بوادر خلاف بين حزب الله وجنبلاط على خلفية مواقف البطريرك الماروني من الملف السوري

الراعي يتحدث عن «اجتزاء متعمد لكلامه» و«الجماعة الإسلامية» تأمل تصويب مواقفه

TT

توترت العلاقات بين حزب الله والنائب وليد جنبلاط، زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، إثر الردود التي ساقها جنبلاط على مواقف البطريرك الماروني، بشارة بطرس الراعي، فيما خص الملف السوري، واعتباره «الكلام التخويفي الذي قيل حول صعود التيارات السلفية أو الأصولية غير دقيق ويستعمل كالفزاعات». وخرجت قناة «المنار» الناطقة باسم حزب الله، لترد عليه معلنة تضامنها الواضح والصريح مع البطريرك الراعي، قائلة: «إن اللافت كان اقتراب رئيس جبهة النضال الوطني، النائب وليد جنبلاط، من (القوات اللبنانية) ومتفرعاتها بانضمامه إلى منتقدي البطريرك مار بشارة الراعي، أكان لجهة الموقف من سلاح المقاومة أو التوطين، أو مما وصفه جنبلاط بالكلام التخويفي من التيارات السلفية الصاعدة».

ورفضت مصادر واسعة الاطلاع في الحزب التقدمي الاشتراكي التعليق على ما يحكى عن بوادر خلاف مع الحزب، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «إن مواقف النائب جنبلاط مواقف مبدئية لا حياد عنها، وتنطلق من تفاهمات لبنانية يجدر أن تبقى مكان إجماع». وهذا ما أكده وزير الشؤون الاجتماعية، وائل أبو فاعور، الذي استغرب ما سماه بـ«الحملة»، وكل هذه التفسيرات على كلام رئيس جبهة النضال الوطني، النائب وليد جنبلاط، متسائلا: «هل النائب وليد جنبلاط هو الوحيد الذي علق على كلام غبطة البطريرك؟ وهل في كلام النائب جنبلاط ما هو جديد وما يمثل انقلابا على المواقف السابقة؟ وهل إذا تحدث جنبلاط عن ربط المقاومة بالتوطين يكون ذلك بمثابة كفر؟ وهل إذا ذكّر وليد جنبلاط بمقررات الحوار يكون قد كفر؟ وهل قال وليد جنبلاط يوما بأن سلاح حزب الله يجب أن يرتبط بمسألة التوطين أو حل كل المشكلات في المنطقة؟ وهل قال وليد جنبلاط غير أنه يتمسك بسلاح المقاومة كخيار استراتيجي دفاعي؟».

وكان جنبلاط رد على مخاوف البطريرك بما خص الوجود المسيحي في لبنان، معتبرا أن «الطريقة المثلى التي يمكن للبطريرك الراعي، وهو الحريص والمؤتمن على هذا الوجود في لبنان والشرق، ويمتلك خبرة واسعة في عمل الكنيسة، اتباعها هو تشكيل لجنة من المتموّلين المسيحيين للحؤول دون بيع الأراضي، وربما تسييل أملاك الكنيسة لصالح الفقراء من المسيحيين الذين يهاجرون في سبيل لقمة العيش». وفي السياق عينه، رأى جنبلاط أن «الكلام التخويفي الذي قيل حول صعود التيارات السلفية أو الأصولية هو كلام غير دقيق، ويستعمل كالفزاعات، لأن المطالب الشعبية غير قابلة للتجزئة كما سبقت الإشارة، وهي حقوق بديهية وأساسية لكل الشعوب على وجه الأرض دون تمييز»، مضيفا: «هذا الكلام يذكرنا بالمنطق القديم الجديد الذي يقول بتحالف الأقليات الذي دمر لبنان».

في هذا الوقت تصاعدت النقاشات بين مسيحيي 8 و14 آذار على خلفية المواقف الأخيرة للراعي التي أطلقها من باريس، والتي دعا فيها لمنح الرئيس السوري بشار الأسد فرصة لتطبيق الإصلاحات، وعبر فيها أيضا عن مخاوفه من وصول جماعات متطرفة إلى الحكم في حال سقوط الأسد. وقد شكلت زيارة رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، إلى بكركي، وهي أول زيارة لقطب لبناني بعد عودة البطريرك من فرنسا، عاملا فاقم احتجاجات قوى 14 آذار على المسار الجديد الذي اتخذته بكركي. وقد عمد البطريرك الماروني لتوضيح ما صدر عنه من فرنسا، مؤكدا أن «ما نقل عنه كان مجتزأ».

وتعليقا على تصريحات الراعي حول سوريا، قال رئيس المكتب السياسي في «الجماعة الإسلامية»، عزام الأيوبي: «نحن كـ(جماعة إسلامية) كان لنا موقف واضح وصريح بالنسبة لموقف البطريرك الراعي، فنحن اختلفنا معه في قراءته للتحليل فيما يخص موضوع الثورة في سوريا، إلا أننا نعتبر تصريحه في المطار لدى عودته من فرنسا عبارة عن تصويب، ويفترض خلال فترة قريبة أن يكون هناك لقاء بيننا وبينه من أجل استيضاح الأمر أكثر».