ملك بلجيكا يقطع إجازته لتفاقم الأزمة السياسية في بلاده

مشاورات الأحزاب وصلت إلى طريق مسدود ورئيس حكومة تصريف الأعمال يتولى منصبا دوليا

TT

وصلت المشاورات بين الأحزاب البلجيكية المختلفة إلى طريق مسدود، وبالتزامن مع هذا، قرر ملك بلجيكا ألبرت الثاني قطع إجازته السنوية، والعودة بشكل طارئ إلى بروكسل بسبب تفاقم الأزمة السياسية في بلاده. وزاد من الإحساس بالخوف على مستقبل البلاد الإعلان عن نية رئيس الوزراء الذي يقوم بتسيير أمور البلاد إيف لوترم، ترك مهام منصبه لتولي منصب رفيع في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، وسيقوم الوسيط في وقت لاحق بعرض نتائج مشاوراته على القصر الملكي، بعد أن عاد الملك بالفعل إلى بروكسل قادما من نيس الفرنسية حيث كان يقضي عطلته السنوية.

وفشل الوسيط السياسي البلجيكي إيليو ديروبو وبعد زهاء شهرين من المداولات مع الأحزاب السياسية في بلورة أي مخرج للأزمة. وحذر من مغبة ذلك، وقال في بيان إعلامي إن الأمر معقد للغاية ولا بد للجميع من إدراك أن الأمر يتعلق بمستقبل البلاد.

وبدأت بعد ظهر أمس مشاورات جديدة بين الأحزاب المختلفة وصفتها وسائل الإعلام في بروكسل بأنها المحاولة الأخيرة لإنهاء الانقسامات بين الطائفتين الرئيسيتين الفلامنية والفرانكفونية، التي تسببت حتى الآن في تسجيل رقم قياسي عالمي في استمرار الفشل في التوصل لاتفاق بشأن تشكيلة ائتلافية للحكومة منذ الانتخابات الأخيرة التي جرت في 10 يونيو (حزيران) العام الماضي.

وأعلن رئيس الوزراء البلجيكي إيف لوترم نيته ترك منصبه في البلاد ليصبح أمينا عاما مساعدا لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وأشار لوترم في تصريحات له لوسائل الإعلام المحلية أنه سيتوجه إلى باريس، لتولي منصبه الجديد في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وقال: «سأستمر في مهامي الحالية في بلجيكا حتى تشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحية».

ومن المنتظر أن يكون لوترم أحد مساعدي الأمين العام للمنظمة وهو حاليا المكسيكي أنجيل غيريا. وحسب المصادر البلجيكية «سيتولى لوترم مهام أمين عام مساعد وسيكون معنيا لمدة عامين بحقيبة سوق العمل والصحة». ويأتي قرار لوترم بالتخلي عن منصبه ليزيد من تلبد الأجواء البلجيكية في ظل عجز الأطراف المعنية عن التوصل إلى آفاق واضحة لحل عقدة إصلاح هياكل الدولة، مما يسمح بتشكيل حكومة كاملة الصلاحية، وتشير الأوساط البلجيكية إلى عدم وجود قواعد محددة معمول بها لتعويض رئيس الوزراء في حال فراغ المنصب، و«يمكن للملك تعيين شخص بديل، أو يمكن لنائب رئيس الوزراء تولي المهام لفترة انتقالية، وفي هذه الحالة يتعلق الأمر بوزير المالية الحالي ديديه ريندرز»، حسب مصادر قانونية.

يذكر أن العديد من المسؤولين البلجيكيين قد تركوا السياسة المحلية لصالح مناصب أوروبية أو دولية، وعلى رأسهم هيرمان فان رومبوي الذي يشغل حاليا منصب رئيس الاتحاد الأوروبي وكان في وقت سابق رئيسا لوزراء بلجيكا، وكان وزير الخارجية البلجيكي السابق لوي ميشال، قد ترك السياسة المحلية ليصبح بين عامي 2004 و2009 مفوضا أوروبيا معنيا بشؤون التنمية والمساعدات الإنسانية قبل أن يصبح عضوا في البرلمان الأوروبي، على غرار مواطنه غي فيرهوفشتات، الذي ترك منصب رئاسة الوزراء لصالح البرلمان الأوروبي، حيث يشغل حاليا منصب رئيس التحالف الليبرالي الديمقراطي في الجهاز التشريعي الأوروبي.