إسرائيل تقرر هدنة من طرف واحدمع تركيا.. وتعيد سفيرها إلى عمان

مصدر دبلوماسي: انفلات أردوغان سيوقعه أرضا في كل الجبهات التي يخوضها

TT

قرر الطاقم الوزاري الثماني في الحكومة الإسرائيلية، في اجتماع طارئ الليلة قبل الماضية، الامتناع من الآن فصاعدا عن التعليق على تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وذلك لكي لا تسهم إسرائيل في تدهور العلاقات بينهما أكثر مما هي متدهورة اليوم.

وقال مصدر سياسي رفيع إن هذا القرار جاء بعد القناعة بأن «انفلات أردوغان سيوقعه أرضا في كل الجبهات التي يخوضها»، فتقرر «عدم الانجرار وراء الشعارات البلطجية التي يطلقها، والانتظار لاحتمال أن تتحول إلى أفعال على الأرض، وعندها فقط سيتم الرد عليه». وأضاف المصدر أن دراسات أجريت في إسرائيل حول الأوضاع في تركيا، بينت أنه «على الرغم من فوزه الكبير في الانتخابات الأخيرة، فإن شعبيته بدأت تنخفض نتيجة لتصريحات العربدة التي يطلقها، وأن سياسته الاقتصادية ستورطه في أزمة شديدة». وللدلالة على ذلك، اقتبس المصدر نتائج استطلاع رأي نشرتها صحيفة «تودي زمان» التركية، دلت على أن 37 في المائة من المواطنين الأتراك لا يؤيدون الخطوات الأخيرة في سياسة أردوغان تجاه إسرائيل (48 في المائة يؤيدونها). وقال إن 70 في المائة من الأتراك يرون أن على الحكومة أن تتركز حاليا على موضوع مكافحة الإرهاب.

وكانت واحدة من هذه الدراسات تحدثت عن الوضع الاقتصادي في تركيا، فقالت إنه سيئ للغاية وفي القريب سيشعر المواطنون الأتراك بنتائجه المأساوية. واعتمدت في ذلك على حقيقة أن العجز في الموازنة التركية بالمقارنة مع الناتج القومي يبلغ حاليا 9.5 في المائة، وهي نسبة كبيرة جدا تقترب من نسبة العجز في اليونان، البالغة 10.5 في المائة. وللمقارنة تشير الدراسة إلى أن العجز في إسرائيل لا يتعدى 3 في المائة وسيهبط إلى 2 في المائة في هذه السنة. ويقول الباحث د.جاي بيخور، إن سياسة الاعتمادات في تركيا سوف تنهار قريبا، بسبب أعباء الديون التي جلبها أردوغان. ويضيف «لقد تضاعفت ديون تركيا الخارجية في 18 شهرا الأخيرة مرتين. والسبب في ذلك هو أن أردوغان أدار سياسة انتخابية استهدف فيها أرضاء الناخبين، فعرض على المواطنين قروض إسكان سهلة في البنوك المحلية وبفوائد بسيطة جدا. وبدا للمواطنين أن هذه القروض ناجمة عن ازدهار اقتصادي، لكنهم سيدركون خطأهم عندما يقترب موعد تسديد هذه الديون». وأشار إلى أن نسبة البطالة في تركيا تبلغ 13 في المائة، وقيمة الليرة التركية انخفضت إلى أدنى مستوى منذ 2009، سنة انفجار الأزمة الاقتصادية العالمية، والبورصة انخفضت بنسبة 40 في المائة فقط في نصف السنة الأخير.

كما تبني إسرائيل كثيرا على ردود الفعل في أوروبا والولايات المتحدة تجاه سياسة أردوغان. وتقول إن واشنطن وجهت رسالة شديدة اللهجة إلى أردوغان بسبب هجومه العنيف على إسرائيل وكذلك فعلت أوروبا. وتبني إسرائيل أيضا الكثير على تحركات أوروبية شعبية ضد هذه السياسة، وتقول إن عدة أصوات بدأت ترتفع هناك معبرة عن نفورها منه وتتهمه بالغطرسة. وتم اقتباس تصريحات عضو البرلمان الأوروبي، ألمار بروك، الذي قال إن أردوغان يحاول جعل بلاده دولة عظمى إقليميا، كما كانت الإمبراطورية العثمانية، لكنه بهذا يدير ظهره إلى أوروبا وينبغي أن يتعامل بالمثل. وهناك تصريحات شبيهة أدلى بها النائب ألكسندر غراف، واتهم فيها أردوغان بترويج العداء للغرب.

وفي موضوع ذي علاقة، أعادت وزارة الخارجية الإسرائيلية، أمس، سفيرها، دانيال نابو، إلى عمان، ليزاول عمله، فيما يعود بقية طاقم السفارة غدا الأحد، ليزاولوا عملهم كالمعتاد، بعد أن كانوا غادروا العاصمة الأردنية خوفا من المتظاهرين الأردنيين. وكان نابو وجميع العاملين في السفارة وأفراد عائلاتهم قد غادروا عمان، الأربعاء الماضي، على أثر الإعلان عن «مظاهرة مليونية» أمام السفارة في حي الرابية في عمان، أول من أمس الخميس. وأعربوا عن مخاوفهم من تكرار أحداث السفارة في القاهرة، حيث تمكن المتظاهرون من اقتحام السفارة وإنزال العلم الإسرائيلي عنها وإحراقه، خصوصا أن الداعين لمظاهرة عمان أكدوا رغبتهم بوضوح في اقتحام السفارة. وطالبوا بإغلاقها وبطرد السفير. لكن اختزال المظاهرة من مليون إلى بضع مئات قليلة أعاد الاطمئنان إلى الدبلوماسيين الإسرائيليين، فقرروا العودة إلى عمان غدا، مع «التصرف بحذر ويقظة». وقال السفير نابو إن بلاده واثقة من أن الأردن متمسك باتفاقية السلام مع إسرائيل ويتصرف من خلال هذا الموقف. واستبعد أن يصيب سفارته في عمان ما أصاب السفارة في القاهرة.