قوات الأمن تفتح النيران على مشيعين في ريف حماه.. وتشن حملة اعتقالات في عدة مدن

منظمة العفو الدولية: كل معتقل في السجون السورية في خطر حقيقي

مظاهرة في دوما بريف دمشق ضد الموقف الروسي المساند للنظام («أوغاريت)
TT

فتحت القوات الأمنية النيران على مشيعين في بلدة كفر نبودة بريف حماه أمس، وأوقعت عددا من القتلى، بينما جرح 10 أشخاص آخرين بينهم 5 تعرضوا لجروح خطرة، بحسب ما أكد ناشطون أمس. وفي الوقت نفسه، شنت القوات السورية حملات أمنية واسعة ونفذت عددا كبيرا من الاعتقالات في ريف دمشق وحمص ودير الزور وريف درعا، بحسب ما أكد لـ«الشرق الأوسط» رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ناشطين محليين في حماه أمس أن القوات السورية قتلت أمس بالرصاص 5 أشخاص حين فتحت النار على جنازة قرويين قتلوا في اليوم السابق في بلدة كفر نبودة في ريف حماه. ونقلت عن ناشطين على صلة بالسكان، أن قناصة من قوات الأمن قتلوا الخمسة من فوق سطح مدرسة حكومية وصهريج مياه في البلدة حين بدأ مئات المشيعين يرددون هتافات مطالبة بإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد.

وأضاف المرصد السوري لحقوق الإنسان أن شخصين قتلا في حمص أمس، أحدهما اختطف قبل 4 أيام وسلم جثمانه إلى ذويه وعليه آثار تعذيب، والآخر أصيب بجراح خلال العمليات الأمنية والعسكرية يوم السبت الماضي في بابا عمرو. وقال المرصد في وقت لاحق إن مواطنا آخر يبلغ من العمر 32 عاما، قتل في حمص متأثرا بجراح أصيب بها عصر أمس إثر إطلاق رصاص من حاجز أمني في مدينة الرستن. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أعلن عن إصابة 5 أشخاص بجراح، 3 منهم بحالة حرجة إثر إطلاق رصاص من حاجز أمني في الرستن.

وفي دير الزور، قال المرصد إن شابا يبلغ من العمر 18 عاما، قتل إثر إصابته برصاص طائش خلال حملة مداهمة نفذتها الأجهزة الأمنية السورية أمس في قرية البصيرة، بحثا عن مطلوبين متوارين عن الأنظار، مشيرا إلى أن الحملة أسفرت عن اعتقال 27 شخصا.

من جهتها، أعلنت لجان التنسيق المحلية أمس عن مقتل 10 أشخاص أمس برصاص قوات الأمن والجيش، وقالت إن 5 منهم سقطوا أثناء تشييع شهداء كفر نبودة بريف حماه، بينما سقط اثنان في دير الزور وشخص في كل من سهل الغاب وحمص وريف دمشق.

ونفذت السلطات الأمنية أمس حملة اعتقالات واسعة، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الحملة طالت أحياء باب السباع وباب الدريب وباب هود في حمص، أسفرت عن اعتقال 19 شخصا. وأضاف المرصد أنه في ريف دمشق، نفذت قوات أمنية سورية تضم سيارات رباعية الدفع مثبتا عليها رشاشات وعشرات الحافلات فجر أمس، عمليات مداهمة واعتقالات في بلدات الزبداني ومضايا وبقين، أسفرت عن اعتقال العشرات.

وأكد ناشطون لوكالة الصحافة الفرنسية أن حملة «التوقيفات والمداهمات التي شنتها القوى الأمنية تتكثف على جميع الأراضي السورية». وروى أحد الناشطين «يتعرض الموقوفون للضرب بوحشية وسوء المعاملة، والمنازل للتخريب». وأضاف أن هذا الأسلوب يرمي إلى الحد من المظاهرات لكنها «تتواصل في جميع المناطق».

وقالت لجان التنسيق المحلية إن الجيش السوري انتشر فجرا في الزبداني، على بعد 50 كلم غرب دمشق حيث اعتقل أكثر من 25 شخصا.

وفي المقابل قالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي إن رقم الأمم المتحدة قائم على «مصادر موثوق بها على الأرض». وأبلغت بيلاي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة «عدد القتلى منذ اندلاع الاحتجاجات في منتصف مارس (آذار) 2011... وصل الآن إلى 2600 على الأقل». ولم تحدد هوية المصادر. ومنعت الحكومة السورية فريق التحقيق التابع لبيلاي والصحافيين الأجانب من دخول البلاد.

وكانت القوات السورية قد قتلت 22 شخصا على الأقل يوم أول من أمس، في مداهمات في محافظتي حمص وحماه في إطار حملتها العنيفة على الاحتجاجات المطالبة بسقوط الرئيس بشار الأسد والتي قالت الأمم المتحدة إنها أودت بحياة 2600 شخص. وأضاف ناشطون أن من بين القتلى رجلا وابنه سقطا في بلدة الرستن قرب مدينة حمص و15 قرويا قتلوا في مداهمات في ريف حماه فيما قالوا: إنها واحدة من أكبر المداهمات العسكرية منذ اندلاع الانتفاضة المناهضة لحكم الأسد في مارس.

وأفاد سكان وناشطون بأن 2000 جندي على الأقل تعززهم عشرات من المركبات المدرعة أطلقوا نيران الرشاشات بشكل عشوائي واقتحموا بضع قرى وبلدات في سهل الغاب شمال غربي حماه أول من أمس. وفي وقت سابق قال سكان ونشطاء إن بضعة آلاف من الجنود تعززهم مئات من المركبات المدرعة احتشدوا في الأربع والعشرين ساعة الماضية في مناطق شمالي حماه التي شهدت أكبر الاحتجاجات المناهضة لحكم الأسد.

وتلقي دمشق بالمسؤولية في العنف على جماعات مسلحة. وأعطت مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان أثناء زيارة لموسكو تقديرا لعدد القتلى أقل مما أعلنته الأمم المتحدة وقالت إن نصف القتلى من قوات الأمن. وأبلغت الصحافيين في موسكو أنه وفقا للأرقام الرسمية قتل 700 من الجيش والشرطة و700 من المسلحين.

إلى ذلك، عبرت منظمة العفو الدولية أمس عن قلقها من تزايد أعداد القتلى بين الناشطين المعتقلين، ودعت في تقرير أمس السلطات السورية إلى الإفصاح عن مكان 4 ناشطين اعتقلوا الأسبوع الماضي في داريا بالقرب من دمشق، بعد أن أعيد جثمان الناشط غياث مطر الذي قتل في الاعتقال إلى عائلته. وقالت المنظمة إن هناك مخاوف متزايدة حول أمن الناشطين الأربعة، ومن بينهم الأخوين يحيى ومعن شربجي.

وذكر تقرير للمنظمة الشهر الماضي أن 88 شخصا توفوا في الاعتقال منذ أبريل (نيسان) الماضي، إلا أن 7 آخرين قتلوا في الاعتقال في الأسابيع القليلة الماضية، ما يرفع عدد المعتقلين القتلى إلى 95 شخصا. وقال فيليب لوثر، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، إنه «من الواضح أن هؤلاء الناشطين من داريا هم في خطر جسيم، نظرا للظروف المشكوك بها التي أحاطت مقتل الصديق والناشط غياث مطر». وأضاف أن «العدد المتزايد للقتلى بين المعتقلين، وفشل السلطات السورية بفتح أي تحقيق مستقل، يدل على نمط منهجي... يدعو إلى اعتبار كل معتقل في خطر حقيقي».

وقالت السلطات السورية لعائلة مطر الذي اعتقلته قبل أيام من تسليمه جثة لأهله، إنه قتل «برصاص عصابات مسلحة»، علما بأن شرائط فيديو أظهرت آثار التعذيب على جسده. وذكرت منظمة العفو الدولية أن مطر ويحيى شربجي كانا اعتقلا من قبل رجال الأمن في 6 سبتمبر (أيلول) بعد أن اتصل شقيق يحيى، معن، ليقول: إن قوات الأمن شنت حملة على منزلهما. ونقلت المنظمة عن مصادر، أن معن شربجي كان في الاعتقال في ذلك الوقت، وأجبر على إجراء الاتصال لكي يورط أخاه بالاعتقال. وقال فيليب لوثر إن «يحيى شربجي هو في خطر بسبب دوره الفعال في تنظيم المظاهرات السلمية منذ مارس، وعلى السلطات السورية أن تكشف فورا عن مكان المعتقلين وتسمح لهم بالاتصال بمحامين وعائلاتهم وبإيصال المساعدة الطبية اللازمة».

وذكرت المنظمة أن هناك مخاوف تكبر أيضا حول 6 ناشطين من داريا لم تتمكن عائلاتهم من الوصول إليهم منذ اعتقالهم في يوليو (تموز) وأغسطس (آب) الماضيين. وأضافت أنه يعتقد أنهم معتقلون من قبل مخابرات سلاح الجو، مثل الذين اعتقلوا في 6 سبتمبر.