مناطق الظل في قصة انشقاق المقدم حسين هرموش والقبض عليه

مصادر المعارضة السورية تتساءل: هل هرموش ضحية صفقة مخابراتية «سورية – تركية» أم ضحية ضباط أتراك علويين؟

TT

السؤال الذي لم يجد حتى الآن جوابا شافيا له هو: كيف وضعت المخابرات السورية يدها على المقدم حسين هرموش، أول كبار المنشقين من صفوف الجيش السوري؟ وكيف استعادته من تركيا التي انتقل إليها بعد انشقاقه وعاش فيها في مخيم «الطنوز» المخصص للعسكريين حتى يوم اختفائه؟

الروايات كثيرة.. وصحيفة «الغارديان» البريطانية نقلت عن منظمة حقوقية مقرها أنقره أن تسليمه جاء في إطار صفقة سورية – تركية، حيث سلمته تركيا مقابل تسلمها من سوريا تسعة ناشطين من حزب العمال الكردستاني.

«الشرق الأوسط» التقت في باريس أشخاصا، منهم المعارض السوري صلاح الدين بلال، الذي يعيش في ألمانيا، يعرفون المقدم حسين هرموش والتقوه في تركيا وهم على تواصل مع عائلته التي ما زالت موجودة في المخيمات التركية القريبة من الحدود السورية.

يروي صلاح الدين بلال أنه التقى هرموش الذي أطلق «حركة الضباط السوريين الأحرار» في المخيم التركي، وبقي على تواصل معه حتى اختفائه. وكان هرموش على اتصال بضابط تركي برتبة نقيب اسمه «أبو محمد» يتكلم العربية بطلاقة. وبحسب المعلومات المستقاة من عائلة هرموش، فإن الأخير عرض عليه تزويده بالسلاح لإدخاله إلى سوريا، وضرب له موعدا يوم 29 أغسطس (آب) الماضي خارج المخيم الذي يخضع لرقابة شديدة من أجهزة الأمن التركية. وبحسب بلال، فإن الأتراك كانوا يرسلون مواكبة لأي ضابط سوري يخرج من المخيم. إلا أن هرموش خرج من دون مواكبة ظهر ذلك اليوم ولكن بمعية ابنه القاصر وابن أخيه البالغ من العمر 21 عاما. وقال لهما الضابط المنشق إنه سيعود لاحقا إلى المخيم. ومنذ تلك اللحظة، اختفى هرموش، ليظهر مساء الخميس على شاشة التلفزيون السوري ويدلي باعترافات تتناول الاتصالات التي أجريت معه منذ انشقاقه. وسبق للإعلام السوري أن وضع القبض على هرموش تحت خانة نجاح «عملية نوعية» سمحت بوضع اليد عليه.

ويروي صلاح الدين بلال أن إبراهيم، شقيق حسين هرموش، سعى للاتصال به لكن هاتفه كان مقفلا. وتلقى إبراهيم اتصالا من المدعو غزوان المصري، وهو مواطن سوري يحمل الجنسية التركية وقيادي في حركة الإخوان المسلمين السوريين في تركيا وقريب من محيط رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، أبلغه فيه أن شقيقه في مكان آمن وسيعود بعد يومين. وكذلك حصل بلال على الجواب نفسه من غزوان المصري الذي طمأنه مجددا لقرب عودة هرموش إلى عائلته. لكن المفاجأة جاءت بعد ذلك في الإعلان عن استعادة هرموش وعن الإدلاء باعترافاته على التلفزيون السوري.

وتلاحظ المعارضة السورية أن أردوغان تفادى الإجابة عن سؤال يتناول هرموش خلال وجوده في القاهرة. لكن وزير الخارجية داود أوغلو وعد بجلاء المسألة، وهو ما لم يتم حتى تاريخه.

وتؤكد المعارضة السورية أن الجانب التركي «يعرف بالتأكيد مصير هرموش»، ولا تستبعد أن يكون وقع ضحية صفقة أبرمتها المخابرات التركية من نظيرتها السورية. فضلا عن ذلك، ترى أوساط المعارضة أن بعض الإخوان المسلمين «سعى للتغطية على بعض الحقائق».

غير أن أوساطا معارضة أخرى لا تستبعد أن يكون تسليم هرموش تم من قبل ضابط أو مجموعة ضباط أتراك من الطائفة العلوية المنتشرة بكثرة في منطقة المخيمات السورية في تركيا، مما يعني أن الصفقة قد تكون تمت من غير علم أو طلب القيادة التركية. ومن الفرضيات الأخرى أن تكون الصفقة قد تمت على مستوى المخابرات وبعيدا عن السلطة السياسية التركية التي تقف موقفا متشددا من النظام السوري. وأثير موضوع هرموش بين الولايات المتحدة الأميركية وتركيا بعد رسائل وجهتها المعارضة لواشنطن وطلبت فيها جلاء قصة الضابط المنشق التي ما زالت بعض محطاتها غامضة.