شكوك غربية حول انتهاك روسيا البيضاء للعقوبات على إيران

روسيا تبحث عن صيغة لتسليم إيران صواريخ من طراز «إس - 300»

TT

قال دبلوماسيون غربيون لـ«رويترز» إن روسيا البيضاء هي أحدث دولة تشتبه القوى الغربية في أنها تساعد إيران في انتهاك عقوبات الأمم المتحدة، التي تهدف لمنع طهران من تطوير برنامجها للأسلحة النووية والصواريخ ذاتية الدفع.

وإذا تأكدت الشكوك، فستنضم روسيا البيضاء، التي تعاني من العزلة بالفعل إلى الصين وروسيا وسوريا وكوريا الشمالية وتركيا وغيرها من الدول التي تعتقد القوى الغربية أنها ساعدت طهران في خرق عقوبات الأمم المتحدة، منذ أن تبنى مجلس الأمن الدولي أول قرار بفرض عقوبات ضد إيران في أواخر عام 2006.

وقال دبلوماسيون إن هذه الشكوك يرجح أن تكون قد أثيرت خلال زيارة قام بها عدد من أعضاء لجنة من خبراء الأمم المتحدة لروسيا البيضاء هذا الأسبوع، لبحث مدى الالتزام بالحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على بيع التكنولوجيا النووية وتقنيات الصواريخ لإيران.

وتتهم القوى الغربية وحلفاؤها طهران بتطوير أسلحة نووية تحت ستار برنامج مدني للطاقة الذرية، وتقول إيران إن طموحاتها النووية تقتصر على توليد الكهرباء لأغراض سلمية، وتصف العقوبات بأنها غير مشروعة. وأبلغ دبلوماسيون طلبوا عدم نشر أسمائهم «رويترز» بأن روسيا البيضاء بدأت التصرف كوسيط بصورة ما للمساعدة في تأمين وصول الإيرانيين للتكنولوجيا الروسية.

وقال أحد الدبلوماسيين أصبحت روسيا البيضاء عنصرا رئيسيا في مساعي إيران لتطوير صواريخ أرض - أرض وقدرات نووية، لا سيما فيما يتعلق بمعدات الملاحة والتوجيه، التي تعرف بأنها ذات استخدامات مزدوجة.

وأضاف: «تزداد أهمية روسيا البيضاء بالنسبة لإيران بسبب التراجع الكبير في قدرة إيران على شراء منتجات من دول مثل الصين وروسيا وإمارة دبي التي كانت دوما مصادرها الرئيسية لمثل هذه المشتريات. وأكد عدد من الدبلوماسيين الغربيين صحة تصريحاته بشأن إيران وروسيا البيضاء، ومن بينها اهتمام الإيرانيين بتكنولوجيا الملاحة والتوجيه لبرنامجهم الصاروخي.

وسارعت روسيا البيضاء إلى نفي تلك الاتهامات. وقال أندريه سافينيخ المتحدث باسم وزارة الخارجية: «هذه المعلومات خاطئة». روسيا البيضاء تلتزم، وعلى نحو مسؤول للغاية، بالعقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة، ولم تنتهكها قط. وتابع: «هذه المعلومات يمكن اعتبارها محاولة أخرى للتأثير على سمعة بلادنا». ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من البعثة الروسية في الأمم المتحدة. وتخضع روسيا البيضاء نفسها لعقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ أن شن الرئيس ألكسندر لوكاشينكو، الذي يشغل منصبه منذ 1994 حملة صارمة ضد محتجين في ديسمبر (كانون الأول) 2010 في أعقاب انتخابات رئاسية يقول منتقدوه إنه زور نتائجها.

وتكابد البلاد الآن أزمة اقتصادية. وضرب دبلوماسي من دولة تنتقد البرنامج النووي الإيراني مثلا لكيفية دخول روسيا البيضاء للصورة، حيث تحدث عن معلومات استخبارية تقول إن رجل أعمال من روسيا البيضاء يدعى يوري تشارنياوسكي كان يحاول الحصول على تكنولوجيا لشركته (تي إم للخدمات) من شركة «أوبتولينك» الروسية بغرض بيعها لإيران.

ونفي تشارنياوسكي، الذي تحدث إلى «رويترز» عبر الهاتف من روسيا البيضاء المزاعم، وقال إنه لا تربطه أي صفقات عمل مع إيران. وصرح بأنه لم يبرم أي عقود أو يجر أي اتصالات مع إيران، وقال: «لم أعمل مع هذه الدولة على الإطلاق، (أوبتولينك) لديها نفس هذه المعلومات». وصرح المدير العام لـ«أوبتولينك» يوري كوركيشكو لـ«رويترز» بأن شركة «تشارنياوسكي» تعتزم شراء وحدة قياس للقصور الذاتي من «أوبتولينك» يقول تشارنياوسكي إنها للجامعة التكنولوجية الوطنية في روسيا البيضاء. وهذه أول صفقة بين الشركتين، وتعتبر وحدات قياس القصور الذاتي مكونا رئيسيا في أنظمة الملاحة والتوجيه الخاصة بالصواريخ والزوراق وسفن الفضاء. وأبدى الدبلوماسيون اهتمامهم بالتعرف على ما أبلغته السلطات في مينسك لممثلي لجنة خبراء تابعة لمجلس الأمن. ومن المتوقع أن تنهي اللجنة زيارتها لروسيا البيضاء في غضون أيام. وقال دبلوماسي أظن أنه من المستحب أن تعرف روسيا البيضاء أنها تحت أعيننا.. نتمنى أن تفكر مرتين قبل أن تساعد إيران في انتهاك القانون.

وفي سياق آخر، نقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية عن مسؤول روسي كبير قوله الخميس، إن روسيا تبحث عن وسائل لتنفيذ عقد تسليم إيران صواريخ أرض - جو المتطورة من طراز «إس - 300»، بعد تجميده في سبتمبر (أيلول) 2010 تطبيقا لعقوبات الأمم المتحدة. وقال ميكايل دميترييف، رئيس الجهاز الفيدرالي للتعاون العسكري - التقني إن «روسيا تبحث عن وسائل لإيجاد حل لمصير هذا العقد بطريقة إيجابية».

وقد اضطر الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف إلى منع تسليم إيران صواريخ «إس - 300» في 22 سبتمبر (أيلول) 2010، تطبيقا لقرار أصدرته الأمم المتحدة لفرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي المثير للخلاف.

واتهم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد روسيا بـ«بيع» بلاده إلى الولايات المتحدة من خلال إلغاء العقد، وبدأ الشهر الماضي إجراءات ضد روسيا أمام محكمة دولية. وكانت أوروبا والولايات المتحدة وإسرائيل احتجت على هذا العقد، لأن هذه المنظومة المتطورة من الصواريخ، التي تعادل منظومة صواريخ «باتريوت» الأميركية، يفترض أن تتيح لإيران الدفاع بقوة عن منشآتها النووية إذا ما تعرضت لغارات جوية.