الجزائر: «قوانين الإصلاح» تمنع إسلاميي «الإنقاذ» من العودة إلى السياسة وتكسر احتكار الدولة للإعلام المسموع والمرئي

ناشطان إسلاميان يحذران من استمرار منعهم من نيل حقوقهم لأن دوام الحال من المحال

TT

احتج ناشطان إسلاميان جزائريان ينتميان لحزب «جبهة الإنقاذ» المحظور، على منع أنصار الحزب من العودة إلى السياسة، بموجب ما يسمى «قوانين الإصلاحات السياسية» التي صادق عليها مجلس الوزراء مساء أول من أمس، والتي أهم ما فيها كسر احتكار الدولة للإعلام المسموع والمرئي. وقال الهاشمي سحنوني، أحد مؤسسي «جبهة الإنقاذ»، وحمداش زيراوي، أحد مناضليها السابقين (تعرض للسجن)، في بيان أمس، إن «الحظر السياسي والدعوي والاجتماعي لا يزال قائما ويشمل أبناء الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ويمنعهم من ممارسة حقوقهم الشرعية والدستورية، وهذا إجحاف واضح وظلم معلوم واعتداء صريح وباطل صارخ في حق شريحة كبرى، وقاعدة شعبية عظيمة من أبناء الشعب الجزائري المسلم». وحذر البيان، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، من «استمرار منع الإسلاميين من نيل حقوقهم السياسية والدعوية والاقتصادية لأن دوام الحال من المحال، والثورات العربية قد أثبتت أن الظلم لا يدوم والحقوق لا بد أن تعود إلى أهلها ولو بعد حين».

وجاء رد فعل الناشطين سحنوني وزيراوي، المنخرطين في مبادرات موجهة للمسلحين تدعوهم إلى التوقف عن الإرهاب، في سياق «الإفراج» عن «قوانين الإصلاحات السياسية» التي صادق عليها مجلس الوزراء أول من أمس. ويتعلق الأمر بقانون الانتخابات وقانون الإعلام وقانون الجمعيات.

وناقش الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، خلال اجتماعه بالوزراء، السماح لمناضلي «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المنحلة، العودة إلى السياسة بعد حرمانهم منها بموجب قانون صدر في 2006، (قانون السلم والمصالحة) يتهمهم صراحة بالضلوع في الأزمة الأمنية التي اندلعت مطلع عقد التسعينيات من القرن الماضي، وما زالت مستمرة. لكن الرأي استقر عند منعهم من الترشح للانتخابات ومن تبوئهم المناصب القيادية في الأحزاب، وحرمانهم من تأسيس أحزاب نهائيا. ووافق مجلس الوزراء على قانون عضوي يتعلق بالأحزاب السياسية، أهم ما جاء فيه أنه يحرص على «اتقاء تجدد المأساة الوطنية»، حسبما جاء في بيان مجلس الوزراء. ويقصد بـ«المأساة الوطنية»، الأفراد الذين تعتبرهم السلطات سببا في الأزمة الأمنية التي خلفت 150 ألف قتيل وخسائر مادية فاقت 20 مليار دولار، حسب إحصاءات رسمية.

ويتضمن القانون أيضا السماح بإنشاء أحزاب جديدة، ويشير إلى أن عدم تعاطي وزارة الداخلية إيجابا مع طلب اعتماد حزب بعد 60 يوما من إيداع الطلب، يسمح لأصحابه بممارسة نشاطهم في إطار الحزب الجديد. وهي جزئية متوفرة في قانون الأحزاب القديم، ولكن الكثير من النشطاء السياسيين ممن أنشأوا أحزابا لم يتمكنوا من العمل في الميدان. ومن بينهم رئيس الوزراء الأسبق سيد أحمد غزالي، رئيس «الجبهة الديمقراطية»، والسفير السابق محمد السعيد، رئيس حزب «الحرية والعدالة». ويعطي القانون الجديد الحق لمن رفضت وزارة الداخلية اعتماد حزبه، أن يطعن في القرار لدى «مجلس الدولة»، وهو أعلى هيئة في القضاء الإداري الجزائري.

وتمت المصادقة على قانون الإعلام الذي أثار جدلا في الأوساط السياسية والإعلامية في الأسابيع الماضية، عندما ورد في المشروع التمهيدي الذي أعدته وزارة الإعلام، عقوبات بالسجن ضد الصحافيين بسبب كتابات صحفية. وأمر الرئيس بوتفليقة بإلغاء عقوبة السجن في النص الجديد الذي يستحدث «سلطة ضابطة للصحافة المكتوبة»، تعطي التراخيص للصحف الجديدة، بدل القضاء كما هو معمول به في القانون القديم الصادر عام 1990. وتتكون «السلطة الضابطة» من صحافيين يختارهم زملاؤهم، وآخرين يعينهم رئيس الدولة والغرفتان البرلمانيتان.

ومن أكثر ما يشد الانتباه في قانون الإعلام، أنه ينهي احتكار الدولة على الإعلام المسموع والمرئي. إذ يسمح لرأس المال الخاص بإنشاء قنوات تلفزيونية وإذاعية، وهو ما لم يكن متاحا بدعوى أن «الشعب الجزائري غير مهيأ لذلك»، حسب الخطاب الرسمي.