الموت يغيب النجل الأكبر لجمال عبد الناصر عن عمر يناهز 62 عاما بعد صراع مع المرض

خالد عاش في صمت داخل وطنه وهاجر بعد قضية ثورة مصر

خالد عبد الناصر
TT

غيب الموت أمس خالد، النجل الأكبر للرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، عن عمر يناهز 62 عاما، بعد صراع طويل مع المرض خاضه بشجاعة حتى فاضت روحه إلى بارئها أمس.

خالد عبد الناصر، الذي ولد قبل ثورة يوليو 1952 بثلاث سنوات، كان مقربا من والده الذي كان يكنى بأبو خالد، وفي يوم جنازة والده هتف المشيعون «يا خالد قول لأبوك الملايين بيودعوك»، وقضى خالد عبد الناصر كثيرا من سنوات عمره بعيدا عن أرض الوطن في رحلة طويلة عاشها ما بين قصور الرئاسة ومعارضة النظام لينتهي به المطاف متنقلا بين لندن وبلغراد.

حصل خالد عبد الناصر على بكالوريوس الهندسة من جامعة القاهرة عام 1971، ثم درجة الماجستير في الهندسة من نفس الجامعة عام 1974، قبل أن يسافر إلى لندن للدراسة، حيث حصل على درجة الدكتوراه في تخطيط النقل من جامعة لندن عام 1979، وهو متزوج من السيدة داليا فهمي شقيقة وزير البترول الأسبق سامح فهمي وله منها 3 أبناء (جمال وتحية وماجدة).

وانغمس خالد عبد الناصر في السياسة في عهد الرئيس السابق أنور السادات، الذي شهد على عقد قرانه، لتتوتر علاقة نجل عبد الناصر بالنظام، وكان السبب الرئيسي هو غضب خالد عبد الناصر من النقد اللاذع الذي طال والده في عهد السادات بقصد تشويه سيرة الرجل العظيم كما قال خالد حينها بدعوى الحرية والديمقراطية، غير أنه لم يملك في مواجهة هذه السهام إلا التزام الصمت تاركا الحكم والرد للجماهير التي عاش والده ومات من أجلها.

ولم تكن سهام النقد الموجهة ضد أسرة عبد الناصر الخلاف الوحيد بين خالد ونظام السادات ولكن جاءت معاهدة السلام مع إسرائيل لتدشن فصلا جديدا من التوتر بين الطرفين وشهدت تلك الفترة أقسى فصول حياة خالد التي أُجبر فيها على ترك وطنه بعيدا عن ملاحقة السلطات بعد انتقاده اللاذع لنظام السادات ومن بعده نظام مبارك بسبب انحرافهما، من وجهة نظرة، عن نهج والده.

ولم ينته خلاف خالد عبد الناصر مع النظام باغتيال السادات عام 1981، بل حافظ نظام الرئيس السابق حسني مبارك على هذا الخلاف بسبب موقفه من السلام مع إسرائيل، ليكوّن خالد مع آخرين تنظيم مصر الثورة الذي حاول استهداف المسؤولين والدبلوماسيين الإسرائيليين والأميركيين، وأُحيل خالد عبد الناصر إلى القضاء عام 1988 متهما بمحاولة إسقاط الحكومة والإضرار بالأمن القومي، وتطالب النيابة بتطبيق عقوبة الإعدام، إلا أن براءته ظهرت عام 1993 بعد أن ظل متهما لعدة سنوات قضاها في يوغوسلافيا التي ارتبط والده بعلاقة صداقة وطيدة مع زعيمها جوزيف تيتو، وخلال تلك السنوات توفيت والدته، ورغم أنه لم يستطع العودة لتوديعها إلى مثواها الأخير، فإن حضوره في الجنازة تمثل في هتاف المشيعين «ثورة مصر لما هبت عاشت عاشت اللي ربت».

ورغم البراءة التي نالها عام 1993 ينتقل خالد للإقامة في لندن، لم يعد للقاهرة إلا مؤخرا، وشارك أبناؤه الثلاثة في ثورة 25 يناير ووجدوا في ميدان التحرير، حسبما قال عبد الله السناوي رئيس تحرير صحيفة «العربي الناصري» السابق، الذي تجمعه صداقة بالراحل.

ويضيف السناوي «خالد يمثل قيمة كبيرة من القيم التي تركها لنا عبد الناصر وهي قيمة المساواة، فابن الرئيس عبد الناصر الأكبر لم يكن سوى فرد عادي كأي مواطن مصري، وعبد الناصر فصل بين ما هو إنساني وما هو سياسي، بل إن أبناء عبد الناصر وعائلته تعرضوا في كثير من الأحيان لظلم من الأنظمة السابقة».

وقال «خالد لم يكن ناصريا حتى الثمانينات من القرن الماضي وتبناها فقط عندما رأى أن مصر تحييد عن النهج الصحيح وتبتعد بها الأنظمة المتعاقبة عن نهج ثورة الضباط الأحرار».

وعانى خالد من مشاكل صحية في الكبد والجهاز الهضمي، وفي شهر يناير (كانون الثاني) الماضي أجرى عملية جراحية كبيرة في لندن، فقد على أثرها 40 كيلوغراما من وزنه، ومؤخرا خضع لعملية جراحية أخرى في مستشفى «المقاولون العرب» إلا أنه توفي في المستشفى أمس بعد مضاعفات صحية.

* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»