عودة الجدل في الجزائر حول إلغاء حكم الإعدام

رئيس الهيئة الحقوقية التابعة لرئاسة الجمهورية: استمرار صدوره لم يضع حدا للإجرام

TT

دعا رئيس هيئة حقوقية جزائرية مرتبطة برئاسة الجمهورية، إلى إلغاء حكم الإعدام من المنظومة القانونية بدعوى أنه «تشريع تجاوزه الزمن، تخلت عنه غالبية الدول المتقدمة». وقال إنه مستعد لفتح نقاش مع الإسلاميين، لإقناعهم بـ«جدوى» الفكرة.

وقال فاروق قسنطيني، رئيس «اللجنة الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان»، للإذاعة الحكومية أمس، إن حكم الإعدام المنصوص عليه في قانون العقوبات «لم يعد مقبولا، لأن كل الدول المتقدمة تخلت عنه وشطبته من تشريعاتها». وأوضح أن استمرار صدور حكم الإعدام في المحاكم «لم يضع حدا للإجرام والانحراف، لذلك لا بد من التخلص منه واستبداله بأحكام أكثر إنسانية».

واقترح قسنطيني عقوبة أقصاها 30 سنة سجنا بديلا لحكم الإعدام، «وهي عقوبة كافية لردع المجرم». يذكر أن قسنطيني يعد تقريرا كل سنة يرفعه للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، يتضمن عرض حال عن أوضاع الحقوق والحريات في البلاد.

ومن المفارقات أن أحكام الإعدام لا تنفذ منذ 18 سنة، ومع ذلك ما زال القضاة ينطقون بها. ويبررون ذلك بكونها ما زالت قائمة في قانون العقوبات. ويقول قسنطيني:«ما دام الحكم لا ينفذ، فما جدوى مواصلة العمل به؟».

ومعروف في الأوساط السياسية والقانونية، أن المتهمين بتفجير مطار«هواري بومدين» الدولي بالعاصمة عام 1992، كانوا آخر من طبق فيهم حكم الإعدام، وعددهم أربعة كانوا ينتمون لحزب «الجبهة الإسلامية للإنقاذ».

وطرح قسنطيني الفكرة لأول مرة عام 2009، ولقي هجوما حادا من الإسلاميين خاصة من طرف الشيخ عبد الرحمن شيبان، رئيس «جمعية العلماء المسلمين الجزائريين»، الذي توفي في أغسطس (آب) الماضي. وقال قسنطيني للإذاعة، إنه يقترح على الإسلاميين رافضي إلغاء حكم الإعدام، «نقاشا وطنيا. فإذا خرجنا من هذا النقاش بإجماع حول التخلص من الإعدام فعليهم أن ينزلوا عند رغبة الأغلبية». وأضاف: «هناك أشخاص وحساسيات ترفض هذا المقترح، وأنا أحترم خياراتهم ولا أسعى لفرض رأيي عليهم، بل أحترمهم وأطلب منهم مناقشة فكرتي». وتابع قسنطيني: «إذا كان الإسلاميون يحاربون فكرتي على أساس أنها تعارض الشريعة، أقول لهم إن الشريعة الإسلامية تنص على الإعدام في حال القتل العمدي فقط».

ويوافق قسنطيني في مسعاه، رئيس «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» المحامي مصطفى بوشاشي، ورئيس «الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان» المحامي بوجمعة غشير. وكلاهما مستقل عن الحكومة. وتعرض الثلاثة لهجوم لاذع من الشيخ شيبان، قبل عامين عندما اتهمهم بـ«الردة». وقال في الموضوع حينها: «من يرى أن حكما بشريا هو أفضل وأصلح من حكم الله فهو كافر، وكذلك الأمر بالنسبة لمن يرى بأن الحكم القطعي في القرآن قد تجاوزه الزمن، أو أنه كان صالحا لفترة معينة، ولم يعد صالحا في الحاضر والمستقبل».