بان كي مون: الأسد كسر كل الوعود التي قطعها على نفسه

أعرب عن قلقه من تراجع علاقات تركيا ومصر مع إسرائيل

السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال مؤتمر صحافي في نيويورك أمس (رويترز)
TT

تفرض القضية الفلسطينية نفسها على اجتماعات الدورة الـ66 لاجتماعات الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل، وهذه المرة بقيادة فلسطينية وعربية. فبينما شهدت اجتماعات سبتمبر (أيلول) 2010 ضغوطا أميركية على الفلسطينيين والإسرائيليين لبدء المفاوضات بينهما، برعاية الرئيس الأميركي باراك أوباما في نيويورك والتقاط صورة للرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وهما يتصافحان، هذا العام من غير المتوقع التقاط مثل هذه الصور. وتؤكد السلطة الفلسطينية، وهي مدعومة من جامعة الدول العربية، عزمها تقديم طلب للمجتمع الدولي للاعتراف بدولة فلسطين، في وقت من غير الواضح فيه فحوى هذا الطلب ونتائجه.

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس أنه حريص على إنهاء النزاع العربي - الإسرائيلي، إلا أنه رفض إعطاء رأي في الطموح الفلسطيني للانضمام إلى المنظمة الدولية. واكتفى بان بالقول: «بموجب ميثاق الأمم المتحدة، الدول الأعضاء هي من تقرر عضوية أي دولة أخرى». ولكنه أضاف: «إنني قلق جدا من عدم التقدم في مفاوضات السلام، فإنهاء هذا النزاع بات متأخرا كثيرا والوقت ليس بجانبنا». وشدد بان على أهمية المفاوضات من أجل التوصل إلى حل مبني على دولتين فلسطينية وإسرائيلية، موضحا: «يجب أن تكون أولويتنا العودة إلى المفاوضات وإنهاء كل القضايا الرئيسية العالقة». وذلك موقف قريب من الموقف الأميركي في ما يخص الجهود الفلسطينية لإعلان الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة. وتابع بان: «إنني أطالب الفلسطينيين والإسرائيليين بالشروع في مفاوضات ذات معنى، فعلى إسرائيل خلق مثل هذه الظروف. بناء المستوطنات لا يساعد على هذا الأمر، وفي الوقت نفسه على الفلسطينيين أيضا أن يجلسوا مع الإسرائيليين»، مؤكدا: «أتعاطف مع الشعب الفلسطيني الطامح لدولة له، ولهذا فإنني أقول إن الوقت ليس في صالحنا». وامتنع عن التعليق عن موقفه من إعلان دولة فلسطين أو انضمامها إلى المحكمة الجنائية الدولية، قائلا: «لا أريد تقرير ما يحدث مسبقا، دعونا ننتظر كيف ستتطور الأمور».

وعبر بان في مؤتمر صحافي أمس عن قلقه من تراجع العلاقات المصرية والتركية مع إسرائيل، معتبرا هذا التطور مؤذيا لاستقرار المنطقة. وقال: «إنني قلق من العلاقات المتراجعة بين إسرائيل وتركيا وقضية تقرير بلمار، إنهما دولتان مهمتان في المنطقة وتعاونهما مهم لاستقرار المنطقة»، مضيفا: «آمل بتطبيع العلاقات في أسرع وقت ممكن».

وفي ما يخص سوريا، عبر بان عن خيبة أمله من عدم التزام الرئيس السوري بشار الأسد بتعهداته بوقف القتل في بلاده. وقال: «تحدثت مع الرئيس السوري مرات عدة منذ أن قطع الوعود ولكن هذه الوعود باتت مكسورة». وأضاف: «لقد مر أكثر من 6 أشهر على المظاهرات.. ولقد كسر الرئيس السوري كل الوعود التي قطعها، وعليه الاستماع إلى المناشدات الدولية والكف عن قتل أبناء بلاده». وحث بان المجتمع الدولي على التحرك لمعالجة الأزمة السورية، قائلا: «على المجتمع الدولي أن يتخذ خطوات ويتحدث بصوت واحد»، من دون توضيح شكل هذه الخطوات.

واعتبر أمين عام الأمم المتحدة أن قادة العالم يجتمعون في وقت من «القلق والتوتر»، بسبب تقلبات سياسية واجتماعية كثيرة. ولفت إلى أن «الأزمة الاقتصادية تشغل الحكومات والشركات والعائلات حول العالم»، مما يزيد القلق من المستقبل. وأضاف أن هناك «تحديات سياسية واستراتيجية في مناطق عدة، مثل المجاعة في الصومال وصدمات ما بعد الربيع العربي، بالإضافة إلى الانتقالات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالعالم».

ورأى أنه بسبب هذه الاضطرابات «لدي قناعة بأنه لا يوجد وقت يحتاج فيه العالم إلى الأمم المتحدة مثل الآن»، مطالبا بالتعاون الدولي و«التنمية المستدامة، فهي الطريق إلى المستقبل». وأضاف: «يجب وضع تركيز جديد على منع الأزمات، علينا مساعدة الدول في مرحلة الانتقال من الفقر إلى الازدهار، من الديكتاتورية إلى الديمقراطية». وتعهد بان أيضا بمواصلة العمل على إصلاح الأمم المتحدة، قائلا: «سنواصل العمل لترتيب أمورنا الداخلية، الشفافية والمسؤولية، وخاصة أننا نعيش في عهد من التقشف».

ستعقد مؤتمرات ولقاءات عدة على هامش اجتماعات الجمعية العامة، أولها يوم الاثنين وهو مؤتمر لمكافحة الإرهاب. وقال بان: «من المؤكد أن التهديد الإرهابي لم ينته، وخاصة أننا نرى هجمات في أفغانستان والعراق وباكستان وغيرها من الدول». وسيكون هناك تركيز في المؤتمر على استهداف الإرهابيين للأمم المتحدة مثل ما حصل مؤخرا في أفغانستان وقبل 8 أعوام في العراق. وقال: «باتت الأمم المتحدة مستهدفة.. وسنقوم بمراجعة كاملة لأمننا لحماية موظفينا الشجعان».

وسيشهد يوم الاثنين أيضا مؤتمرا حول الأمراض غير المعدية مثل السرطان التي تشكل بشكل خاص تهديدا لشعوب الدول النامية. وتعهد بان قائلا: «سنتخذ خطوات كبيرة من أجل الصحة العامة.. وهذه أول مرة تقوم الجمعية العامة باستضافة مثل هذا المؤتمر».

ويشهد يوم الثلاثاء مؤتمرا رفيع المستوى حول ليبيا حيث سيتقدم بان بتقديم مقترح لإرسال بعثة خاصة من الأمم المتحدة إلى ليبيا وتطوير دور المنظمة الدولية فيها. وخلال يوم الثلاثاء أيضا سيكون هناك مؤتمر حول الطاقة المستدامة، بينما يوم الأربعاء سيشهد عقد مؤتمر حول الأمن النووي من أجل تحقيق هدف جعل العالم خاليا من الأسلحة النووية.

وينوي بان انتهاز عقد الجمعية العامة لمناشدة دول العالم بمساعدة الصومال والقرن الأفريقي بشكل أوسع. وقال: «سأقوم بمناشدة خاصة حول الصومال والقرن الأفريقي، علينا الانتباه إلى هذه الأزمة». وأضاف أنه ينوي أيضا طرح قضية التغيير المناخي خلال الأسبوع المقبل.

ويحضر نحو 121 رئيس دولة وحكومة اجتماعات الجمعية العامة التي تنطلق يوم الاثنين. وستكون هناك تغييرات كبيرة في صفوف ممثلي الدول المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة، حيث تشارك دولة جديدة للمرة الأولى وهي دولة السودان الجنوبي، كما أن شخصيات عادة ما أثارت الانتباه في اجتماعات الأمم المتحدة مثل العقيد الليبي معمر القذافي لم يعودوا في السلطة. وفي أول مرة منذ 66 سنة، ستكون سيدة هي التي تلقي الخطاب الأول أمام الجمعية العامة، وهي رئيسة البرازيل ديلما روسيف.