باريس تراهن على العقوبات الأوروبية المتلاحقة ضد نظام الأسد.. وتعزز علاقتها بالمعارضة السورية

مصادر فرنسية رسمية: موقف موسكو سيصبح حرجا مع استمرار قمع النظام لشعبه

لقطة مأخوذة من موقع للمعارضة السورية على الانترنت لمظاهرة في داريا بدمشق أمس
TT

استبعدت مصادر فرنسية رفيعة المستوى أن يحصل تطور في مجلس الأمن الدولي فيما يخص الملف السوري والنقاشات الجارية لاستصدار قرار تتواجه بشأنه الدول الغربية مع روسيا مدعومة من الصين ومن دول غير دائمة العضوية. غير أن هذه المصادر تعتبر أن الأمور «غير مقفلة» رغم أن الزيارتين اللتين قام بهما وزير الخارجية آلان جوبيه إلى موسكو وبكين لم تسفرا عن نتيجة ملموسة، حيث ما زالت هاتان العاصمتان تعارضان قرارا يدين النظام السوري ويتضمن عقوبات اقتصادية.

وبحسب الأوساط الفرنسية التي كانت تعرض ما هو مرتقب من اجتماعات الجمعية العامة ومجلس الأمن في نيويورك ابتداء من الأسبوع المقبل، فإن الضغوط على سوريا «تتزايد» في مجلس الأمن، كما أن الدول الأوروبية الأربع (فرنسا وبريطانيا وألمانيا والبرتغال) بدعم من واشنطن مستمرة في «حوارها» مع الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا لحملها على التزام موقف قريب من موقفها والتخلي عن معارضتها إصدار قرار دلي بحق سوريا.

وتعتبر هذه الأوساط أن موقف موسكو «سيصبح حرجا» في الأيام والأسابيع المقبلة، بسبب استمرار قمع النظام، ولذا فإن «أي تدهور إضافي» في الوضع الميداني بين المتظاهرين والسلطة «سيضع الروس في موقع حرج قد يحملهم على التخلي عن معارضتهم لاستصدار قرار متشدد بحق دمشق».

ونقلت المصادر الفرنسية أن الروس يعتبرون أنهم «خدعوا» عندما امتنعوا عن التصويت، في شهر مارس (آذار) الماضي على القرار 1973 الذي أجاز استخدام «كافة الوسائل» لحماية المدنيين الليبيين. لكن الغربيين والحلف الأطلسي استخدموه غطاء لإسقاط نظام القذافي. وبالتالي فإن موسكو تريد أن تجعل الغرب «يدفع» ثمن خداعه.

وتبدو باريس «متفائلة» بالمؤشرات التي تدل على أن البرازيل أخذت تغير من موقفها إزاء النظام السوري كما أنها تعتبر الموقف العربي كما صدر عن اجتماع مجلس الجامعة العربية الأخير في القاهرة «مشجعا» دون أن يرقى إلى ما كان عليه إزاء ليبيا، حيث دعا العرب الأمم المتحدة إلى «حماية» المدنيين الليبيين. وتأمل باريس أن يكون للموقف العربي الجديد «تأثيره» على النقاشات الجارية في أروقة مجلس الأمن.

لكن باريس «تراهن» على العقوبات المتلاحقة التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على دمشق وتأمل في أن تقر «السلة السابعة» منها بداية الأسبوع المقبل. وتعتبر فرنسا أن منع الشركات النفطية الأوروبية من القيام باستثمارات جديدة في القطاع النفطي والغازي السوري الذي يأتي بعد قرار سابق بمنع شراء النفط السوري وتصدير المشتقات النفطية إلى دمشق سيكون له تأثير «رادع» بما في ذلك على الشركات غير الأوروبية العاملة في سوريا. وتذكر هذه المصادر بما حصل مع إيران، حيث لم يطلب من الشركات مغادرة إيران، بل إنها غادرتها بمبادرة ذاتية، حيث وجدت أن أمن استثماراتها لم يعد مضمونا. ولا تستبعد هذه المصادر التي تؤكد أن العقوبات ضد دمشق «تصاعدية» أن يتم اعتماد مزيد من العقوبات التي يمكن أن تستهدف في المرحلة القادمة القطاع المصرفي السوري بحيث يكون الغرض، بعد حرمان السلطة من العائدات النفطية ومن التكنولوجيا الغربية والتمويل الغربي «عرقلة» معاملاتها المالية والتجارية وكل ما يرتبط بالتعاطي المالي مع الخارج (أي أميركا وأوروبا وبلدان أخرى مثل أستراليا ونيوزيلندا).

ومن جملة ما تحتويه «السلة السابعة» حرمان الشركات السورية من الحصول على قروض أو حصص أو شراكات مع الخارج أو إقامة شركات مشتركة في القطاع النفطي والغازي. وينتظر أن يعمد الأوروبيون إلى إضافة 5 أسماء شركات جديدة على لائحة الشركات السورية التي جمدت ودائعها في البنوك الغربية وربما أسماء شخصيات جديدة من النظام السوري. وبحسب ما تسرب من معلومات، فإن هناك توجها للضغط على البنك المركزي السوري بحرمانه من طبع أوراقه النقدية في دول الاتحاد.

أما على الصعيد السياسي، فإن الأوروبيين عازمون، إلى جانب الضغوط التي يمارسونها على النظام السوري والعزلة التي فرضوها على رجالاته، على توثيق اتصالاتهم مع ممثلي المعارضة السورية بعد أن التزموا إزاءها في الأشهر الأولى من الانتفاضة موقفا «خجولا» بعض الشيء.

وقد أعلنت أمس وزارة الخارجية الفرنسية أنها ستستقبل اليوم أعضاء من المعارضة السورية من أجل تطوير اتصالاتها مع المعارضين لنظام الأسد، كما قال المتحدث باسم الخارجية في باريس برنار فاليرو. وقال فاليرو في تصريح صحافي «كانت لنا على الدوام اتصالات مع المعارضة، في سوريا والخارج. وكما أكد وزير الخارجية آلان جوبيه، أن نيتنا هي تطوير هذه الاتصالات». ولم يشأ المتحدث الكشف عن هوية الأشخاص الذين سيتم استقبالهم في وزارة الخارجية لأسباب تتعلق بـ«أمنهم». وكان وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه عبر في مطلع أيلول (سبتمبر) عن رغبة باريس في تطوير اتصالات مع المعارضة السورية. وتعتزم حركة «تحالف القوى العلمانية والديمقراطية السورية» تنظيم مؤتمر في قصر المؤتمرات في باريس لدعم الثورة السورية بمشاركة كتاب وباحثين وجامعيين، لا سيما برهان غليون، مدير مركز دراسات الشرق المعاصر.