئ دولية تعاون تلك الوطنية في حال تعرضت أي دولة عضو في الوكالة لحادث أو كارثة نووية، مدللا بفائدة خطته هذه في موقف كالذي تعرضت له فرنسا يوم أمس، مضيفا أن خطة العمل التي جاء التفكير فيها بعد حادث فوكوشيما النووي الأخير في اليابان قد حظيت بنقاش مستفيض من الدول الأعضاء، متوقعا، رغم ما تشهده من اختلاف في الرأي حول بعض النقاط، أن تمنح فرصة القبول والبدء في التطبيق.

في سياق آخر كان أمانو قد ذكر للأمناء أنه وجه الدعوة لعقد منتدى يبحث إمكانية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، معلنا موافقة المندوب النرويجي لدى الوكالة السفير يان بيترسون على رئاسة المنتدى الذي حدد له يوم 21 و22 نوفمبر (تشرين الثاني) القادم في فيينا.