مكتبات الرؤساء الأميركيين.. متاحف لتذكر شخصياتهم وموضعهم في ذاكرة الوطن والحزب

مكتبة ريغان الآن أفضل من ذي قبل لتضمنها وثائق تتحدث عن فضيحة إيران - كونترا

صورة للرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان عند مدخل المكتبة التي تحمل اسمه في سيمي فالي في ولاية كاليفورنيا (نيويورك تايمز)
TT

عندما اجتمع الجمهوريون في مكتبة ومتحف الرئيس الأسبق رونالد ريغان، الأسبوع الماضي، لعقد نقاش رئاسي، كانت الخلفية تنظيم معرض يؤرخ لفترة رئاسة ريغان، تحت رعاية زوجته نانسي ريغان. كان الهدف من هذا الاحتفال أن يكون تصويرا أكثر وضوحا لرئاسة ريغان ليحل محل معرض آخر يعتقد الكثيرون أنه مبالغ فيه من حيث التقديس والمداهنة.

بيد أن معرضا آخر افتُتح في متحف رئاسي آخر لا يبعد كثيرا عن المعرض الأول، منشأة ووترغيت في مكتبة ومتحف الرئيس نيكسون في يوربا ليندا، قدم تحديا صارخا لسمعة ريغان هنا. وكشف عن الأسلوبين المختلفين اللذين اختارهما هذان المتحفان لتذكر شخصياتهما وموضع كل منهما في ذاكرة الوطن والحزب الجمهوري.

يقول جون وينير، أستاذ التاريخ في جامعة كاليفورنيا بإيرفين: «تسير مكتبة ريغان على الأسلوب الذي سارت عليه المكتبات الرئاسية في السابق، بينما تمثل مكتبة نيكسون النوع الجديد من المتاحف التي تقدم مزيدا من وجهة النظر التاريخية والأخطاء التي ارتكبت وكل شيء».

جاء معرض ووترغيت محملا بتفاصيل ولا يحمل أي اعتذار، حتى إنه تعرض لانتقادات كبيرة من قبل مناصري الرئيس نيكسون، الذين يحضرون حفل الافتتاح هذا العام ولم يقدموا أي نوع من الدعم المالي للمتحف، ناهيك عن استقالة أحد المحاضرين في المتحف من منصبه احتجاجا على ذلك.

على النقيض من ذلك، تلقت مكتبة ريغان، الذي حارب من أجل الحرية، ووضع أسس التغيير في البلاد، كما جاء في الفيلم التمهيدي، تمويلات من مؤسسة ريغان. وأبدت السيدة ريغان موافقتها على الكثير من المحتوى، بحسب مسؤولي المكتبة. وقد تشجع الحضور في المناقشة التي اقتصرت على الأفراد الذين وجهت إليهم الدعوة فقط على مشاهدة العرض الذي سيفتتح أمام الجمهور في فبراير (شباط) المقبل.

يدار المتحفان من قبل الأرشيف الوطني، بعد بنائهما من قبل مناصري الرئيسين السابقين. ويعكس تأثير مؤسسة ريغان على المتحف كل من شبكة العمل الموسعة للعائلة والأصدقاء والمساهمين الذي يشكلون جزءا من شعبية ريغان الطاغية.

في الوقت ذاته، أدت المفاوضات الطويلة بين مؤسسه نيكسون والأرشيف الوطني إلى سيطرة الأخير على المتحف ونقل أوراق نيكسون هنا، وهو ما منح الأرشيف سلطة كبيرة في إعادة ترميم المتحف.

كانت النتيجة في مكتبة ريغان رواية متواضعة لقصة إيران - كونترا، الفضيحة الرئيسية التي أصابت الإدارة، والتي تجنبت إلقاء اللوم على شخص ما.

لم يأتِ المتحف على ذكر زوجة الرئيس الأولى الفائزة بجائزة الأوسكار، جين وايمان، التي يسهل تفويتها في ظل الإشادة الكبيرة للمعرض بفساتين نانسي ريغان وتفانيها لزوجها، في الوقت الذي احتفلت فيه مكتبة نيكسون بالذكرى الأربعين لنشر أوراق البنتاغون عبر إزالة السرية عن الوثائق - إشارة أكثر رمزية منها أي شيء آخر - لم تكن هناك أي خطط للاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين لفضيحة إيران - كونترا، بحسب مسؤولي متحف ريغان.

ما يدور هنا هو نقاش حاد بشأن دور المكتبة الرئاسية وكيف يفترض أن تكون، أهي احتفاء بموضوعها، أم تصوير محايد لفترة رئاسية أميركية؟

ويقول بنجامين هوفبايور، أستاذ الفنون الجميلة في جامعة لويسفيل، الذي ألف كتابا عن المكتبات الرئاسية: «يجب أن يكونوا صادقين تجاه التاريخ، إنها تدار من قبل الأرشيف الوطني.. لقد أصبحت مكتبة ريغان الآن أفضل من ذي قبل، عندما تضمنت وثائق تتحدث عن فضيحة إيران - كونترا عوضا عن تجبنها على الإطلاق في السابق، لكنها تميل إلى الاحتفاء بريغان كقديس».

وكأستاذ للتاريخ يقول وينر: «أنا أهتم بشكل واضح بما كانت مكتبة نيكسون قادرة على تقديمه، والذي تطلب وقتا طويلا. أما مكتبة ريغان فلا تزال ملتزمة بفكرة الدفاع عن نيكسون ضد منتقديه».

ويدافع مسؤولو مكتبة ريغان عن المعروضات المنقحة هنا كتصوير دقيق ومتوازن لفترة رئاسته، خاصة في المراجعات التي شملت فضيحة إيران - كونترا.

ويقول جون هيوبوتش، المدير التنفيذي لمؤسسة رونالد ريغان الرئاسية، التي مولت المكتبة: «أعتقد أن مهمتنا هي تعليم هؤلاء الأفراد، وأعتقد أن المعارض الجديدة تقوم بدور في هذا الجانب».

ويشير هيوبوتش إلى أنه لم يزر معرض ووترغيت، ومن ثم فإنه «لن يتمكن من التعليق على مدى مصداقيته»، لكنه أكد اقتناعه بالصورة التي تمت بها معالجة قضية إيران - كونترا، خاصة في أعقاب تجاهلها من قبل.

وأثار معرض ووترغيت في مكتبة نيكسون توترات كبيرة وصلت إلى استقالة أحد المحاضرين بعد شن هجوم عنيف على تيموثي نافتالي، مدير المكتبة أمين متحف ووترغيت.

وكتب ويل ألكسندر، المحاضر الذي قدم استقالته الأسبوع الماضي: «الرئيس الذي برأ ذمته بصورة تثير الإعجاب في أواخر حياته من ظل وحش ووترغيت، تلوث سمعته بوحشية في مكتبته الخاصة من قبل الدكتور تيموثي نافتالي، ذلك الشخصية المنشورية».

وكتب ألكسندر: «بنيت المكتبات الرئاسية، ضمن هدف أكبر، لعرض إنجازات الرؤساء. وسيكون من المخادعة تجاهل سقطات وأخطاء وضعف الرئيس، فجميعهم لديهم ذلك. لكن من العيب الكبير الكشف عن أوجه القصور هذه بصورة تبرز أوجه القصور تلك».

وأكد نافتالي أنه يعتقد أن مهمة متحفه هي محاولة تقديم صورة كاملة تاريخية لنيكسون، وقال: «المكتبة لديها مهمة غير حزبية. ولديها التزام بتقديم المعروضات التي تشجع على دراسة التاريخ».

ويشير لاري هاكمان، المدير السابق للمكتبة والمتحف، إلى أن على مديري المكتبات الرئاسية التعامل مع الضغوط من أفراد الأسرة والمناصرين المقربين للرئيس. ويرى هاكمان، الذي واجه مثل هذه الضغوط وهو يقود ذلك المتحف للإجابة عن التساؤلات بشأن قرار ترومان استخدام القنبلة النووية، أن الأمر أصبح أكثر سهولة بمرور الوقت مع وفاة أفراد العائلة والمناصرين المقربين للرئيس.

* خدمة «نيويورك تايمز»