البنك الدولي: الأزمة المالية والتراجع في النمو الاقتصادي يقوضان إنجازات السلطة

قال إن الأداء الحكومي للسلطة أفضل من نظيره في الدول العربية وشمال أفريقيا

TT

استبق البنك الدولي، موعد انعقاد اجتماع لجنة الارتباط الخاصة، على هامش أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 18 سبتمبر (أيلول) الحالي، وهو الموعد الذي يصادف الانتهاء من تنفيذ برنامج السلطة الفلسطينية «إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة»، للتأكيد على التقدم الجوهري الذي حققته السلطة في مجالات الأمن والعدالة وإدارة المؤسسات والتنمية.

وقال البنك الدولي، في التقرير الذي يتفحص ما تم إحرازه من تقدم على صعيد البناء المؤسسي من خلال خطة السلطة الفلسطينية، التي استغرقت مدة عامين، وسيسلم للجنة الارتباط، إنه «تحقق تقدم جوهري على صعيد تنفيذ أهداف هذا البرنامج (برنامج إقامة الدولة) وسياساته، التي تركزت كلها حول هدف بناء مؤسسات دولة قوية». غير أن البنك حذر من «أن بداية أزمة حادة على صعيد المالية العامة الفلسطينية، مصحوبة بنمو اقتصادي آخذ في التراجع، ربما يقوضان الأمل الموعود من إنجازات هذا البناء المؤسسي».

وقال البنك الدولي في أفضل شهادة بحق أداء السلطة: «في المجالات التي يكون فيها الأداء الحكومي أكثر أهمية من غيره، وهي: الأمن، والعدالة، وإدارة الإيرادات والنفقات، والتنمية الاقتصادية، وتقديم الخدمات للمواطنين، فإن المؤسسات العامة الفلسطينية تتفوق في مستوى الأداء على قريناتها في الدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها».

وأضاف التقرير: «لقد أدت المؤسسات الفلسطينية دورا حاسما في التمكين من تحقيق النمو الاقتصادي الإيجابي في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة في السنوات الأخيرة».

لكن البنك الدولي حذر، في المقابل، من أن «حدوث أزمة حادة في المالية العامة الفلسطينية قد يهدد استدامة هذه المكتسبات المهمة».

وجاء في التقرير أنه «على الرغم من أهمية هذا النمو، فإنه كان ولا يزال نموا غير مستدام؛ إذ تقوده معونات المانحين بدلا من أن يقوده القطاع الخاص الآخذ في الانتعاش والنهوض بعد فترة من التعثر، الذي يبقى مكبلا بالقيود الإسرائيلية المفروضة على حرية النفاذ إلى المصادر الطبيعية والأسواق».

وأضاف البنك الدولي: «لقد استمرت السلطة الفلسطينية حتى الآن، في تنفيذ أجندتها الإصلاحية، ولكن الأزمة التي طال أمدها تعرض للخطر المكتسبات التي تحققت على صعيد بناء المؤسسات على مدى السنوات الماضية، بطريقة اتسمت بالاجتهاد والمثابرة».

وقالت مريم شرمن، المديرة والممثلة المقيمة للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة: «في نهاية المطاف، فإن استمرار السلطة الفلسطينية في الإبقاء على مستوى الزخم في عملية الإصلاح لديها، واستدامة ما حققته من إنجازات في مجال بناء مؤسساتها، يتوقفان على انتعاش القطاع الخاص. إذ من شأن ذلك الانتعاش أن يعمل على زيادة حجم الوعاء الضريبي لدى السلطة الفلسطينية، وأن يقلل بصورة تدريجية من الاعتماد على المساعدات الخارجية. وإلى أن يتحقق ذلك، فإن السلطة الفلسطينية تبقى عرضة لانخفاضات عديدة في مستوى تدفق المعونات، وتحتاج هذه الانخفاضات إلى أن تدار بعناية».

وكان القطاع الخاص الفلسطيني مكبلا، بصفة رئيسية، بالقيود الإسرائيلية المفروضة على حرية النفاذ إلى المصادر الطبيعية والأسواق، بينما ردعت التكاليف المتزايدة لنشاطات الأعمال، والمرتبطة بنظام الإغلاق، المستثمرين عن المبادرة إلى الاستثمار.

واعتبر البنك الدولي أنه «في ظل هذه الظروف، فإن تدفقات المعونات التي جاءت أقل من المستوى المتوقع لها في النصف الأول من عام 2011، كان لها أثر مباشر على الاقتصاد الفلسطيني. أما النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي، الذي كان يزداد بنسب مطردة خلال المدة من 2009 إلى 2010، والذي كان يتوقع له سابقا أن يصل إلى نسبة 9 في المائة في عام 2011، فمن المتوقع له الآن أن يصل إلى تحقيق نمو حقيقي بنسبة 7 في المائة. كذلك فقد أسهم القصور في الدعم المالي الخارجي في النصف الأول من عام 2011 في حدوث الأزمة الحالية التي تشهدها المالية العامة للسلطة الفلسطينية».

ويرى البنك الدولي أنه كي يتسنى للسلطة الفلسطينية الإبقاء على استمرار الزخم في عملية الإصلاح، واستدامة ما تحقق من إنجازات في مجال بناء المؤسسات لديها، «فإنه لا بد من رفع ما تبقى من القيود التي تفرضها إسرائيل على حرية النفاذ إلى المصادر الطبيعية والأسواق. إذ يتوقع لانتعاش القطاع الخاص، الذي ينتج عن رفع تلك القيود، أن يعمل على زيادة حجم الوعاء الضريبي لدى السلطة الفلسطينية».

وهذه ليست أول مرة يحذر فيها البنك الدولي من أن النمو الاقتصادي المبني على معونات المانحين يبقى هشا وغير مستدام، وبحاجة إلى جهود أكبر.