اليمن: مظاهرات حاشدة مؤيدة ومعارضة وواشنطن تتحدث عن بوادر مشجعة لإنهاء الأزمة

آشتون تبدي قلقها من تصاعد العنف.. وبيرت يرحب بتفويض الرئيس لنائبه

يمنية منتقبة مؤيدة للرئيس علي عبد الله صالح تلف رأسها بالعلم اليمني وفي الوسط صورة الرئيس صالح ضمن مظاهرة لمؤيدي الرئيس في صنعاء، أمس (أ.ف.ب)
TT

شهدت العاصمة اليمنية، صنعاء، ومعظم المحافظات اليمنية، أمس، مظاهرات هي الأكبر من حيث عدد المشاركين منذ اندلاع الاحتجاجات المطالبة برحيل نظام الرئيس علي عبد الله صالح، وجاءت هذه المظاهرات الضخمة في وقت بدأت تلوح في الأفق بوادر بالتوصل إلى اتفاق سياسي يفضي إلى إنهاء الوضع القائم في اليمن الذي عطل كافة مؤسسات الدولة خلال الأشهر الـ8 الماضية. واحتشد مئات الآلاف في صنعاء ومثلهم في تعز وعشرات الآلاف في إب وذمار وحجة والبيضاء والحديدة وغيرها من المحافظات وهم يهتفون بسقوط من يصفونهم بـ«بقايا النظام»، ويعلنون رفضهم لأي حوار معهم، ويطالبون بـ«حسم ثوري».

وأدى المتظاهرون المحتجون الصلاة في ما أطلق عليها «جمعة الوعد الصادق»، في شارع الستين بصنعاء، وفي باقي الساحات بالمحافظات، في حين سقط عدد من المتظاهرين جرحى في مدينة تعز برصاص قوات الأمن التي أطلقت الرصاص الحي على المتظاهرين في «ساحة الحرية». وخرجت المظاهرات تلبية لدعوة شباب الثورة و«المجلس الوطني» الذي طالب المجتمع الدولي بـ«اتخاذ إجراءات عملية للضغط على بقايا النظام للتوقف عن ارتكاب مزيد من الجرائم والرضوخ لإرادة الشعب، كما طالب بملاحقتهم وتقديمهم للعدالة كمرتكبي جرائم ضد الإنسانية، خصوصا مع إصرارهم على استخدام العنف لإجهاض الثورة كما يتوهمون، ورفضهم القبول بكل الوساطات والمحاولات، وأبرزها التوقيع على المبادرة الخليجية»، على حد تعبير المجلس في بيان صادر عنه.

وفي صنعاء، خرج الآلاف من أنصار الرئيس علي عبد الله صالح للتظاهر في «جمعة رجال صدقوا ما عاهدوا الله»، حيث احتشد الموالون للنظام في ميدان السبعين بجنوب العاصمة، صنعاء، ووصفت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» المشاركين بالملايين، وقالت إنهم جددوا تأييدهم لـ«الشرعية الدستورية»، وحسب المصادر ذاتها فإن «الحشود المليونية نددت بتلك المواقف الخائنة المعادية للشعب والوطن وللأمن والاستقرار من ناكثي العهود والمارقين على القيم الدينية والوطنية والمثل الأخلاقية»، وعبروا عن «الاعتزاز والتقدير لكل أبناء الوطن الملتزمين بأداء الواجبات الدينية والمسؤوليات الوطنية في كل الأحوال والظروف والثابتين على عهدهم وولائهم والصامدين في مواقع البذل والتضحية والفداء لتبقى راية الشرعية الدستورية مرفرفة في كل ربوع الوطن اليمني رغم كل أعمال التآمر والعدوان».

وتأتي هذه المظاهرات المعارضة والمؤيدة، في وقت قالت فيه الولايات المتحدة إن الوضع مشجع في اليمن، وإن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق خلال أسبوع لإنهاء الأزمة القائمة في اليمن، وقالت المتحدة باسم الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، إن هناك بوادر مشجعة من المعارضة والسلطة من أجل تنفيذ انتقال للسلطة في اليمن.

وفي حين تستمر أعمال العنف في أرحب ونهم بشمال صنعاء، وفي محافظة تعز، بين القوات الموالية للنظام والمسلحين المؤيدين للثورة، فقد أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه من استمرار أعمال العنف، وقالت كاثرين آشتون، الممثلة العليا للشؤون الخارجية وسياسات الدفاع في الاتحاد الأوروبي، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، في بيان صادر عنها، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنها لا تزال «قلقة من استمرار العنف في اليمن، حيث أصبحت حوادث العنف ذات طابع يومي مما يجعل من عملية انتقال السلطة بشكل سلمي أمر في غاية الأهمية من أي وقت سابق».

وأضافت المسؤولة الأوروبية: «أرحب بنية نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي دعوة الحزب الحاكم والمعارضة للالتقاء للتوصل إلى اتفاق. ويعد أمرا مهما أنه قد فوض للتوقع نيابة عن الرئيس علي عبد الله صالح»، وحددت آشتون العناصر الأساسية للاتفاق، وقالت إنها «موجودة حيث تنص عليها المبادرة الخليجية والجهود الدولية والمحلية الأخرى والمتمثلة في: انتخابات مبكرة، وحكومة وحدة وطنية، والترتيبات الأمنية التي من شأنها توفير الاستقرار في كافة أرجاء البلاد، التي ستكون ضرورية في الفترة التي تسبق الانتخابات»، مؤكدة أنها تدعم «جميع الجهود التي ستؤدي إلى التوقيع على اتفاقية»، وأنها ستعمل «بشكل وثيق مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والشركاء الدوليين لتقديم الدعم لعملية سياسية يمنية بناءة التي تلبي تطلعات واحتياجات الشعب اليمني».

وفي السياق ذاته قال أليستر بيرت، وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط: «أشعر بقلق بالغ إزاء تدهور الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي في اليمن. حل أمني سلمي في اليمن ضروري لمنع أزمة إنسانية ولمنع احتمالات العنف»، وقال بيرت: «لقد ناقشت المستجدات مع وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي في 13 سبتمبر (أيلول). رحبت بتفويض الرئيس صالح لنائبه هادي للتوقيع على المبادرة الخليجية وللاتفاق مع المعارضة على آلية لتنفيذها. وأدعو الحزب الحاكم والمعارضة إلى الانخراط في حوار جاد تحت إشراف النائب الذي ينبغي أن يطور أفكارا حول المبادرة وتشكيل حكومة وحدة وطنية تترأسها المعارضة، وتشكيل لجنة عليا لإعادة تشكيل القوات المسلحة والأمن وإجراء انتخابات قبل نهاية عام 2011»، وأضاف بيرت: «نطبع مع كل حلفائنا إلى نهاية الأزمة اليمنية بأسرع وقت ممكن، وفي الأمم المتحدة سوف أترأس اجتماعا مع وزراء خارجية الدول المعنية في المنطقة».