الأنبار تتهم كربلاء بـ«القرصنة» بعد اعتقال 10 من أبنائها على خلفية حادثة النخيب

محافظها لـ «الشرق الأوسط»: الحل يكمن في إعادة المعتقلين إلى الرمادي

قوة أمنية عراقية تعرض في كربلاء الليلة قبل الماضية مشتبهين بهم اعتقلتهم في الأنبار على خلفية حادثة النخيب (رويترز)
TT

تصاعدت الأزمة بين محافظتي الأنبار وكربلاء على خلفية قيام رئيس مجلس محافظة كربلاء، محمد الموسوي، بمساعدة قوة عسكرية، باعتقال 10 من أبناء الأنبار بتهمة الضلوع في حادثة النخيب التي أدت إلى مقتل 22 مواطنا عراقيا من أهالي كربلاء بعد أن تم اختطاف حافلتهم المتوجهة من كربلاء إلى سوريا على الطريق الصحراوي بالقرب من قضاء النخيب المتنازع عليه بين المحافظتين وإعدامهم رميا بالرصاص.

وبينما أصدر مكتب القائد العام للقوات المسلحة، نوري المالكي، أمرا «يقضي بنقل معتقلي محافظة الأنبار من كربلاء إلى بغداد»، طبقا لبيان صادر عن مكتبه، مشيرا إلى أن «المعتقلين نقلوا فعلا وهم محتجزون بشكل رسمي حاليا، كما سيتم إخضاعهم للتحقيق»، فقد وصف محافظ الأنبار، محمد قاسم الفهداوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قيام رئيس مجلس محافظة كربلاء باعتقال 10 من أبناء الأنبار واقتيادهم إلى كربلاء بأنه «عمل من أعمال القرصنة ومخالف للأعراف والقيم والاعتبارات»، فضلا عن أنه «مخالف لسياقات عمل الدولة وأجهزتها المختلفة التي تقوم بعوامل الاعتقال طبقا للأصول المعمول بها وليس عبر أساليب أشبه ما تكون بعمل العصابات التي تقوم بعملية خطف مواطنين بصرف النظر إن كانوا متهمين أم لا؛ لأن هناك أصولا يجب اتباعها في مثل هذه الحالات».

وأوضح الفهداوي أن «هناك توترا عشائريا في مدن الأنبار، ومع كل ما نبذله من محاولات تهدئة، فإن الناس يرون أن هذه الأعمال ليست مقبولة على الإطلاق». وردا على سؤال بشأن ما إذا كان إعلان القائد العام للقوات المسلحة (المالكي) نقل المعتقلين من كربلاء إلى بغداد يكفي للتهدئة قال: «إن هذا لا يكفي، وإن الحل الوحيد لذلك هو إعادة المعتقلين إلى الأنبار ويجري التحقيق معهم من قبل الأجهزة المختصة في المحافظة، ومن ثم تصدر مذكرات اعتقال أصولية بحقهم، وينال من يثبت منهم تورطه في عملية النخيب التي ذهب ضحيتها مواطنون من أهالي كربلاء والفلوجة جزاءه العادل». وبشأن ما إذا كانت مثل هذه العملية تأتي في سياق المطالبة بإعادة قضاء النخيب إلى كربلاء، قال الفهداوي: «إننا لا نستبعد مثل هذا الاحتمال، لكن مثل هذه الأحلام لن تتحقق، فضلا عن أن هذه العملية ارتدت على منفذيها بشكل سلبي».

في السياق نفسه، دعا المالكي ونائب رئيس الوزراء صالح المطلك إلى التهدئة وعدم الانجرار إلى الفتنة. وأصدر مكتب المطلك، الذي ينتمي إلى القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، بيانا، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، جاء فيه: «إنه في ضوء تداعيات الجريمة الإرهابية التي وقعت في منطقة النخيب وراح ضحيتها عدد من العراقيين الأبرياء، ندعو المواطنين إلى التحلي بالروح الوطنية وعدم الانجرار وراء التقولات التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار وهدم الوحدة الوطنية بين أبناء المحافظات العراقية». وأكد المطلك أن المالكي أكد، خلال اتصال هاتفي معه «أن الإرهاب لا يستثني أحدا، وأن المغدورين هم من أبناء محافظتي الأنبار وكربلاء». ودعا البيان إلى «وقف الحملات الإعلامية والتراشقات الخطابية وتبادل الاتهامات بين هذا الطرف أو ذاك، لتفويت الفرصة على الإرهابيين من تحقيق مآربهم الدنيئة». كما شدد البيان على «عدم السماح لأي طرف بخرق القانون وزعزعة الأمن وبث الفرقة بين أبناء البلد الواحد»، مؤكدا أن «العراقيين أوعى من أن ينساقوا خلف الفتن والمؤامرات، التي تهدف إلى تبديد أحلامهم في بناء عراق حر ديمقراطي».

كانت الكثير من مدن الأنبار قد أقامت، أمس، صلاة الغائب على أرواح ضحايا النخيب. وقال الشيخ عبد الله الدليمي، عضو مجلس علماء الأنبار إمام وخطيب جامع الرمادي، خلال خطبة الجمعة: «إن أهالي الأنبار يدينون عملية النخيب»، داعيا إلى «القصاص من القتلى وعدم خلط الأوراق، وعدم السماح لمثيري الفتن بالتلاعب بمشاعر العراقيين». وأكد الدليمي «ضرورة إطلاق سراح المختطفين من الرمادي»، مطالبا «رجال الدين وشيوخ العشائر في كربلاء بالعمل على ذلك». كانت صلاة الغائب على أرواح ضحايا النخيب قد أقيمت في مدن الرطبة والرمادي والفلوجة، كما تظاهر المئات من أهالي قضاء الرطبة في محافظة الأنبار، عقب صلاة الجمعة، منددين باختطاف مواطنين من القضاء. وحمل المتظاهرون صور معتقليهم، متهمين الحكومة بالضعف والترهل وانصياعها للميليشيات والأحزاب الطائفية.

من جهتها، اعتبرت القائمة العراقية أن دخول قوة من محافظة كربلاء بأمر من رئيس مجلسها إلى محافظة الأنبار واعتقال عدد من أبناء مدينة الرطبة دون علم الجهات الأمنية ودون علم المحافظة ورئيس مجلسها سيؤثران سلبا على المصالحة الوطنية، خصوصا أن محافظة الأنبار كانت السباقة في محاربة الإرهاب. وقال رئيس الكتلة النيابية للقائمة العراقية، سلمان الجميلي: «في الوقت الذي ندين فيه العمل الإرهابي الذي استهدف الدم العراقي والذي ذهب ضحيته 22 عراقيا من أبناء محافظات الأنبار وكربلاء وبغداد ونطالب بإنزال أشد العقوبات بحق مرتكبيه إلا أننا نستغرب من العمل الذي قام به مجلس محافظة كربلاء باعتقال 8 من أبناء قضاء الرطبة دون علم الجهات الأمنية ودون التنسيق مع المحافظ ورئيس مجلس محافظة الأنبار، مما جعل القضية تأخذ أبعادا غير قانونية». وأضاف أن «جريمة اغتيال المواطنين في النخيب أريد من خلالها دق مسمار الفتنة في جدار الوحدة الوطنية»، معربا عن أمله «ألا تكون عملية الاعتقال التي جاءت ردا على مقتل ركاب الحافلة بالنخيب تزيد من تعقيد الموقف».