تغطيات «الجزيرة» و «العربية» في برقيات «ويكيليكس»

مسؤولو «الجزيرة» شكوا للمسؤولين الأميركيين: لماذا فضل أوباما «العربية» علينا؟

TT

في رزمة جديدة من تسريبات «ويكيليكس» كشف عنها مؤخرا ورد اسم قناة «الجزيرة» القطرية في عدد لا بأس به من برقيات وزارة الخارجية الأمريكية حول التغطيات الإعلامية لـ«الجزيرة»، وعلاقة القناة مع الإدارة الأميركية، والتوتر والتناغم، والمنافسة بين قناتي: بين «الجزيرة» و«العربية» على نقل الخبر وتحقيق السبق، ومشكلة بث «الجزيرة» لأشرطة الفيديو التي تصل إليها من «القاعدة»، وبخاصة تلك التي تحتوي على معلومات ذات حساسية أمنية أو التي فيها مخطوفون غربيون قد تتعرض حياتهم للخطر، و«الجزيرة» وإيران، وبعض المشاكل داخل إدارة القناة والعلاقة بينها وبين الموظفين.

* بث أشرطة الرهائن التي يرسلها الخاطفون

* في وثيقة بتاريخ 11 فبراير (شباط) دون ذكر للعام، وردت إشارة لاجتماع ضم مسؤولين من السفارتين الأميركيتين في كل من بغداد والدوحة من جهة، مع مسؤولين من قناة «الجزيرة» من جهة أخرى، بخصوص تعاطي قناة «الجزيرة» مع أشرطة الفيديو التي حصلت عليها من «القاعدة» وغيرها من الجماعات المسلحة، وبخاصة تلك التي يكون فيها رهائن غربيون لدى تلك المنظمات أو الجماعات المسلحة التي أرسلت الشريط.

وحسب الوثيقة، فقد دافع ممثلون من طرف القناة عن سياسات القناة في عرض أشرطة الرهائن الغربيين، مع تعبيرهم عن عدم رضاهم عما جرى للرهائن وعدم موافقتهم على مبدأ الخطف الذي تمارسه تلك الجماعات. وتذكر الوثيقة أن ممثلي «الجزيرة» وافقوا على نقل القضية إلى المسؤولين في قناة «الجزيرة» بعد استماعهم إلى ملحوظات فنية عن الكيفية التي يمكن أن تستخدم بها أشرطة الفيديو من ناحية أمنية قد تشكل خطورة على حياة الرهائن أنفسهم. وقد حاول ممثلو القناة عرض وجهة نظرهم في القول بأنهم يحاولون أن تكون القناة قناة «عالمية مستقلة ذات مشروعية، مع عدم السماح لشبكة «الجزيرة» أن تكون «رهينة» سواء للحكومات أو للجماعات الإرهابية».

وتذكر الوثيقة أن وضاح خنفر، رئيس القناة، قد أكد أن «الجزيرة» ستنشر بيانا تحريريا «يدين عمليات الخطف ويدعو إلى إطلاق سراح الرهينة في حالة كونه صحافيا، ولكنها سوف تلتزم الحياد في حالة الرهائن الآخرين من غير الوسط الصحافي». وفي الوثيقة يقول من أشير إليه بـ«راي» من الجانب الأميركي إن الإدانة جيدة غير أنها يمكن أن تكون «سيفا ذا حدين، إذا كانت للإدانة آثار غير متوقعة على الخاطفين». ويضيف راي أن المعلومات والبيانات الموجود في الشريط هي في غاية الأهمية، غير أنها تفقد أهميتها بعد عرض الشريط لأن الخاطفين سوف يعملون على تغيير الوضع بمجرد أن يبث الشريط، وبالتالي فلا يمكن التوصل إلى استنتاجات مهمة قد يفيد فيها الشريط بما يحويه من ألوان أو أشياء موجودة في خلفيته، مما قد يقود إلى استنتاجات معينة.

ويؤكد راي أن «الوقت حساس جدا» في هذه الحالة وضروري لعملية «وصل النقاط ببعضها» حسب الوثيقة. وبعد نقاش طويل وافق خنفر على نقل قلق المسؤولين الأميركيين إلى المسؤولين في مجلس الإدارة، على الرغم من أنه بدا حساسا لمسألة أن يظهر بمظهر الذي يقدم خدمة للأميركيين. وفي هذه القضية تشير إحدى الوثائق إلى أن أحمد شيخ، وهو مدير تحرير في القناة، يبدو أكثر تفهما للمسألة وقد قال إنه «يتمنى لو أن (الجزيرة) لم تستقبل أيا من هذه الأشرطة».

وتخلص الوثيقة في تعليق لها إلى أن «الجزيرة» بتوسعها باتجاه العالمية فإن ذلك عمل جيد حيث سيجعل «الجزيرة» أكثر إدراكا لأهمية تطبيق المعايير الدولية في العمل الإعلامي، حسب الوثيقة.

* «الجزيرة» و«العربية»

* تشير إحدى الوثائق المنشورة والمرسلة من السفارة الأميركية في الدوحة بتاريخ 2 يناير (كانون الثاني) من دون تحديد العام، إلى أن المسؤولين في قناة «الجزيرة» يريدون معرفة لماذا اختار الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قناة «العربية» بدلا من «الجزيرة» لتكون أول قناة عربية يجري معها أوباما حوارا متلفزا.وتنقل البرقية عن مسؤولي (الجزيرة)قولهم إن جمهورهم لا يقارن بالعربية. وقد ذكر ذكر أحد المحررين في «الجزيرة الإنجليزية» أنهم بثوا لقطات من حوار أوباما الذي سجله مع «العربية»، غير أن تعليمات صدرت من وضاح خنفر، رئيس تحرير «الجزيرة»، بوقف بث اللقطات نظرا لعدم احتوائها «على مادة خبرية مهمة». وأشار عبد العزيز المحمود، أحد المسؤولين في «الجزيرة»، الذي أشارت إليه الوثيقة بوصفه «أحد الإصلاحيين»، إلى الاستغراب من اختيار أوباما لـ«العربية» على الرغم من أنها («العربية») لدى المواطن العربي العادي تمثل وجهة نظر الحكومات، في حين أن «الجزيرة» قناة تحظى بثقة المواطن العربي. وقال المحمود: «لأن الرئيس الأميركي وصل رسالته عبر (العربية)، فقد وقعت على آذان صماء»، وأضاف: «لا أحد يشاهد (العربية)».

وأشارت مديرة إنتاج البرامج الحوارية في «الجزيرة الإنجليزية» إلى أنهم في «الجزيرة» «كانوا يتمنون للرئيس (أوباما) النجاح، لكنه لم يكن موفقا في اختياره قناة لا يشاهدها إلا 10 في المائة من المشاهدين». وأشار الخليفي، أحد مسؤولي «الجزيرة»، لمحدثه الأميركي في الوثيقة، إلى أنه «بغض النظر عن رؤيتك لتغطية (الجزيرة) لحرب غزة فإن المسؤولين الأميركيين ينبغي أن يوصلوا صوتهم عن طريق (الجزيرة)». في إشارة إلى عدم التوفيق في اختيار أوباما قناة «العربية» لإجراء الحوار.

وتشير إحدى الوثائق إلى مسألة التوظيف السياسي لـ«الجزيرة» من قبل القطريين في القضايا التي تخص تعامل «الجزيرة» مع القضايا السعودية والمصرية. وجاء فيها كذلك: «إن القيادة القطرية تريد إبقاء (الجزيرة) غير بعيد من الأجهزة السياسية القطرية». وذكرت الوثيقة أن الخليفي أحد مسؤولي (الجزيرة) أشار إلى أن (الجزيرة) تتعرض كذلك بالنقد لتصرفات الحكومة القطرية كذلك. وقال: «إن العاملين في (الجزيرة) لا يتلقون تعليمات مباشرة من الأمير»، على الرغم من إقراره أنهم يستوحون ذلك من أفعاله.

* «الجزيرة» وانتخابات إيران والحرب على غزة

* تذكر إحدى الوثائق أنه في 22 يونيو (حزيران) تقدم وضاح خنفر لطلب «فيزا» لزيارة الولايات المتحدة عن طريق السفارة في الدوحة، في ما يبدو، وكان الغرض من الزيارة شرح ومناقشة ما قال الأميركيون إنه عدم التوازن بين تغطية القناة للحرب على غزة وتغطيتها للانتخابات الإيرانية وما جرى بعدها. وقد برر خنفر، حسب الوثيقة، ذلك بأن العمل الصحافي في إيران صعب للغاية. وقال خنفر حسب الوثيقة: «الحكومة الإيرانية تكره (الجزيرة) ولا تسمح لها بالعمل بحرية»، وأضاف أن «الجزيرة» أرسلت 4 صحافيين مؤقتين، بالإضافة إلى اثنين دائمين، غير أن الحكومة الإيرانية طلبت من أحد الصحافيين وقف التصوير وهددت بترحيل صحافيي «الجزيرة» في حال عدم التوقف عن التصوير.

وذكر خنفر أن المصور تابع تصويره لمدة 18 ساعة تالية، وهو الأمر الذي أدى إلى مصادرة المعدات الصحافية للصحافيين الـ4 وترحيلهم. كما أشار خنفر إلى وجود أسباب فنية تمنع كون التغطية من داخل إيران في حجم التغطية من داخل غزة، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل حرية التنقل التي كانت أثناء حرب غزة، وهذا الأمر غير متوفر في الحالة الإيرانية التي وصف خنفر العمل الصحافي فيها بـ«الكفاح المستمر». وأشار خنفر إلى أن «إيران تكره (الجزيرة) وتعتبرها أداة دعاية سنية على حساب الشيعة العراقيين الذين تدعمهم إيران»، مضيفا: «لا أحد من الصحافيين في (الجزيرة) يحب إيران». ومع اعتراف خنفر بعدم التوازن بين التغطيتين في الحرب على غزة والانتخابات الإيرانية، فإنه قال إن من ضمن الأسباب كذلك أنه كانت هناك حرب في غزة بينما ما حدث في إيران كان مجرد انتخابات.

وتعرضت وثيقة أخرى لمسألة استقالات العاملين في شبكة «الجزيرة»، وبخاصة في «الجزيرة الإنجليزية»، مثل ستيف كلارك الذي استقال وعللت «الجزيرة» استقالته بأنه ما كان له أن يستمر في وقت ترفع فيه زوجته على «الجزيرة» دعوى قضائية بـ«التمييز». ونقلت إحدى الوثائق أن مذيعا آخر في «الجزيرة الإنجليزية» قدم استقالته واتهم الصحافيين في غرفة الأخبار في «الجزيرة» بأنهم ينتهجون سياسة ضد الولايات المتحدة.