عبد الحكيم بلحاج قائد عملية تحرير طرابلس: لا وجود للجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة بعد قرار حلها نهائيا

قال في حوار مع «الشرق الأوسط»: لدينا تحد خطير لتأمين المدن وبناء دولة مدنية حديثة

عبد الحكيم بلحاج
TT

قال عبد الحكيم بلحاج القائد العسكري للثوار الليبيين، قائد عملية تحرير العاصمة طرابلس من قبضة الزعيم الهارب العقيد معمر القذافي، إن الوضع الأمني في العاصمة الليبية بات مستقرا ومستتبا، وأشار إلى قيام اللجنة الأمنية العليا للمدينة باتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين المصالح الحكومية والهيئات الدبلوماسية.

وأكد بلحاج في حديث خاص مع «الشرق الأوسط» أمس عبر الهاتف من مقره في طرابلس، أنه لم تحدث أي خروقات أمنية بفضل ما وصفه بـ«وعي السكان لتأمين عاصمتهم».

وتصدر بلحاج صدارة المشهد السياسي والإعلامي للمرة الأولى في ليبيا عندما قاد بنفسه اجتياح الثوار لمعقل القذافي الحصين في ثكنة باب العزيزية بطرابلس الغرب في الحادي والعشرين من الشهر الماضي. وبسبب وضعه القيادي وانشغاله بسلسلة من الاجتماعات اليومية التي لا تنتهي، يصعب الحصول على بلحاج أو إقناعه بمقابلة صحافية، لكنه خص «الشرق الأوسط» أمس بحوار هاتفي وضع فيه الكثير من النقاط على الحروف الضائعة.

ويعتبر بلحاج أحد أبرز القيادات المهمة في تنظيم الجماعة الإسلامية المقاتلة التي حاولت في السابق قلب نظام الحكم واغتيال القذافي عدة مرات، قبل أن يتم اعتقاله بواسطة المخابرات الأميركية التي سلمته إلى نظام القذافي في إطار العلاقات الأمنية والاستخباراتية بين واشنطن وطرابلس حيث تعرض للتعذيب والسجن. وأكد بلحاج أن الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة لم يعد لها أي وجود على الأرض بعد قرار حلها وإعلان تشكيل الحركة الإسلامية للتغيير، نافيا أن تكون الحركة تضع أي شروط أو ضغوط على الدكتور محمود جبريل الذي يعكف حاليا على تشكيل أول حكومة انتقالية لقيادة ليبيا ما بعد مرحلة إعلان سقوط نظام القذافي.

ورأى أن الإفصاح عن أجندات سياسية معينة ليس واردا في الوقت الحالي بانتظار تحرير بقية المدن الليبية من قبضة القذافي، ونأى بنفسه عن تصريحات الشيخ علي الصلابي القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين الذي طالب جبريل علانية بتقديم استقالته.

وقال بلحاج إن جبريل تلقى هذه الانتقادات بسعة صدر، مشددا على أن الليبيين سيكونون المعنيين بملاحظة أداء مختلف مسؤولي المجلس الوطني الانتقالي وتقييمه.وفيما يلي نص الحوار:

* ما الموقف الآن في طرابلس.؟

- طبعا الموقف يعتبر من الناحية الأمنية مستتبا ومستقرا والحمد لله، وتشهد العاصمة فعاليات واحتفاليات ونشاطات عدة متمثلة في لقاءات على أعلى مستوى، وشاهدتم جميعا اللقاء الشعبي الذي حضره المستشار مصطفى عبد الجليل في ميدان الشهداء، هذا خير دليل على أن المدينة شوارعها بها أمن، وكذلك نحن الآن في صدد الإعداد وتشكيل اللجنة الأمنية العليا المعنية بشؤون تأمين العاصمة، ولدينا غرفة عمليات وهى تقوم بتجهيز الإمكانيات وحشد القوات من كتائب الثوار من أجل توزيعهم على الأماكن التي تحتاج إلى تأمين كالمصالح السياسية والاقتصادية والهيئات الدبلوماسية، وهذا كله خاضع لتنسيق بين الكتائب جميعها لا سيما الثوار في الداخل، وكذلك التنسيق بين ثوار طرابلس والكتائب جميعها، والتي شاركت في التحرير والتي أتت من مدن مجاورة للعاصمة طرابلس، ونستطيع أن نقول إنه من حسن إلى أحسن، وأنتم شاهدتم ولاحظتم وتابعتم أنه لم تحدث هناك أية خروقات أمنية وذلك بفضل الله وبسبب وعي الناس بضرورة تأمين عاصمتهم.

* يلاحظ وجود نوع من الصدام المبكر ما بين الإسلاميين والمجلس الانتقالي إن صح التعبير هل لك أن تطلعنا على ما يجري بالفعل؟

- أولا، أنا لا أسميه صداما ولعله من الأنسب أن نسميه تعبيرا أو وترسيخا للمناخ الديمقراطي الحر الذي بدأ الليبيون يتنفسن هواءه الآن، وهذا الاختلاف في وجهات النظر كنا محرومين منه أكثر من أربعة عقود. نحن نرحب بأن يكون بيننا اختلاف في وجهات النظر فهو أمر مطلوب وموجود في كل الدول المتقدمة والمتحضرة مدنيا، ونحن قمنا بهذه الثورة بهدف أن تكون لنا دولة مدنية ذات قانون يحكمها وذات سياسة ترفرف عليها راية الحرية والسعادة والأمن والاستقرار. والحديث عن الخلافات إن صحت تسميتها غير موجود، والخلاف في وجهات النظر الذي نشهده وهذا أمر مقبول وطبيعي، وفيما يتعلق بالإفصاح عن برامج وأجندات أظن أن هذا الأمر هو أمر سابق لأوانه فنحن الآن بصدد العمل على تحرير المدن الباقية من ليبيا، وأنتم تعلمون أن العديد من المدن ما زالت ترزح تحت نير قوات القذافي الظالم، وهناك تحد آخر وهو تأمين هذه المدن وهناك تحد خطير وهو بناء دولة مدنية حديثة.

* هل تتفق مع الدكتور جبريل بأن اللعبة السياسية لم يحن وقتها بعد في ليبيا؟

- لا شك في أننا ما زلنا نخوض حرب تحرير ونخوض معارك تتعلق بحشد الجهود والطاقات من أجل تأمين المدن المحررة، ومن أجل توفير الخدمات وبناء المؤسسات الراعية لمصالح الليبيين جميعا، وهذا الأمر ربما نعم يكون سابقا لأوانه إذا ما تحدثنا عن مشاريع سياسية أو أخرى.

* هل صحيح أن الجماعة الإسلامية المقاتلة تضع شروطا أو تطالب بحصة في الحكومة الجديدة كما يفعل بعض التيارات السياسية؟

- أولا لا توجد جماعات إسلامية مقاتلة كما تعلمون، الجماعة تم حلها بعد أن قدمنا دراسات تصحيحية، كذلك تم الإعلان عن الحركة الإسلامية الليبية للتغيير التي يندرج تحتها أغلب من كانوا ينضمون تحت الجماعة سابقا، الجماعة الآن لم يعد لها وجود على الأرض، وفيما يتعلق بالمشاركة نحن كليبيين معنيون بالشأن باعتبارنا ننتمي إلى هذا البلد والشأن السياسي يشغل بال كل الليبيين ولكن موعده وتوقيته وأوانه ليس الآن.

* هل تتفق مع الشيخ الصلابي في المطالبة باستقالة جبريل؟

- تقرير هذا الأمر متروك لليبيين، وأنا أشرت إلى أنه شيء طبيعي أن يعبر الناس عن آرائهم قبولا أو رفضا أو تعليقا أو ملاحظة تجاه عمل أي إنسان أو أي هيئة، وهذا الأمر نحن نستقبله فينا وعنا وعن غيرنا، والأهم أن تكون نتائجه تخدم مصلحة الوطن وهذا ما يهمنا، أظن أن التعليقات وصلت للدكتور جبريل وللعديد ممن كلفوا بمهام وهذا الأمر أخذوه بصدر رحب ولا يأخذونه بشكل سيئ أو سلبي إن شاء الله.

* هل ترى في هذه الانتقادات بعض الصحة؟

- بصراحة أنا غير متابع لما ذكر تفصيلا أو تحديدا، لكن لا شك أن هذا أمر طبيعي، ألا يسلم المرء من أن يلاحظ على عمله، فيما يتعلق بكيفية الإجماع أو الممارسات، والليبيون هم من سيكونون المعنيين بملاحظة أداء أي من المسؤولين فيما يتعلق بالدكتور جبريل أو غيره.

* يوجد مبعوث أميركي يقوم بزيارة طرابلس هل التقيته وكيف ترى الموقف الأميركي مما يجري في ليبيا؟

- هل وصل أم لا يزال لم يصل بعد.

* عفوا، المبعوث الأميركي الآن في طرابلس؟

- لا علم لي بوجوده ونحن أفصحنا عن رغبتنا تجاه الدولة التي نريدها ونرتضيها وعلاقاتنا بمحيطها وبإقليمها وبأشقائنا وكل الأمور التي طرحتها وأن نبني في دولتنا المدنية الحديثة ذات الدستور والقانون علاقات مبنية على الاحترام والتبادل المشترك.