الجيش السوري يطلق النيران على دورية للجيش اللبناني داخل الأراضي اللبنانية

سوريون يروون لـ «الشرق الأوسط» عن استدراج منشقين عن الجيش واعتقالهم

انتشار الدبابات في الخالدية بحمص أمس
TT

أطلق الجيش السوري رشقات نارية باتجاه جنود لبنانيين كانوا يتفقدون بلدة لبنانية على الحدود مع سوريا، بحسب ما ذكرت الوكالة الوطنية الرسمية للأنباء في لبنان أمس. وقالت الوكالة إنه بينما كانت قوة من المشاة في الجيش اللبناني متجهة نحو الحدود اللبنانية - السورية إلى الجهة الشمالية الشرقية المقابلة لبلدة المونسة (اللبنانية)، لتفقد المنطقة التي دخلها 15 عنصرا من الجيش السوري ظهر أمس، أطلقت العناصر السورية الموجودة على التلال المشرفة رشقات نارية عدة باتجاهها، وبعد اتصالات جرت عاد الوضع إلى طبيعته. وأفاد الجيش السوري أنه حصل خطأ نتيجة الالتباس بهوية الدورية.

وذكر مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية أن شاحنة تابعة للجيش اللبناني أصيبت بطلقات الجنود السوريين، مما أدى إلى تعطلها في المنطقة الحدودية بشمال لبنان، على بعد نحو كيلومتر من الأراضي السورية. وأوضح المصدر أن شاحنة للجيش اللبناني على متنها خمسة جنود كانت تقوم بدورية على مشارف بلدة المونسة الحدودية عندما أصيبت بطلقات نارية مصدرها الجيش السوري. ولم يصب أي من الجنود بأذى. وأصيبت مقدمة الشاحنة ومحركها، مما أدى إلى تعطلها. وقال المصدر الأمني إن الحادث وقع خلال قيام قوة من الجيش السوري، مؤلفة من نحو 18 عنصرا، بعملية تمشيط في المنطقة الحدودية مقابل بلدة المونسة، سمع خلالها إطلاق رصاص كثيف. ويفصل بين الأراضي السورية والأراضي اللبنانية في هذه المنطقة مجرى النهر الكبير. وتبعد المنطقة المأهولة من المونسة عن الحدود مسافة كيلومترين تقريبا. وينتشر في الحقول المجاورة للبلدة إجمالا رعاة الماعز والأغنام.

إلى ذلك، يعيش النازحون السوريون إلى لبنان والموزعون على المدارس في المناطق الحدودية، بقلق دائم بسبب الأخبار السيئة التي تصلهم من الجانب السوري. وقال نازح سوري رفض ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»، إن «المأساة والمعاناة الإنسانية لم تعد ذات أهمية أمام الأخبار التي تردنا من المدن والبلدات السورية التي تكتوي يوميا بنار القصف المدفعي المركز والحصار، وقطع المياه والكهرباء ومنع وصول المواد الغذائية للمدنيين المحاصرين في حمص وحماة ودير الزور ودرعا والزاوية والقصير والكثير من المدن والبلدات السورية المغضوب على بشرها وحجرها بسبب معارضتها للنظام وخروج أهلها بمظاهرات يوميا تطالب بالحرية وإسقاط هذا النظام».

وتحدث نازح آخر عن تلقيه «أنباء عن عمليات استدراج لضباط وعسكريين منشقين عن الجيش من قبل الشبيحة والمخبرين وتخديرهم وخطفهم ومن ثمّ تسليمهم إلى المخابرات السورية التي تعتقلهم وتخفي أثرهم». وأكد أن «هناك معلومات تشير إلى أن العقيد المنشق حسين هرموش الذي يقود كتيبة منشقة تتحصن في جبل الزاوية وتضم نحو 500 ضابط وجندي، وقع ضحية عملية استدراج مماثلة وجرى اعتقاله». وأشار إلى «وجود اختراق للثوار من قبل الأمن السوري وهو ما يوقع هذا العدد من الضحايا بين قتيل وجريح ومعتقل عند كل مظاهرة أو عملية مداهمة تنفّذ ضد بلدة أو حي أو منطقة».

وينقل هذا النازح عن بعض أقاربه في الداخل روايات عن «عمليات قتل لضباط وجنود سوريين يتمردون على الأوامر التي تعطى لهم بإطلاق النار على المتظاهرين»، مشيرا إلى أن «الأيام القادمة ستكشف هذه الفظاعات التي تزيد النقمة بين الضباط والجنود الذين يتبرمون من هذه التصرفات». ولا يخفي هذا النازح أن ثمة «ضباطا وعناصر مخابرات يتعاطفون مع الثوار ويخدمونهم، وهؤلاء الشرفاء من كل فئات وطوائف الشعب السوري، وبينهم علويون ودروز ومسيحيون وسنّة يرفضون قتل إخوتهم وذويهم بدم بارد لمجرد أنهم يعبرون عن آرائهم ويطالبون بالحرية، بحيث يتصل هؤلاء بالبلدة أو المنطقة الموضوعة على لائحة الاستهداف بالمداهمة والقمع ليأخذ الأهالي احتياطاتهم وليتمكن المطلوبون من الفرار تلافيا لاعتقالهم». إلى ذلك، أعلن أحد سكان بلدة تلكلخ السورية القريبة من الحدود مع لبنان والمقيم في بلدة وادي خالد اللبنانية، أن بلدته «لا تستريح يوما واحدا من دهمها عبر الشبيحة ورجال الأمن الذين يعيثون في البيوت تخريبا ونهبا». وقال إن هؤلاء «باتوا عاجزين عن تطويع عناصر الجيش (السوري) للمشاركة معهم في هذه الأعمال، وأن الجيش يتمركز خارج الأحياء بعد انسحابه من داخل البلدة».

من جهة ثانية أعلن ناشط لبناني في مجال حقوق الإنسان، أن «المساعدات التي تقدمها الهيئة العليا للإغاثة (التابعة مباشرة لرئاسة الحكومة اللبنانية) للنازحين السوريين، تحسنت في الآونة الأخيرة، وهي باتت تغطي الجزء الأكبر من المحتاجين، كما أن وجود الجمعيات الإنسانية والاجتماعية وتقديماتها باتت أفضل من السابق، إلا أن عمل هذه الجمعيات وتوزيع مساعداتها يفتقر إلى التنظيم بحيث تصل الحصص الغذائية والعينية إلى فئات من النازحين بشكل كبير، في حين لا تصل إلى آخرين، أو أنها تصل بنسبة أقل وبما لا يلبي حاجاتهم». ولفت إلى أن «الأزمة الكبيرة التي تنتظر النازحين والهيئات المهتمة بهم، هي مسألة إفراغ المدارس الرسمية من النازحين قريبا لأن العام الدراسي دخل فعليا والتلاميذ سيعودون إلى مدارسهم، في الوقت الذي لم تؤمن المساكن البديلة لشاغليها، لا سيما أننا أصبحنا على أبواب فصل الشتاء».