الاحتجاجات الفئوية تهدد بداية العام الدراسي الجديد في مصر

الأطباء دخلوا إضرابا كليا.. وطلاب الجامعات يطالبون بدورهم السياسي

تظاهرات فئوية انتقلت الى ميادين القاهرة والاسكندرية («نيويورك تايمز»)
TT

في تصاعد لموجة الإضرابات الفئوية التي تشهدها مصر منذ بداية الأسبوع، تظاهر عدة آلاف من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس أمس بعدد من الجامعات، مع دعوة عدد من الحركات والروابط التعليمية إلى مليونية للمعلمين الاثنين المقبل، وتهديد سائقي النقل العام بالإضراب الشامل في أول أيام العام الدراسي الذي يبدأ مطلع الأسبوع المقبل، إضافة إلى دخول إضراب الأطباء يومه الرابع أمس ليتحول إلى إضراب كلي في عدد من المستشفيات، واستمرار الإضرابات العمالية بعدد من المصانع بمختلف المحافظات.

وأعلن عدد من الأطباء دخول 20 مستشفى عاما بمختلف المحافظات في إضراب كلي عن العمل احتجاجا على تردي الخدمات العلاجية وسوء الأوضاع المالية للعاملين بالحقل الطبي، إضافة إلى مطالبتهم بإقالة من دعوهم بـ«رموز الفساد في وزارة الصحة»، وذلك بعد إضراب جزئي دعا إليه ائتلاف شباب الأطباء واستمر 3 أيام لم تتم خلالها الاستجابة لمطالبهم.

وأشار أحد منظمي الإضراب من الأطباء، طالبا عدم ذكر اسمه، إلى أنه يتم توجيه المرضى من ذوي الحالات الحرجة إلى أقرب المستشفيات العسكرية التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن الحالات الحرجة تتم مرافقتها طبيا أثناء التحويل. وأضاف قائلا: «نحن لا نعاقب المرضى بإضرابنا، بل نبحث عن حقوقنا وحقوقهم في رعاية صحية مناسبة.. وعلى من يعترض من المسؤولين على إضرابنا أن يأتي ليعالج أو يحتجز بأحد المستشفيات العامة حتى يكون الجميع سواسية».

وأوضح الطبيب أن تحويل الحالات إلى المستشفيات العسكرية يأتي في إطار تحميل المجلس العسكري (القائم بشؤون الحكم حاليا) مسؤولية المرضى، وتنبيهه بصورة عملية لخطورة استمرار الإضراب في القطاع الطبي، إلى جانب مسؤوليته الاعتبارية عن سرعة حل المشكلات الفئوية، مؤكدا على أن الإضراب لا يشمل الحالات فائقة الخطورة، والتي لا يمكن لأي طبيب أن يهملها أو يمتنع عن مناظرتها وعلاجها، مهما كانت الاعتبارات.

لكن مصدرا مسؤولا بوزارة الصحة أكد، بحسب وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية، أن مستشفيات الوزارة في جميع المحافظات تعمل بكامل طاقتها، وهناك خطط بديلة لتأمين العمل بالمستشفيات من خلال دعم أقسام الاستقبال والطوارئ بفرق الأطباء لمواجهة أي نقص قد يحدث نتيجة الإضراب.

وقال المصدر إن جموع الأطباء لم تستجب للإضراب، وإن المشاركين فيه لا يتجاوزون 5 في المائة من جموع الأطباء في جميع مستشفيات الجمهورية، موضحا أن معظم طلبات الأطباء تمت الاستجابة لها، وباقي الطلبات تتم دراستها.

وأكد المصدر أن الوزارة تعاملت مع الإضراب بصورة سلمية، وأنه لم يتم المساس بأي مضرب باعتبار الإضراب حقا له، شريطة ألا تتأثر به الخدمة الصحية المقدمة.

وعلى صعيد مواز، واستباقا للعام الدراسي الجامعي الجديد، شهدت أكبر الجامعات المصرية مظاهرات طلابية أمس.. حيث نظم عدد من طلاب جامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية وأسيوط والمنصورة، بمشاركة عدد من الأساتذة وأعضاء هيئة التدريس، مظاهرات تطالب بضرورة إقالة كافة القيادات الجامعية بدءا من العام الدراسي الجديد، وإجراء انتخابات حرة مباشرة على جميع المناصب.

وكان المؤتمر العام لأعضاء هيئة تدريس الجامعات الحكومية الذي عقد منذ يومين قد قرر اعتبار جميع المناصب القيادية بالجامعات شاغرة، في حين دعا أعضاء هيئة التدريس إلى ضرورة إجراء انتخابات حرة مباشرة على جميع المناصب وفقا للآليات التي أقرها غالبية أعضاء هيئة التدريس نهاية الشهر الماضي، رافضين في نفس الوقت الضوابط التي أقرتها وزارة التعليم العالي مؤخرا.

وهتف الطلاب، من المنتمين إلى مختلف التيارات السياسية، في المظاهرات ضد القيادات الجامعية: «مش عايزينهم مش عايزينهم.. أمن الدولة اللي معينهم»، في إشارة إلى عمداء الكليات المختلفة المعينين في مناصبهم والمحسوبين على النظام السابق.

وشهدت جامعة عين شمس (شرق القاهرة) محاولات أولية من الأمن لمنع دخول الطلاب إلى حرم الجامعة، إلا أن الطلاب نجحوا في الدخول عنوة. ودعا شريف عامر، أحد الطلاب المتظاهرين، إلى إنهاء الحظر المفروض على الممارسة السياسية بداخل الجامعات المصرية، متهما عددا من القيادات الجامعية الحالية بالعمل وفق مناهج جهاز أمن الدولة (المنحل).

ورغم البعد المكاني، فإن طلاب جامعة الإسكندرية اتفقوا مع زملائهم في القاهرة على ذات المطالب، إذ قال إسلام السايس، أحد المشاركين بمظاهرة الإسكندرية: «لا بد من وضع لائحة تنظم العمل الطلابي داخل أسوار الجامعة والسماح لهم بممارسة السياسة، بدلا من العمل السري الذي تتمكن من خلاله الجماعات الأصولية من استقطاب العدد الأكبر من الطلاب».

وكانت مظاهرات جامعة الإسكندرية قد شهدت محاولات اختراق من بعض البلطجية بغرض الشغب وتأليب الرأي العام ضد المتظاهرين، ولكن عددا من أعضاء ائتلاف شباب الثورة بالإسكندرية تمكنوا من إحباط تلك المحاولة.

وأوضح الدكتور عمر السباخي، منسق لجنة الحريات بجامعة الإسكندرية، أن المظاهرات ستتكرر، وبشكل أكبر، لحين الاستجابة للمطالب.. ومن بينها إيجاد ضمانات لعدم تمكين القيادات القديمة، بكل ما تتمتع به من نفوذ داخل الجامعة، من الترشح للمناصب القيادية.

وفي سياق مواز، وبينما تستعد آلاف الأسر المصرية لبدء العام الدراسي الجديد، تعقد اللجنة التنسيقية لمعلمي مصر اليوم مؤتمرا بنقابة الصحافيين، توضح فيه أسباب دعوتها إلى إضراب مفتوح عن العمل يومي السبت والأحد المقبلين اللذين يوافقان مطلع العام الدراسي بجميع المراحل التعليمية قبل الجامعية، مع الدعوة إلى مظاهرة مليونية والاعتصام مجددا أمام مقر مجلس الوزراء يوم الاثنين المقبل.

ورغم أن أحد المعلمين من اللجنة أوضح لـ«الشرق الأوسط» تلقيه والكثير من زملائه لتهديدات شفهية من مديري الإدارات بعقاب المضربين، فإنه أكد أن كل المعلمين مصرون على مطالبهم، وأنهم غاضبون من تجاهل الحكومة لهم.. مشيرا إلى أن المطالب المتفق عليها هي إقالة وزير التربية والتعليم، ووضع حد أدنى للأجور، وتثبيت المعلمين المؤقتين دون قيد أو شرط.

من جهة أخرى، قرر سائقو وعمال هيئة النقل العام الإضراب مطلع الأسبوع المقبل، بالتزامن مع أول أيام الدراسة، وذلك احتجاجا على تردي أوضاعهم وعدم تنفيذ الوعود الحكومية المتكررة بتنفيذ مطالبهم.. مهددين بإصابة الحالة المرورية بالشلل التام، في ظل تكدس مروري تشهده الأيام الأولى من الدراسة كل عام.