أردوغان من طرابلس: من يمارس القمع ضد السوريين لن يبقى.. وزمن الطغاة ولى

رئيس الوزراء التركي أشاد بالثوار الليبيين.. ودعا سرت وبني وليد إلى إلقاء السلاح

رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لدى استقباله بحفاوة من قبل الليبيين لدى وصوله الى طرابلس أمس (رويترز)
TT

خصص رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس جزأ كبيرا من تصريحاته التي أدلى بها خلال زيارته إلى العاصمة الليبية طرابلس للإشارة إلى الأوضاع في سوريا، موجها انتقادات حادة ضمنية إلى الرئيس السوري بشار الأسد، وقال: إن «من يمارسون القمع على شعب سوريا لن يبقوا». كما لم يفت المسؤول التركي الإشادة بالثوار الليبيين الذين أطاحوا بنظام العقيد الهارب معمر القذافي، داعيا إلى وحدة الصف بين الليبيين وسرت وبني وليد إلى الانضمام للثوار.

وقال أردوغان في كلمة أمام حشد من المواطنين الليبيين بالعاصمة طرابلس إن الشعب الليبي بإطاحته بالقذافي أصبح قدوة للآخرين الساعين للتخلص من القمع، وأضاف أردوغان وسط هتافات باسم تركيا «أنتم من أظهرتم للعالم بأسره أن ما من إدارة يمكنها أن تقف أمام قوة الشعب وإرادته»، وتابع: «لا تنسوا هذا من يمارسون القمع على الشعب في سوريا لن يمكنهم الوقوف على أقدامهم لأن القمع والازدهار لا يستقيمان سويا»، وأضاف من دون أن يشير إلى الرئيس السوري بالاسم «على هذا النوع من القادة أن يفهم أن زمنه قد ولى لأن عصر أنظمة الطغيان قد ولى»، وقد ترجمت تصريحاته من التركية إلى العربية.

وتأتي زيارة أردوغان لليبيا في ختام جولة بشمال أفريقيا. ويأمل أردوغان أن يجني مكاسب سياسية واقتصادية من حكام ليبيا الجدد لما قدمته أنقرة من مساعدات لهم في كفاحهم ضد القذافي.

وجاءت زيارته بعد يوم من استقبال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون استقبال الأبطال في العاصمة الليبية. وكان سلاح الجو الفرنسي والبريطاني ساعدا قوات المجلس الوطني الانتقالي الليبي على اجتياح طرابلس وحمل القذافي على الفرار.

وقال أردوغان إن «عصور الأنظمة الاستبدادية والشمولية انتهت»، مضيفا «الآن سلطة الشعب هي القادمة وأهنئكم على كفاحكم».

وكان أردوغان طالب الأسد مرارا بإنهاء حملة العنف ضد المحتجين وزادت انتقاداته للأسد في الآونة الأخيرة لكنها لم تصل إلى حد مطالبته بالرحيل.

وقال أردوغان الثلاثاء الماضي خلال زيارته إلى القاهرة إنه لم يعد لدى الشعب السوري ولا هو أي ثقة في الأسد.

وبموجب سياسة تركيا الرامية إلى تجنب أي مشاكل مع جيرانها عززت أنقرة روابطها السياسية والتجارية مع سوريا التي كادت أن تخوض ضدها حربا في التسعينات بسبب إيواء دمشق لمتمردين أكراد.

ووجه أردوغان الذي من المتوقع أن يزور مدينة بنغازي في شرق ليبيا في وقت لاحق نداء لمواطني سرت معقل القذافي التي تتعرض لهجوم من القوات الموالية للحكام الجدد، وقال في النداء «أتوجه إلى سرت وبني وليد، عانقوا أشقاءكم وانضموا إلى بقية الليبيين» في إشارة إلى آخر معاقل القذافي التي لم يسيطر عليها الثوار بعد.

وقال أردوغان بعد أداء صلاة الجمعة في ساحة الشهداء التي كانت سابقا الساحة الخضراء «أنا سعيد بأن أكون شاهدا على النصر وقيام الديمقراطية في ليبيا».

وأشاد أردوغان خلال هذه الزيارة الأولى التي يقوم بها منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 23 أغسطس (آب) «بذكرى الشهداء الليبيين الذين استشهدوا من أجل وطنهم ودينهم كما فعل عمر المختار»، الشخصية الليبية الرمز في مقاومة الاستعمار الإيطالي والذي يحتفل هذه السنة بالذكرى الثمانين لإعدامه شنقا من جانب الجيش الإيطالي.

وفي مؤتمر صحافي مع رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل أكد أردوغان أن «ليبيا لكل الليبيين الذين سيقررون مستقبلها»، مشددا على أن هذا البلد «لن يكون عراقا (جديدا)».

ووعد رئيس الوزراء التركي بمساعدة الليبيين على إعادة إعمار المدارس ومراكز الشرطة وبناء مستشفى ومقر البرلمان المقبل ودار للأيتام في مصراتة، وأضاف: «سنرسل غدا مساعدات إنسانية» إلى سرت وبني وليد وسبها حيث يهاجم مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي فلول نظام معمر القذافي.

وستستأنف شركة الطيران التركية قريبا رحلاتها إلى طرابلس بعد استئناف الرحلات إلى بنغازي في شرق البلاد.

من جهته، قال عبد الجليل «نتطلع إلى دولة ديمقراطية إسلامية تستلهم نموذجها من تركيا، إن الإسلام قادر على النهضة والتنمية».

وسيتوجه أردوغان إلى مصراتة التي كانت في طليعة المناطق المناهضة لنظام معمر القذافي وتكبدت خسائر جسيمة.

وكان في استقبال أردوغان في المطار عبد الجليل ورئيس وزرائه محمود جبريل، ثم تباحث مطولا مع القادة الليبيين.

ووصل أردوغان إلى ليبيا آتيا من تونس التي انطلقت منها شرارة الانتفاضات العربية، وذلك بعد مرحلة أولى في مصر. وأطاحت انتفاضات شعبية بنظم هذه الدول الثلاث منذ مطلع العام.

ويحظى أردوغان، الذي استقبل بحفاوة في مصر، بشعبية كبيرة في الدول العربية خصوصا لمواقفه من النزاع الإسرائيلي الفلسطيني مقارنة بغالبية قادة دول المنطقة الذين يعتبرون عاجزين أمام الدولة العبرية.

وعقد أردوغان مباحثات مع قادة المجلس الانتقالي تناولت مختلف مجالات التعاون بين البلدين، ومساهمة أنقرة في عملية إعادة إعمار ليبيا. وعقدت المباحثات، التي حضرها وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، في فندق «ريكسوس» الذي يمثل أحد الاستثمارات التركية في طرابلس.

وعقب انتهاء المباحثات، قال مسؤول المالية والنفط بالمكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي علي الترهوني في تصريح صحافي إن المباحثات تناولت مختلف مجالات التعاون بين البلدين، بينها المجالان الاقتصادي والاجتماعي إلى جانب المواصلات والاتصالات والكهرباء والطاقة.

وأشار إلى أنه من المقرر إعادة تشغيل مطار طرابلس خلال الأيام القليلة القادمة، فيما سيستقبل مطار معيتيقة أيضا الرحلات الدولية.