المجلس العسكري يقر تمديد العمل بقانون الطوارئ حتى يونيو 2012

سياسيون يحذرون من زيادة الاحتقان * مرشحو الرئاسة اعتبروه التفافا * ودعوة لمليونية يوم الجمعة المقبل

جنود من الجيش المصري يحرسون أحد مداخل السفارة الإسرائيلية في القاهرة أمس (أ.ب)
TT

أثار إعلان المجلس العسكري في مصر استمرار العمل بقانون الطوارئ حتى يونيو (حزيران) العام القادم بداعي مواجهة الإخلال بالأمن القومي ردود فعل واسعة. وفي الوقت الذي أبدت فيه القوى السياسية مخاوفها من تمديد العمل بالقانون وأوضحت أن ذلك ينذر بكارثة حقيقية ويصعد من حدة الاحتقان في البلاد، دعا شباب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) لمظاهرة مليونية يوم الجمعة المقبل تحت اسم «جمعة لا للطوارئ»، لمواجهة ما وصفوه بالالتفاف على مطالب الثورة.

وقرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير (شباط) الماضي، أول من أمس، تعديل بعض أحكام قانون الطوارئ لمواجهة حدوث أي اضطرابات في الداخل وكافة أخطار الإرهاب والإخلال بالأمن القومي والنظام العام، وشمل التعديل الجديد بعض الأعمال منها: «البلطجة والاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت وتعطيل المواصلات وقطع الطرق وبث وإذاعة أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة». وأكد اللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة على أن الإخلال بالأمن العام وراء قيام المجلس بتعديل قانون الطوارئ. وأضاف شاهين في تصريحات صحافية أمس أنه تم توسيع دائرة حالات الجرائم التي تطبق فيها الطوارئ لتشمل جريمتي الإرهاب والمخدرات، وذلك نتيجة الظروف الأمنية التي تمر بها البلاد في الوقت الراهن.

وذكر شاهين أن قانون الطوارئ مستمر حتى يونيو 2012، لأن «الحالات التي تحدث حاليا من الممكن إدراجها تحت بند الإرهاب»، مضيفا في تصريح له مساء أول من أمس لإحدى القنوات الخاصة سيتم تطبيق قانون الطوارئ الآن حتى لا نلجأ للاعتقال، وهناك ضمانات كافية لتطبيق قانون الطوارئ.

وأوضح شاهين أن حق الاعتقال للشرطة المدنية قائم، وأن القانون يطبق على البلطجية والخارجين على القانون.

وجاءت إجراءات المجلس العسكري الأخيرة في أعقاب أحداث الاعتداء على سفارة إسرائيل ومقر وزارة الداخلية يوم الجمعة الماضي.

ومن جانبه، أكد الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح المحتمل للرئاسة رفضه القاطع للإجراءات الأمنية الاستثنائية المتمثلة في إعادة تفعيل قانون الطوارئ، والتضييق على المنابر الإعلامية. وأشار في حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي إلى أن للثورة شعبا يحميها ولن يسمح بإجهاضها، مضيفا: «أخشى أن تكون الإجراءات الأخيرة جزءا من سيناريو معد سلفا للالتفاف على الثورة»، محذرا السلطة الحاكمة في مصر من المضي في هذا المسلك.

وأكد الدكتور محمد سليم العوا، المرشح المحتمل للرئاسة، على أنه مهما كان حجم الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد، لا يستدعي هذا أن يتم العمل بالطوارئ مجددا، خاصة أن من أهم أهداف الثورة هو أن يتم إلغاؤه.

وطالب حزب الوفد المعارض بضرورة أن يكون تطبيق قانون الطوارئ في أضيق الحدود وبضمانات تكفل حرية وشرف وكرامة المواطن. ورفضت حركة شباب 6 أبريل استمرار العمل بقانون الطوارئ، وانتقد محمد عادل، المتحدث الرسمي باسم الحركة، لجوء المجلس العسكري إلى أي حلول أمنية، ودعاه إلى احترام التعديلات الدستورية التي صدرت في مارس (آذار) الماضي والتي اشترطت لتجديد قانون الطوارئ طرحه على الشعب في استفتاء عام.

وبينما دعا «اتحاد شباب الثورة» لمظاهرة مليونية يوم الجمعة المقبل تحت اسم «لا للطوارئ» للتأكيد على رفض العمل بالقانون. قال أحمد عبد الجواد عضو ائتلاف شباب الثورة لـ«الشرق الأوسط» إن الائتلاف يدرس المشاركة في المليونية. وأعلن الاتحاد في بيان له أمس رفضه استغلال الأحداث الأخيرة لتشويه صورة الثورة والتهرب من مطالب «جمعة تصحيح المسار» واستخدام قانون الطوارئ أحد الأسباب الرئيسية لخروج المصريين ضد مبارك في قمع الثورة ومحاولة القضاء عليها وبث الهلع والرعب في نفوس الثوار. وقال الدكتور هيثم الخطيب عضو المكتب التنفيذي للاتحاد إن النهج الذي يتبعه المجلس العسكري يثير الشكوك حول مدى جديته في تسليم السلطة للمدنيين، مضيفا: «إن الإجراءات الأخيرة تشبه أسلوب مبارك في إدارة الأزمات»، موضحا أن «ذلك ينذر بكارثة حقيقية». وأضاف عمرو عبد الرحمن عضو الاتحاد لـ«الشرق الأوسط» أن «العمل بالقانون يهدف إلى إيقاف مسار التغيير»، محذرا من تفعيل القانون بقوله: «سوف يصعد من حدة الاحتقان».

إلى ذلك، أكد صفوت جرجس مدير المركز المصري لحقوق الإنسان على أن جميع المصريين يرفضون أي قوانين استثنائية تحد من حريتهم، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «استمرار العمل بقانون الطوارئ هو رد فعل خاطئ على الأحداث الأخيرة وسوف يضيق الخناق على القوى السياسية».

وأشارت ماجدة بطرس الباحثة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى أن تمديد العمل بالطوارئ يدل على تخبط شديد في الحالة السياسية داخل البلاد، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن المصريين ثاروا يوم 25 يناير ضد مبارك وقانون الطوارئ وأسقطهما بإرادة شعبية، ولن يكون لهما عودة من جديد.