انقسام حول جمعة جديدة لرفض الطوارئ والمحاكمات العسكرية

الحكومة المصرية: الإجراءات لن تطبق على أصحاب الرأي * مخاوف من تجدد صدامات جماهير «الألتراس» مع الشرطة

TT

وسط انقسامات بين القوى والحركات السياسية، تتجه الأنظار اليوم إلى ميدان التحرير الذي شهد دعوة لتنظيم مظاهرة مليونية تحت شعار «لا للطوارئ» للإعراب عن الرفض لقرار الحكومة المصرية بتفعيل قانون الطوارئ.

وتبرر بعض القوى السياسية رفضها المشاركة في المظاهرة مستندة إلى ما ذكرته الحكومة المصرية من مبررات بضرورة تفعيل القانون للتصدي للخارجين على القانون وإعادة الأمن والاستقرار للشارع المصري ومنع أعمال تخريب الممتلكات العامة أو الخاصة، حيث أكد مجلس الوزراء أن القانون لن يطبق على السياسيين أو المعارضين أو أصحاب الرأي، ولكن فقط على حالات الخروج السافر على التعبير السلمي عن الرأي أثناء المظاهرات وأحداث البلطجة التي تروع المواطنين الآمنين والعنف وإثارة الفوضى والشائعات.

وأكد السفير محمد حجازي، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، أن الحكومة أعلنت أنها كانت ولا تزال حريصة على إلغاء حالة الطوارئ.

ولكن الكثير من القوى السياسية والثورية في مصر رأت أن إعادة تفعيل قانون الطوارئ بعد الثورة هو بمثابة انتكاسة وعودة للخلف، وطالبت بضرورة مواجهة هذا الأمر بالتظاهر، حيث أعلنت قوى وائتلافات سياسية عدة مشاركتها اليوم، من بينها اتحاد شباب الثورة وحركة شباب من أجل العدالة والحرية وحزب الغد الجديد واتحاد قوى دعم البرادعي والنقابة العامة للفلاحين واتحاد النقابات المستقلة.

وعقدت هذه القوى اجتماعا أمس بمقر حزب الغد الجديد أعلنت خلاله عن المشاركة في جمعة «لا للطوارئ» للمطالبة بإلغاء القانون، محذرين من استخدام قانون الطوارئ كأداة لقمع الثورة، ومحاولة القضاء عليها من خلال بث حالة من الهلع والرعب في نفوس الشعب. ودعت الجبهة السلفية من جانبها كافة القوى السياسية والوطنية إلى التظاهر بميدان التحرير لإطلاق ما وصفته بـ«اللاءات الثلاث (لا للطوارئ، ولا للمحاكمات العسكرية، ولا لعسكرة الدولة)».

على الجانب الآخر، رفضت قوى سياسية أخرى المشاركة في هذه المظاهرة، حيث أكد حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين)، أن الحزب لن يشارك في هذه المظاهرات بسبب المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد، وأعلنت كذلك حركة شباب 6 أبريل وائتلاف شباب الثورة عدم مشاركتهما مع حرية المشاركة الفردية للأعضاء.

وقال محمد عباس، المتحدث الإعلامي باسم ائتلاف شباب الثورة، إن الائتلاف أعلن حرية المشاركة الفردية لأعضائه في مظاهرات يوم الجمعة المقبل لرفض تفعيل الطوارئ، مؤكدا أن الائتلاف دعا لمظاهرات كبيرة يوم الاثنين المقبل لنفس الغرض أمام مجلس الوزراء المصري، مشيرا إلى أن سبب فصل مظاهرات الجمعة عن الدعوات لمشاركة في مظاهرة جديدة يوم الاثنين يرجع إلى ضيق الوقت لأن الائتلاف يحتاج المزيد من الوقت لتوضيح مساوئ تفعيل الطوارئ للناس والبدء في عمل تحركات نوعية، بالإضافة إلى التنسيق مع باقي القوى السياسية.

من جانبه، أكد شمس الدين علوي، المنسق العام لتحالف ثوار مصر، أن تصريحات الحكومة حول تطبيق القانون على أعمال البلطجة والشغب فقط هو أمر كاف وتحرك مقبول، ما دام القانون لن يطبق على أصحاب الرأي وليس هناك حاجة للتظاهر اليوم، إلى ذلك أعلنت الجماعة الإسلامية رفضها للتظاهر في جمعة «لا للطوارئ»، خوفا من إثارة الفوضى الأمنية والسياسية والاقتصادية في البلد، خاصة عقب أحداث يوم الجمعة الماضي.

وبجانب قانون الطوارئ، تظل قضايا المحاكمات العسكرية للمدنين أحد أهم المواضيع المطروحة في مظاهرات اليوم، خاصة بعد رفض المجلس العسكري الإفراج عن الناشط والمدون السياسي، مايكل نبيل (26 عاما)، والذي حكم عليه بالسجن 3 سنوات بسبب اتهامه بإهانة المؤسسة العسكرية المصرية عن طريق تدوينات كتبها على مدونته الشخصية على شبكة الإنترنت، بعد إضرابه عن الطعام لأكثر من ثلاثة أسابيع واعتلال صحته، بالإضافة إلى صدور حكم أمس على الشاب محمد جاد الرب «الشهير بسامبو»، لمدة خمس سنوات بتهمة الاستيلاء على سلاح «ميري» من مجند أمن مركزي في مواجهات «موقعة مسرح البالون» في 28 يونيو (حزيران) الماضي لتثير هذه القضايا.

ورغم تطمينات الحكومة بأن قانون الطوارئ لن يستخدم ضد أصحاب الرأي، تقول منى سيف، الناشطة الحقوقية والسياسية: «قضايا المحاكمات العسكرية للمدنيين تعبر عن انتكاسة حقيقة للثورة، وإعادة تفعيل بعض المواد في قانون الطوارئ يعتبر جزءا من هذه الانتكاسة. وقضايا محمد جاد الرب أو مايكل نبيل لا تخرج عن هذا الإطار، لأن المواطن المدني له الحق في أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعي، في حين ترهب المحاكمات العسكرية المواطنين وتكمم الأفواه وتمنعهم من التعبير بحرية عن آرائهم. وبدأت هذه السياسية مع إحالة أكثر من 5 إعلاميين إلى القضاء العسكري، وعلى الرغم من عدم توجيه تهم إليهم، فإنها كانت رسالة واضحة من المجلس، إضافة إلى قانون تجريم الاعتصامات، وهو ما يجب على القوى السياسية الحذر منه والعمل على إيقافه».

وتتزامن تلك الأحداث مع مخاوف من تجدد شغب مجموعات روابط المشجعين (الألتراس) واشتباكاتها مع قوات الأمن عقب لقاء فريق الأهلي مع نظيره الترجي التونسي المقررة مساء اليوم باستاد القاهرة. ورغم عدم إعلان مشجعي الفريق عن نياتهم اليوم، فإن الصدامات السابقة وطبيعة المباراة النارية، والتي ستسفر عن تأهل أحد الفريقين إلى الدور التالي وخروج الآخر من التصفيات، تشير إلى أن كل الاحتمالات واردة.

وشهد يوم الثلاثاء قبل الماضي اشتباكات بين الشرطة ومشجعي النادي الأهلي عقب مباراة في بطولة كأس مصر امتدت إلى خارج أسوار الاستاد، وتم توقيف 16 من المشجعين على أثر تلك الاشتباكات وأحيلوا للمحاكمة، الأمر الذي دفع «الألتراس» للمشاركة في مليونية يوم الجمعة الماضي، والحضور بكثافة خارج مقر محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك.