النيجر تخشى عواقب الصراع في ليبيا على استقرارها

لجوء الساعدي القذافي وجنرالات العقيد والطوارق الهاربين إليها يهدد مستقبلها

قافلة سيارات تقل الساعدي القذافي وعددا من جنرالات نظام القذافي تعبر جسرا في نيامي (أ.ب)
TT

لا يبدو أن وصول أبناء العقيد الليبي الفار، معمر القذافي، إلى النيجر، مع ما يحملونه من أموال منهوبة من ثروات الشعب الليبي يشكل نعمة. بل الأغلب أن يكون بداية متاعب آخذة في التزايد، مع تواصل هروب المزيد من جنرالات العقيد الفار إلى هذا البلد الساحلي الفقير، وعودة أعداد من المتمردين الطوارق السابقين، الذين قاتلوا إلى جانبه في ليبيا، حيث من المتوقع أن تواجه النيجر مخاطر فعلية كبرى تهدد بزعزعة استقرارها.

وكان الرئيس النيجيري محمدو يوسفو، الذي تواجه بلاده باستمرار خطر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قد حذر في يوليو (تموز) الماضي من أنه «على الصعيد الأمني، فإن الوضع في ليبيا زاد من المخاطر التي تهدد النيجر».

وتصاعدت هذه المخاطر، كما تقول وكالة الصحافة الفرنسية في الأيام الأخيرة مع وصول الكثير من جنرالات القذافي، ثم وصول الساعدي القذافي الأحد الماضي إلى هذا البلد.

وكان وزير العدل النيجري والمتحدث باسم الحكومة، مارو أمادو، قد أعلن الأحد عن وصول الساعدي القذافي إلى النيجر، موضحا أن «دورية للقوات المسلحة النيجرية اعترضت موكبا» كان فيه «لاعب كرة القدم».

وتوقع الوزير النيجري أن يصل الموكب إلى نيامي، العاصمة النيجرية اليوم (أمس).

والساعدي القذافي، البالغ من العمر 38 عاما، هو لاعب كرة قدم محترف سابق، تخلى عام 2004 عن الرياضة للانخراط في الجيش، حيث تولى قيادة إحدى وحدات النخبة. وكان الساعدي أعلن في 31 أغسطس (آب) الماضي استعداده لتسليم نفسه للثوار الليبيين، وأكد في اتصال هاتفي مع قناة «العربية» الفضائية أنه «إذا كان تسليم نفسي سيحقن الدماء، سأسلم نفسي اعتبارا من هذه الليلة»، مبديا استعداده للتعامل مع الثوار باعتبارهم إخوة. كذلك وصل الجمعة موكب من «12 سيارة» تقل مقربين من القذافي إلى أغاديز عاصمة شمال النيجر يواكبه جنود نيجريون. كما وصل الخميس إلى أغاديز 3 ضباط ليبيين مقربين من القذافي، بينهم القائد السابق للقوات الجوية ووضعوا قيد المراقبة العسكرية.

وأوضحت حكومة النيجر أن الضباط هم العقيد الريفي علي الشريف قائد سلاح الجو الليبي السابق، واللواء علي خانا الحارس الشخصي للقذافي، والعقيد محمد عبيد الكريم من قيادة منطقة مرزوق أقصى جنوب ليبيا. وأكدت النيجر أنها ستفي بتعهداتها حيال القضاء الدولي فيما يتعلق بالمقربين من القذافي الملاحقين والذين دخلوا أراضيها.

وحذر مسؤول منظمة غير حكومية تتخذ مركزا لها في أغاديز، طالبا عدم كشف هويته، من أن «التحالف بين القذافي وعدد من قادة حركات الطوارق المتمردة سابقا يؤجج مخاطر وقوع هجوم مضاد في ليبيا انطلاقا من شمال النيجر»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقدر مصدر لدى الطوارق عدد المتمردين النيجريين السابقين الذين قاتلوا إلى جانب القذافي بنحو 1500. وقد عاد عدد كبير منهم إلى شمال النيجر بعد هزيمة قوات النظام الليبي السابق. وقال زعيم سابق للمتمردين الطوارق بين 2007 و2009 لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الكثير من المتمردين السابقين عادوا حاملين أسلحة من ليبيا إلى النيجر. لديهم آليات وأسلحة، يخشى حدوث الأسوأ»، مضيفا أن «الوضع متفجر». وقال: إن «الأسلحة تنتشر في منطقة آير» الجبلية التي لطالما شكلت قاعدة خلفية لمقاتلي الطوارق.

وقال ضابط في الجيش النيجري متمركز في أغاديز (شمال): «إننا شبه واثقين من أن المتمردين الطوارق السابقين لم يسلموا ترسانتهم الحربية بالكامل إلى السلطات بعد النزاع عام 2009، وأنهم يخفون مخزونا ضخما في الصحراء».

من جهته أكد مارو أمادو الجمعة «أننا نسيطر على الوضع في الوقت الحاضر». إلا أنه «أسف لانتشار أسلحة ثقيلة في منطقة الساحل»، مؤكدا أن «أراضي النيجر لن تستخدم لزعزعة استقرار ليبيا تحديدا ولا المنطقة». لكن الضابط في الجيش أشار إلى أن «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي التي تبقى متربصة، اغتنمت بالتأكيد الفوضى في ليبيا لتعزيز ترسانتها. ما الذي يخفيه لنا الغد؟». ويخشى بعض النيجريين أن تتذرع القوى الغربية بوجود مقربين من القذافي في النيجر للتدخل. وقال غاري أمادو الصحافي في مجلة «ليفينمان» إنه «يمكن تحويل النيجر إلى بلد مارق يحمي مجرمين من أجل زعزعة استقراره».

ورأى أن «الحرب في ليبيا تندرج في سياق خطة واسعة النطاق دبرها الغربيون للسيطرة على منطقة الصحراء التي أصبحت استراتيجية»، معددا مقومات أهميتها الاستراتيجية: «النفط ومكافحة الإرهاب».