البرلمان المغربي يجيز قانونين انتخابيين في بداية جلسات دورته الاستثنائية

مظاهرات أمامه طالبت بتمثيل أكبر للنساء.. وجلسته الأولى كانت ساخنة طقسا ونقاشا

ناصر جودة، وزير خارجية الأردن، يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع نظيره المغربي الطيب الفاسي الفهري، في عمان، أمس (أ.ف.ب)
TT

تحولت «نسخ قوانين الانتخابات» التي وزعت على البرلمانيين في أول جلسة لمجلس النواب المغربي في دورته الاستثنائية التي عقدت أول من أمس إلى «مروحات» في أيديهم، لتخفيف الحرارة بسبب تعطل المكيفات في القاعة، حيث تعمدوا، من خلال ذلك، إثارة انتباه عبد الواحد الراضي رئيس المجلس، الذي اعتذر لهم قائلا إن «الأقدار شاءت أن يتعطل المكيف في افتتاح الدورة الاستثنائية، إلا أن حرارة الجو لن تحد من عزيمتكم». ومثل الطقس، لم تخل الجلسة الاستثنائية من «سخونة» في المناقشات.

ومرت عملية التصويت على قانوني مراقبة الانتخابات، وتجديد اللوائح الانتخابية كما كان متوقعا، خلال انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب في دورته الاستثنائية، حيث صادق المجلس على القانونين بالأغلبية، فيما امتنع حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي المعارض على التصويت على قانون مراقبة الانتخابات، وصوت ضد قانون تجديد اللوائح الانتخابية. وبالموازاة مع انعقاد الدورة الاستثنائية للبرلمان، نظمت جمعيات نسائية مظاهرة احتجاج أمام مقر البرلمان في الرباط، للتعبير عن رفضهن اقتسام مقاعد اللائحة الوطنية وعددها 90 مقعدا مع الشباب الذين منحوا 30 مقعدا، حيث يطالبن بثلث المقاعد في أفق تحقيق المناصفة، وهو مؤشر على أن مناقشة القانون التنظيمي لمجلس النواب، وكذا قانون الأحزاب، ستشهد نقاشا حادا بسبب تباين المواقف حولهما، وعزم الجمعيات النسائية تصعيد احتجاجاتها.

وركزت فرق الأغلبية الحكومية في مداخلاتها على إظهار مزايا القوانين الانتخابية التي طرحها الطيب الشرقاوي وزير الداخلية على مجلس النواب بعد مشاورات واسعة جرت قبل ذلك.

وفي سياق مداخلته، خصص رشيد الطالبي العلمي، من حزب التجمع الوطني للأحرار، جزءا كبيرا من حديثه عن التحالف الذي ضم حزبين من المعارضة هما «الأصالة والمعاصرة» و«الاتحاد الدستوري» وحزبين من الأغلبية هما «التجمع الوطني للأحرار» وحزب «الحركة الشعبية»، وهو تحالف أثار لغطا؛ حيث كشف عن تصدع داخل الائتلاف الحكومي. وقال الطالبي العلمي إن التحالف جاء لتجاوز «واقع التشتت وبناء الأقطاب السياسية» وإنه «مفتوح في وجه كل من يتقاسم معنا هموم المستقبل وإعادة الثقة في العمل السياسي». أما النائبة لطيفة بناني سميرس، من حزب الاستقلال الذي يقود الائتلاف الحكومي، فقالت في معرض مداخلتها إن «المغرب بحاجة إلى صفاء النوايا لمواجهة المخاطر والأخذ بعين الاعتبار المصلحة العليا للوطن، وليس المصالح الخاصة».

من جانبه، استغل لحسن الداودي، رئيس فريق «العدالة والتنمية»، المناسبة لتوجيه انتقادات لاذعة للحكومة، وقال في هذا الصدد إنه «ما إن خرجنا من فرحة الدستور، حتى ظهرت بوادر التراجع عن المكتسبات، وعندما وقفنا في وجه هذا التراجع، ووجهنا ببيان بئيس»، في إشارة إلى البيان الصادر عن الحكومة الذي انتقد الحزب لتشكيكه في نزاهة الانتخابات المقبلة. وقال إن «عمل الحكومة تميز بسوء التدبير وغياب أي إصلاح جذري».

وقال الداودي إن حزبه يتطلع إلى أن تكون الانتخابات المقبلة بمثابة «عرس يفرح فيه المغاربة ويحزن فيه المفسدون إلى الأبد». يشار إلى أن مشروع قانون تحديد شروط وطرق مراقبة الانتخابات يشتمل على أربعة فصول تتعلق بالأحكام العامة، وشروط اعتماد المراقبين، واللجنة الخاصة لاعتمادهم، وحقوق والتزامات المراقب الانتخابي.

وتقوم اللجنة الخاصة لاعتماد المراقبين الانتخابيين بوضع ميثاق يحدد المبادئ والضوابط الأساسية، التي يتعين التقيد بها أثناء ممارسة مهام المراقبة، وتراعى فيه المعايير والممارسات المتعارف عليها دوليا في مجال مراقبة الانتخابات، كما تنظم اللجنة لمراقبي الانتخابات لقاء تقدم خلاله المعطيات المتعلقة بسير العمليات الانتخابية. أما حقوق والتزامات مراقب الانتخابات، فتتمثل في حرية التنقل، والحصول على المعلومات، ودخول مكاتب التصويت، مع احترام سيادة الدولة، وعدم الإخلال بالنظام العام، وعدم إصدار أي بيان، أو تصريح صحافي قبل انتهاء العملية الانتخابية وإعلان النتائج النهائية.

ومن أبرز التعديلات التي شهدها قانون تجديد اللوائح الانتخابية الذي سيعرض على البرلمان، إسناد عملية الإشراف على التسجيل ومراجعة اللوائح الانتخابية إلى لجان محلية مستقلة يرأسها قاض، بعدما كانت المهمة موكولة برؤساء البلديات، بينما يرأس اللجنة المركزية رئيس القضاء. ويبلغ عدد المغاربة المسجلين في اللوائح الانتخابية 13 مليون ناخب، ومن المقرر أن تسفر عملية مراجعة اللوائح الانتخابية عن إضافة مليوني ناخب جدد ليصبح العدد 15 مليونا، علما بأن سبعة ملايين مغربي غير مسجلين في اللوائح الحالية.

أما التعديلات التي طرأت على القانون التنظيمي لمجلس النواب، المقرر عرضه على مجلس النواب، فهي تخصيص 90 مقعدا للائحة الوطنية، قصد ضمان تمثيلية ملائمة للنساء تتضمن تخصيص 60 مقعدا للنساء و30 مقعدا للشباب على أن تقل أعمارهم عن أربعين سنة، وهو تعديل لقي معارضة شديدة من طرف جمعيات نسوية، اعتبرته تراجعا عن مكتسباتها، حيث رفضت اقتسام المقاعد مع فئة الشباب، وسيجري التصويت على هذه اللائحة بموازاة مع اللوائح المحلية للمرشحين في كل دائرة. وبعد حصر أصوات جميع الذين صوتوا على اللائحة الوطنية تقسم على 90، لتحديد الحد الأدنى المطلوب لفوز المرشح، وبالتالي تحديد عدد المرشحين الفائزين من كل لائحة، وهم أولئك الذين يكونون عادة على رأس اللوائح.

كما نص القانون على تخفيض نسبة العتبة المقررة للانتخاب على صعيد الدائرة الانتخابية الوطنية إلى 3 في المائة بدلا من 6 في المائة، وذلك استجابة لمطالب الأحزاب الصغيرة. كما ينص القانون التنظيمي الجديد لمجلس النواب على تنافي العضوية في البرلمان مع ممارسة أي مسؤولية حكومية أو رئاسة مجلس إقليمي.

كما ينص المشروع على اعتماد البطاقة الوطنية للتعريف (بطاقة الهوية) وثيقة للمشاركة في التصويت، وإلغاء بطاقة الناخب، التي كانت معتمدة في مختلف الاستحقاقات الانتخابية التي شهدها المغرب في السابق. ولضمان نزاهة الانتخابات، ينص المشروع على تشديد عدد من العقوبات بالسجن، وزيادة الغرامات المطبقة على المخالفات المرتكبة خلال الحملة الانتخابية ومختلف العمليات الانتخابية، وكذا التجريد من عضوية البرلمان في حالة خرق المقتضيات القانونية المتعلقة بتمويل الحملة الانتخابية، أو في حالة تخلي أي عضو عن الحزب الذي ترشح باسمه، أو عن الفريق أو المجموعة النيابية التي ينتمي إليها، وهو ما يعرف في المغرب باسم «الترحال السياسي».

أما مشروع قانون الأحزاب السياسية، فيتعلق بشروط تأسيس الأحزاب السياسية، وممارسة أنشطتها، وتنظيمها، وتسييرها وفق مبادئ وقواعد ديمقراطية، والمعايير التي تخولها الاستفادة من الدعم المالي للدولة، وكذا كيفية مراقبة تمويلها.