تلامذة سوريا يعودون الأحد إلى مدارسهم التي تحول بعضها إلى معتقلات ومراكز تعذيب

183 طفلا قتلوا منذ بدء الانتفاضة الشعبية.. أبرزهم حمزة الخطيب

لقطة من موقع أوغاريت الخاص بالمعارضة السورية لمظاهرة تندد بأجهزة الأمن
TT

بعد أيام قليلة من المقرر أن يبدأ العام الدراسي في سوريا مع تحديد وزارة التربية يوم الأحد القادم موعدا لانطلاق العام الدراسي في المدارس الحكومية والخاصة، على مستوى كل المراحل الدراسية. ويتساءل ناشطون سوريون عما ستكون عليه «عودة التلاميذ إلى مدارسهم واستئناف الدروس بعد أن تحولت هذه المدارس في الفترة الأخيرة إلى معتقلات ومراكز لتعذيب المتظاهرين السلميين وإذلالهم بقسوة، حتى إن بعضها شهد جرائم وتصفيات مرعبة، خصوصا أن الأطفال والتلاميذ ليسوا غائبين عن المشهد السوري، وهم يعلمون جيدا ما يجري حولهم».

ونشرت مواقع المعارضة السورية على الإنترنت في الفترة السابقة الكثير من أشرطة الفيديو التي تظهر عناصر من الجيش والأمن داخل صفوف مدرسية وهم يقومون بعمليات تعذيب وتنكيل بحق متظاهرين عزل خرجوا بمظاهرات تطالب بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.

ويبين أحد هذه الأشرطة رجلا من عناصر الأمن داخل صف مدرسي في إحدى مدارس مدينة اللاذقية، يجبر المعتقلين على الهتاف للرئيس الأسد ويصفعهم بشكل مهين على رؤوسهم، وهم جالسون على المقاعد المدرسية، وممنوع عليهم رفع رؤوسهم. وفي شريط آخر تبدو مجموعة من عناصر الجيش داخل صف مدرسي وهم يتحلّقون حول معتقل، رفعوا قدميه في الهواء ليتناوبوا على ضربها بالسياط والعصي بقسوة شديدة.

ويقدر ناشطون سوريون عدد الأطفال الذين قامت أجهزة الأمن السورية بقتلهم بما يقارب 183 طفلا، موثقين حسب الاسم والمدينة ومقاطع الفيديو في بعض الأحيان، و«معظم هؤلاء كانوا طلابا يواظبون على الذهاب إلى المدرسة، ولهم أصدقاء وزملاء سيتأثرون بغيابهم، خصوصا مع إدراكهم كيفية قتلهم».

ويتوقع ناشطون أن يمتنع أهالي التلاميذ في بعض المحافظات السورية عن إرسال أولادهم إلى المدارس، «لا سيما في المدن التي شهدت الكثير من الدمار على يد آلة النظام الوحشية كحمص ودرعا ودير الزور وإدلب وريف دمشق»، إذ يخشى الأهالي - كما يقول الناشطون – في هذه المدن التي لا يتوقف أهلها عن التظاهر على أولادهم من رصاص قوات الأمن التي تطلق النار عادة بشكل عشوائي كلما خرجت مظاهرة مطالبة بالحرية وإسقاط النظام.

ويقول أحمد (14 عاما) وهو الأخ الأصغر لأحد الناشطين الذين اعتقلوا منذ شهرين في مدينة ريف دمشق: «كيف سأذهب إلى المدرسة وقد اعتقلوا أخي منذ مدة ولا نعرف شيئا عنه؟». ويتابع: «أمي تريدني أن أتابع دروسي وألتحق بالمدرسة بشكل طبيعي، لكنني لا أستطيع أن أتقبل الفكرة، خصوصا بعد أن شاهدت فيديوهات لعمليات تعذيب تجري داخل المدارس، وقد يكون أخي يتعرض لأساليب التعذيب ذاتها في إحدى المدارس».

ويشير أحمد، الذي خرج في مظاهرتين من أحد مساجد المنطقة التي يقطن فيها، إلى أن معظم أصدقائه في المدرسة يشاطرونه هذه المشاعر، من دون أن يستبعد بحماس شديد أنه «لو ذهبنا إلى المدرسة قد تخرج بمظاهرة من داخل الصف وندعو لسقوط النظام». ولم ينسَ الشعب السوري بعد، بصغاره وكباره، التلميذ حمزة الخطيب الذي أقدم نظام الأسد على تعذيبه بوحشية وسلخ جلده وصولا إلى قطع عضوه الذكري.

ويؤكد باحثون متخصصون في المجال التربوي أن «التعليم في مرحلة ما بعد بشار الأسد سيختلف كليا، ومن أول المتغيرات التي ستحصل إلغاء مادة التربية القومية الاشتراكية، لأنها لا تتحدث عن القومية والاشتراكية إلا لكي تمجد الأسد الأب ومن بعده الابن وتعدد إنجازاتهما الفارغة».

ويضيف أحد الباحثين لـ«الشرق الأوسط»: «لا بد من إلغاء كل مظاهر العسكريتارية التي فرضها نظام الأسد على أنظمة التعليم وشوّه أهدافها، إضافة إلى إلغاء الفساد الذي يستشري بين أساتذة المدارس والجامعات بأساليب مختلفة».

يذكر أن الشرارة الأولى للثورة السورية قامت بإشعالها مجموعة من التلاميذ في محافظة درعا، كتبوا على جدران مدرستهم شعارات ضد النظام، فقامت عناصر الأمن باعتقالهم وتعذيبهم بقسوة، الأمر الذي دفع أهالي المنطقة للخروج بمظاهرات تندد بهذه الممارسات القمعية، لتتمدد المظاهرات في ما بعد نتيجة القمع العسكري من قبل النظام السوري وتشمل كل المدن والقرى السورية.