علاوي: الشراكة الوطنية تبدو صعبة التحقيق في هذه المرحلة.. والحل هو انتخابات مبكرة

زعيم القائمة العراقية في حديث لـ«الشرق الأوسط»: لا قرار عراقيا بل ما تقرره إيران وأميركا.. والسعودية عمقنا الاستراتيجي

إياد علاوي («الشرق الأوسط»)
TT

يحمل الدكتور إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية وزعيم كتلة العراقية على كتفه أكثر من هم.. وأكثر من مسؤولية.. هم العراق والعراقيين الذي ضحى ولا يزال من أجل إزاحته عن نفوس أهله والمضي بهم إلى بر الحياة الكريمة وفق برامج تؤسس لبناء دولة ديمقراطية حديثة، ومسؤوليات من انتخبه ومنحه صوته من أجل الفوز، وليشكل حكومة بعيدا عن الطائفية والتدخلات الخارجية.. علاوي الذي فازت قائمته (العراقية) في الانتخابات الأخيرة لم يشكل الحكومة بسبب ما اعتبره «تدخلا إيرانيا وأميركيا»، وهو يشرح بإسهاب في حديثه لـ«الشرق الأوسط» خلال تمتعه بإجازة العيد في لندن، تعقيدات العملية السياسية، مؤكدا أن الحل الأنجع هو الذهاب إلى انتخابات مبكرة. وفي ما يلي نص الحوار..

* تحدثتم لـ«الشرق الأوسط» مؤخرا عن ضرورة إجراء انتخابات مبكرة أو سحب الثقة من حكومة نوري المالكي.. ما هو موقفكم اليوم؟

- الموقف لم يتغير.. ما لم تتحقق شراكة وطنية وفق اتفاقيات أربيل. وحسب مبادرة مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، فنحن نعتقد أن أفضل حل لإشكالات الوضع العراقي هو إجراء انتخابات مبكرة يفوز بها من يفوز ويخسر من يخسر.

* هل هناك شروط لهذه الانتخابات المبكرة، أم أنها ستجري وفق ذات الأسلوب والقوانين السابقة؟

- لا.. إذا جرت انتخابات مبكرة، فيجب أن تقوم في ظل أجواء طبيعية وتتمتع بشفافية إلى حد كبير، وفي ظل قانون انتخابات مقبول ومعقول وإقرار قانون أحزاب واضح، ووفق ذلك نذهب إلى انتخابات مبكرة ونزيهة سيقرر فيها الشعب العراقي من يختاره وينتهي الأمر، فهناك من سيرشح وهناك من سينسحب، والمهم هو أن يسقط هذا الطرح الذي يتحدث عن حكومة الشراكة، لأنه يبدو لي أنه من الصعب أن يتحقق في العراق في هذه المرحلة، وتتحمل القوى السياسية العراقية أولا مسؤولية فشل ذلك، والولايات المتحدة الأميركية، ثانيا، وبعض دول الجوار، ثالثا، خصوصا إيران ومواقفها من الانتخابات الأخيرة ونتائجها، وكذلك الانتخابات الماضية.

* ألا تجدون من الغريب أنه بعد أكثر من 8 سنوات على تغيير النظام العراقي السابق لا يزال الحديث يدور حول القرار الإيراني أو الأميركي في تشكيل الحكومة العراقية؟ ألا تستطيع القيادات السياسية العراقية أن تتخذ قرارها بهذا الشأن؟

- لا.. الواضح أن القيادات السياسية العراقية لا تستطيع اتخاذ قرارها، ومن كان يتفاوض على تشكيل الحكومة فقد تفاوض مع إيران وليس مع القادة العراقيين الآخرين حسب ما أخبرني قادة دول عربية وإسلامية كانوا يتحدثون بشكل مباشر مع إيران. كانت الحوارات تجري مع طهران بشكل واضح حول من سيشكل الحكومة وكيف سيكون الحكم في العراق مع أدق التفاصيل. وأذكر أنه في آخر لقاء لي مع الرئيس السوري، بشار الأسد، وكان معي وفد كبير من القائمة العراقية، وقال لي إنه سيذهب لزيارة المسؤولين الإيرانيين وسألني عن موقفنا من تشكيل الحكومة العراقية، وكانت إجابتنا بأن يكون عادل عبد المهدي رئيسا للوزراء، على أن يتحقق ذلك في ظل شراكة وطنية حقيقية، هذا بعد أن تحدث الرئيس الأسد وقال إن إيران ترفض أن تشكل «العراقية» الحكومة وتقف بقوة ضد ذلك، وتهدد بأنه في حال شكلنا الحكومة، ونحن القائمة الفائزة في الانتخابات، فإنها سوف تتسبب في مشاكل كثيرة داخل العراق. الموقف الإيراني استجابت له تماما الإدارة الأميركية، سواء استجابت له حبا أو اضطرارا أو إقرارا بالأمر الواقع.. هذا ما لا أعرفه حتى الآن، لكن ما أعرفه وما هو واضح هو أن قضية العراق لا تزال مرتبطة بهذه المراكز (إيران والإدارة الأميركية).

* تحدثتم عن مبادرة الرئيس بارزاني وأن تتحقق الشراكة الوطنية وفق هذه المبادرة التي تشكلت على أساسها الحكومة، لكن أحدا لا يعرف تفاصيل هذه المبادرة وكأنها سر غامض؟

- لا والله.. هي ليست بسر ولا أدري لماذا لم تنشر بل يجب أن تنشر، وأعتقد أنه آن الأوان لأن تنشر. مبادرة مسعود بارزاني هي مبادرة وطنية بعيدة عن النفوذ الأجنبي، بعيدة عن النفوذ الإيراني، وبعيدة عن النفوذ الأميركي، وكانت مبادرة لتنقية الأجواء أولا، وللوصول إلى اتفاقيات تحقق الشراكة الوطنية، وقد أعقبت مبادرة بارزاني واجتماعات أربيل سلسلة من الاجتماعات التي تحققت في بغداد عقدت بين ممثلي الفصائل السياسية الرئيسية وتم الاتفاق على 9 محاور لم يتحقق أي تقدم على الإطلاق في أي محور منها نهائيا، ولهذا فإن المبادرة وأدت وقتلت بالتسويف والمماطلة وبالرفض وبإيجاد الذرائع المختلفة.

* كيف جرى أو يجري ذلك؟

- تعرفون أنه في العالم كله تقوم الاتفاقيات على عنصرين رئيسيين، نص الاتفاقية وروحها، فإذا كان النص غير واضح والروح واضحة وشفافة، فيمكن التغلب على المشاكل في النصوص والعكس بالعكس. لكن يبدو لي في حالة اتفاقية أربيل كانت روح الحرص على الشراكة الوطنية غير موجودة والأمور مبيتة وكانت النيات لدى الطرف الآخر غير صادقة في هذا الأمر، وعندما تكون النيات غير صادقة وغير واضحة والنية في تحقيق الشراكة غير متوفرة، فلن يتحقق أي شيء حتى لو كان النص واضحا جدا فإن الطرف الآخر يجد ذرائع للخروج عن الاتفاقية.

* في اعتقادكم.. هل هذا ما حدث أيضا في تفسير المحكمة الاتحادية لموضوع الكتلة البرلمانية الأكبر بعد فوزكم في الانتخابات؟

- المحكمة الاتحادية غير مخولة في الإفتاء بمواد الدستور، هذا ليس من حقها فهي ليست محكمة دستورية. المحكمة الاتحادية تشكلت عندما كنت أنا رئيسا للوزراء وأنا من حدد لها صلاحياتها، ولم تكن من بين صلاحياتها الممنوحة أن تفسر أو تفتي بالدستور لسبب بسيط وواضح وهو أن الدستور لم يكن قد كتب وقت ذاك.. لم يكن هناك دستور.

* إذن، المشكلة ليست في نص اتفاقية أربيل وإنما في التفسير أو النيات؟

- لا.. المشكلة في النيات لدى الطرف الآخر، النيات لم تكن مخلصة، ولهذا راحوا ينبشون قصصا غير موجودة وما أنزل الله بها من سلطان، مع أن نصوص الاتفاقية واضحة ولا غبار عليها، لهذا نحن نشك في صدق النيات. واليوم يحلو للبعض أن يسميها مشاكل بين القوى السياسية، هي ليست مشاكل بين الكتل السياسية بل هو اختلاف جذري في البرامج بين القوى السياسية، وهذا الاختلاف في البرامج هو ليس وليد اليوم بل تعود جذوره إلى أيام تشكيل القوى السياسية وإلى أيام المعارضة العراقية، فالبرامج مختلفة والمعطيات مختلفة والعلاقات مختلفة والمنطلقات مختلفة في ظل غياب التجربة، وعجزت المعارضة حينذاك أن توحد نفسها، وتتذكرون أيام المؤتمر الوطني وغيرها، وبالتالي استمرت هذه الاختلافات في البرامج والرؤى وتكرست على صعيد الحكم. نستنج من ذلك أن الثقة لم تكن موجودة، واستمر غياب هذه الثقة بين الأطراف السياسية، وعليه أردنا الشراكة الوطنية أن تكون وفق منطلقات واضحة ورؤى محددة تنطلق من إيماننا بخيارات شعبنا العراقي التي يعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع، وهذه الرؤى تكون بمثابة القاعدة التي قد تبنى على أساسها الثقة وحسن النيات والشراكة الحقيقية، لكن للأسف لم تتحقق هذه الثقة إذ ستمر سنتان على الانتخابات الأخيرة وعلى تشكيل الحكومة ولم نتقدم خطوة واحدة مع أننا وافقنا على المشاركة في الحكومة كتعبير عن حسن النية لتحقيق الشراكة الوطنية والعمل على الملفات الاستراتيجية المهمة على الصعيد السياسي في العراق.

* أنتم اجتمعتم مع رئيس الوزراء رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي برعاية الرئيس جلال طالباني وضمن مبادرته لتحقيق اتفاقات أربيل، هل تحدثتم بصراحة عن هذه المشاكل؟

- الحديث كان صريحا للغاية، وصدر بيان واضح بعد الاجتماع وتضمن 4 نقاط تتعلق بما يسمى بالشراكة الوطنية، وهي نقاط تمهيدية لتحقيق الجوانب الأخرى من الاتفاق، ومن هذه النقاط تحقيق ما يسمى بالتوازن الوطني في الوظائف في دوائر الدولة حيث نعتقد نحن أن يكون هذا التوازن سياسيا وليس طائفيا، فالمعروف عن كتلتنا (العراقية) أنها ضد الطائفية السياسية، وأن يصدر قانون في مجلس الوزراء حسب ما أقره الدستور العراقي، وأن تتم تسمية الوزراء الأمنيين على أساس أن نسمي نحن في «العراقية» وزير الدفاع، وأن تسمي دولة القانون وزيرا للداخلية، وأن يصير إقرار لقانون المجلس الوطني للسياسات العليا، غير هذه النقاط كان تكليف للحكومة بالتفاوض مع الإدارة الأميركية بشأن بقاء قواتهم أو انسحابها نهاية هذا العام، وعرضها على اجتماع قادة الكتل السياسية من أجل إقرارها أو تحويلها إلى مجلس النواب أو رفضها، حتى هذا لم يتحقق فنحن سلمنا الدفعة الأولى من الأسماء المقترحة لوزارة الدفاع منتصف الشهر الماضي، أي قبل الموعد المحدد بيومين وتحدثت مع رئيس الجمهورية عبر الهاتف، وكان في السليمانية، وأخبرته بأننا سلمنا الأسماء لأمانة رئاسة الجمهورية، وسألته عما إذا كانت كتلة دولة القانون (المالكي) قد سلمتهم الأسماء المقترحة لوزارة الداخلية حسب الاتفاق، فقال لا، لم يسلموها حتى ذاك اليوم، وحتى هذه اللحظة لم تسلم هذه الأسماء، غير هذا جرى تعيين وزير للدفاع وكالة وهو سعدون الدليمي من خارج قائمتنا، على عكس الاتفاق الذي جرى بيننا وهو أنه إذا كان ولا بد من تكليف وزير للدفاع وكالة فيجب أن يكون واحدا من وزراء «العراقية» فنحن لنا وزراء في الحكومة ونائب لرئيس الوزراء وهو الأخ صالح المطلك، لكن المالكي تجاوز هذا الموضوع. بغض النظر عمن هو الوزير وكالة لكنه من خارج «العراقية»، وكان المفروض أن يتم البت بأسماء المرشحين لوزارتي الدفاع والداخلية لكن إخفاق دولة القانون بترشيح وزير الداخلية جعلهم يرحلون المشكلة إلى وزارة الدفاع أيضا ولن نقبل بهذا أبدا.

* وماذا عن المجلس الوطني للسياسات العليا؟

- لا نعرف إلى أين وصل الموضوع.

* لكن المالكي قال في تصريحات إعلامية إنه غير مقتنع به؟

- ... هو من يحكم الدولة وهو من يسيرها.

* هل تعتقدون أن الرئيس بارزاني متحمس لتحقيق مبادرته؟

- نعم مسعود متحمس جدا، فهذه بالتالي هي مبادرته، لكن هناك نكوص بسبب ما قلته عن غياب الثقة والنيات الحقيقية في تنفيذ المبادرة، وهذا يقودنا إلى التحذير من مخاطر التوجه إلى الانفراد أكثر بالحكم، وهذا سيؤدي إلى مشكلة معقدة في العراق لأننا في أيام المعارضة كنا قد قررنا سياقين مهمين وهما اللجوء إلى صناديق الاقتراع والتداول السلمي للسلطة واستقلال القضاء وتنفيذ القوانين، ويبدو لي أن هاتين النقطتين غير معمول بهما والحكم يتجه نحو التفرد بالقرار السياسي، وهذا ما نلاحظه على مختلف الصعد، الوزارات، والقرارات، وتنفيذ الاتفاقات والعمل على عكس ما تم إقراره في اتفاقية أربيل.

* هل ينسحب ذلك على اتفاقيات الحكومة الاتحادية مع إقليم كردستان؟

- هناك خلل ليس في العلاقة بين ما يسمى بالحكومة الاتحادية أو المركز وإقليم كردستان فحسب، بل حتى في العلاقة بين المركز في بغداد وبقية المحافظات التي تتجه اليوم لتشكيل أقاليم كما في البصرة والناصرية والعمارة والأنبار والموصل، هذا دليل على أن العلاقة بين المركز والمحافظات غير المرتبطة بإقليم معتلة، وهذا موضوع تم إقراره منذ المعارضة وهو أن تكون العلاقة بين الحكومة المركزية ومجالس المحافظات لا مركزية لحين إنضاج المؤسسات، فنحن ومثلما هو معروف ليس عندنا دولة بعد أن فككت الولايات المتحدة الدولة، عندنا سلطة لا دولة. مثلا؛ استقال مؤخرا القاضي رئيس هيئة النزاهة ولا نعرف الأسباب، هل هو رجل غير نزيه واستقال حتى لا يتورط، وهذا غير معقول كوني أعرفه كرجل ذي كفاءة ونزيه، أم هل هو خائف؟ وخائف من من؟ هل هو عاجز عن إدارة الهيئة، ولماذا؟ هذه الأسئلة تطرح بشكل خاص في ظل نظام سياسي وأداري صار العراق في وقته في مقدمة الدول التي تعاني من الفساد، إذ جاء ترتيب العراق حسب تصنيف منظمة الشفافية الدولية بعد الصومال وأفغانستان، ونحن نعرف أنه ليست هناك دولة في الصومال وأفغانستان، ولو أنه حتى في العراق لا توجد دولة لكن في الأقل هناك تاريخ وإنجازات حضارية وشعبنا يتمتع بإمكانيات فكرية عالية. لهذا فإن هذه المؤشرات خطيرة على مستوى بناء الدولة، مثلا يتحدثون عن الاستقرار الأمني في ظل الاغتيالات اليومية بكواتم الصوت، والاختطاف للمواطنين، شيء مريع وشنيع ويزكم الأنوف، في بغداد وكركوك التي يقتل ويخطف بها خيرة الأطباء، وفي وبابل والديوانية والموصل هناك غياب تام للموضوع الأمني، وغيرها من مدن العراق، والغريب أن أميركا تتحدث عن الأمن المستقر في العراق، حسن.. إذا كان في العراق الأمن مستقرا فلماذا تريدون توقيع اتفاقية أمنية بين العراق وأميركا؟ هذه الأسئلة بحاجة إلى إجابات حقيقية ولا نعرف كيف ستمشي الأمور، وأصبح القائمون على الحكم غير مستعدين لسماع أي نقد، حتى النقد البناء الذي يصب في مصلحتهم.

* وماذا عن الأكراد وإقليم كردستان؟

- يجب أن يكون التعامل مع الإخوة الأكراد بواقعية تامة، وأن تقرر الحكومة هل إن الأكراد عراقيون أم إنهم من شعب آخر وبلد آخر غير العراق؟ وما أسمعه باستمرار من القادة الأكراد، وبخاصة مسعود بارزاني، وجلال طالباني، أن كردستان جزء لا يتجزأ من العراق، وهم عراقيون، وجزء من وحدة العراق. حسن.. إذا كان الأكراد جزءا مهما من الشعب والمجتمع العراقي فلماذا لا يكون هناك تفاهم معهم؟ لماذا نحن عندما كنا في المعارضة انطلقنا بعملنا الوطني ضد النظام السابق انطلاقا من أراضي إقليم كردستان التي استضافتنا باعتبارها جزءا من العراق، واليوم ينظر إلى الإقليم باعتباره غريبا وأن نظامه غريب؟ علما بأن الإخوة الأكراد لهم الفضل الكبير في وصول الحاكم الحالي في العراق (المالكي) لأنهم انحازوا للقرار الذي سمي بالأغلبية التي يمكن أن تتشكل في البرلمان بعد ظهور نتائج الانتخابات، ولهم بالتالي الفضل على المالكي بسبب مواقفهم، لماذا اليوم هناك نزاعات والحكومة تقف في وجه مطالبهم. ثم علينا أن نشير إلى شيء مهم، وهو أن هناك رموزا وطنية في البلد، فبارزاني رمز وطني وطالباني رمز وطني وعمار الحكيم ووالده الراحل عبد العزيز الحكيم هما رمزان وطنيان، ومقتدى الصدر هو رمز وطني، والجعفري رمز وطني وعلاوي رمز وطني وعادل عبد المهدي رمز وطني.. ولا يجوز التهجم على الرموز الوطنية بواسطة الإعلام، وهذا غير صحيح، فهناك فرق بين الانتقاد والتهجم، ولا يجوز حل المشكلات بين جهة وأخرى بهذه الطريقة، ولا يجوز أن تعكس الخلافات والمشاكل إعلاميا على الشعب العراقي، لهذا نرى أن أحد أسباب عدم الاستقرار هو أن تصير الشتائم بواسطة التلفزيونات والإعلام هذا يجب أن يتوقف، ونحن اتفقنا في مبادرة مسعود التي استكملها الرئيس جلال طالباني على إيقاف الحملات الإعلامية، وقد تم الالتزام بهذا الاتفاق لفترة حتى إنني لم أصرح بأي حديث، سواء للتلفزيون أو الصحافة المكتوبة لأكثر من شهر، احتراما لما تم الاتفاق عليه، أما الآن فالهجوم بهذه الطريقة على مسعود والإخوة الأكراد، لا يجوز وهذا لا يخدم الشعب العراقي.

* تحدثتم عن الانتخابات المبكرة، هل هناك اتفاقات معينة بينكم وبين بقية الكتل على هذا الموضوع؟

- ليست هناك اتفاقات محددة، لكن مجريات الأمور في العراق بالتأكيد ستحتم إجراء انتخابات مبكرة.. بالتأكيد.

* انتخابات مبكرة أم سحب الثقة من الحكومة الحالية، أي من الحلين تجدونه أكثر عملية؟

- هما الشيء ذاته، فعندما يتم الاتفاق على إجراء انتخابات مبكرة فهذا يعني أولا سحب الثقة من الحكومة الحالية والذهاب إلى الانتخابات المبكرة.

* هناك من يتحدث عن عودة العراق إلى حكم الحزب الواحد، كيف تجدون هذا الوصف؟

- إذا كان المقصود هو حزب الدعوة فهذا الحزب مناضل، وناضل من أجل قضية الشعب العراقي، وأنا أعرف قياداته السابقة الذين تركوا الحزب، مثل إبراهيم الجعفري وموفق الربيعي، وتربطنا بهم علاقات جيدة، وحتى عندما كانت تحدث خلافات بيننا في العمل السياسي فكنا نبقى نحتفظ بعلاقاتنا، وعندي معلومات ليست عميقة عن القيادات الجديدة، لكننا بالتأكيد عندما نتحدث عن الانفراد فذلك بسبب عدم تنفيذ اتفاقات الشراكة الوطنية، فاليوم عندما نقول عندنا وثيقة تحدد الوزارات التي لـ«العراقية» تبدأ بنائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزارة الدفاع والاتصالات والتربية والعلوم والمالية وغيرها ووزارات «دولة القانون» وتحمل توقيع كبير المفاوضين عن «دولة القانون» وكبير مفاوضي «العراقية» عبد الكريم السامرائي، وزير العلوم والتكنولوجيا، اليوم يقول المالكي إن السنيد لا يمثلنا، هذا هو الانفراد بالحكم، هذا انفراد المالكي وليس حزب الدعوة، فالسنيد، وفي حدود علمي، عضو في حزب الدعوة، وهذا الانفراد مسؤول عنه أشخاص في الحزب وليس الحزب، وهذا خرق للشراكة الوطنية التي أجهضت حسب ما تؤكده الأحداث.

* إلى متى سيستمر التدخل الإيراني في الشأن العراقي؟

- التدخل الإيراني أصبح قويا وواضحا للعيان عندما تحكمت طهران في موضوع تشكيل الحكومة العراقية ووضعت خطا أحمر على علاوي و«العراقية»، كان المطلوب مني أن أذهب صاغرا إلى طهران ليقرروا هناك أن أترأس الحكومة أو لا، وأنا رفضت بقوة وسأبقى أرفض هذا الموضوع لأن الحكومة العراقية يشكلها العراقيون في بغداد. وفي اعتقادي أن أي تدخل خارجي في شؤون أي دولة أخرى لن يستمر، ولربما تنجح إيران في التدخل بالشأن العراقي لسنة أو اثنتين أو ثلاث، لكن الأمر سينهار حتما، لهذا يجب أن تكون العلاقات بين دول المنطقة قائمة على أساس احترام السيادة ومصالح الشعوب من خلال اتفاقيات اقتصادية، وهذا هو الشيء الوحيد الذي يقي المنطقة من الشرور. تدخلت إيران في الشأن العراقي وشكلت الحكومة، وأنا متأكد أن هذا فتح الأبواب أمام آخرين للتدخل في الشأن الإيراني مستقبلا، لهذا نحن ضد التدخل لأنه سيؤدي إلى خلل في العلاقات والتوازن في المنطقة، وهذا ما برهن عنه التاريخ.

* كانت هناك مبادرة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بشأن الوضع العراقي، هل تجدونها فاعلة في الوصول إلى بر الأمان في العراق؟

- لقد تزامنت مبادرة خادم الحرمين الشريفين وجاءت مكملة لمبادرة مسعود بارزاني، التي هي مبادرة وطنية خالصة، ومبادرة خادم الحرمين الشريفين، وهو شخصية عروبية وصاحب أخلاق رفيعة جدا وحريص على العراق، عنده حرص كبير ومحبة خاصة للعراق والعراقيين وأنا أعرفه منذ كان وليا للعهد، ويتمتع بثقل واحترام عربي ودولي، ويجب عدم التفريط في العلاقة معه ومع المملكة العربية السعودية التي تشكل عمقنا الاستراتيجي، ولا مع مجلس التعاون الخليجي وبقية الدول العربية، ومبادرة خادم الحرمين الشريفين تقوم تحت مظلة الجامعة العربية ونراها جيدة، وقد وافقنا عليها عند انطلاقها.