المعارضة السورية في الداخل تعقد المؤتمر الأول للمجلس الوطني الموسع في ريف دمشق

الإعلام الرسمي حضر من دون دعوة.. ولجان التنسيق تنفي حضورها وتؤكد تمسكها بإسقاط الأسد

TT

عقدت قوى معارضة سورية (هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني والمجلس الوطني الموسع)، أمس، مؤتمرا في ريف دمشق، شارك فيه نحو 250 من شخصيات المعارضة في الداخل وممثلون عن تنسيقيات الثورة السورية في الداخل، التي دعي منها نحو 130 شخصا، بحسب ما قال رئيس المؤتمر، حسين العودات، في افتتاح المؤتمر الذي استمر ليوم واحد.

وقال العودات إن المدعوين من التنسيقيات كانوا أمام 3 خيارات؛ «إما الحضور على مسؤوليتهم لأسباب أمنية، وإما أن يكلفوا من ينوب عنهم، وإما تقديم مشاركاتهم عبر برنامج (سكايب) عبر الإنترنت».

وأشار إلى أن الدعوات وجهت لنحو 300 شخصية، تمثل المعارضة الساعية إلى الانضمام للهيئة. وافتتح المؤتمر بحضور عدد من مراسلي وسائل الإعلام الخارجية المعتمدين في دمشق بالإضافة إلى وكالة الأنباء السورية (سانا) والتلفزيون السوري اللذين حضرا دون دعوة، كما قال حسين العودات حين نبه الحضور إلى وجود وسائل إعلام رسمية جاءت من دون دعوة، فاحتج البعض وراح يهتف «الإعلام السوري كاذب».

وترأس الجلسة المعارض السوري حسين العودات، وأمين سر هيئة التنسيق الوطنية حسن عبد العظيم، نائبا لرئيس الجلسة، وأعلن العودات أن نحو 130 عضوا من التنسيقيات تمت دعوتهم إلى المؤتمر، لكن ظروفهم الأمنية حالت دون حضور معظمهم، إلا أنهم فوضوا من يتحدث باسمهم، أو تواصلوا مع المؤتمر بالطرق الإلكترونية حرصا على عدم اعتقالهم.

وقال حسن عبد العظيم في كلمة مقتضبة له: «إن جميع أطياف المعارضة هم مشروع شهيد أو مفقود أو معتقل، لذلك نحن ندعو إلى توحيد صفوف قوى المعارضة بعد أن وصل (الربيع العربي) إلى سوريا، الذي يجب أن لا يتوقف هنا».

وأضاف عبد العظيم: «نحن نرفض قول بعض إخواننا في المعارضة الذين نختلف معهم في الرأي إن انعقاد مؤتمرنا في الداخل (يعني أننا في حضن النظام)، فالوثائق السياسية لهيئة التنسيق الوطنية موجودة ومعلنة وهي تؤكد موقفنا من التغيير الديمقراطي السلمي الذي يعني تفكك النظام وإنهاء بنيته القمعية الاستبدادية الفاسدة».

وعقد المؤتمر بالقرب من منطقة دريج (شمال شرقي دمشق نحو 40 كيلومترا)، ذلك أن المؤتمر، وبحسب ما قال بعض أعضائه، لم يحصل على ترخيص لانعقاده في أي مكان عام، ما اضطرهم إلى عقده في إحدى المزارع الريفية بريف دمشق.

وقالت مصادر قريبة من هيئة التنسيق لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يتم التقدم بطلب للسلطات بخصوص عقد المؤتمر، وبالتالي لا تعتبر السلطة موافقة أو غير موافقة على عقده، وذلك ردا على سؤال عما إذا سمحت السلطة بانعقاده، لا سيما أن عددا من السيارات الأمنية كانت متوقف في أكثر من منطقة على الطريق الواصل إلى المزرعة حيث تم اللقاء، من دون أن يتعرض الأمن لأي من سيارات المشاركين.

وأعلن في اللقاء عن السعي إلى تشكيل ائتلاف يضم أقطاب المعارضة التي في الداخل «لتوحيد موقفها» من «الانتفاضة/ الثورة» في سوريا كما سمتها وثائق المؤتمر. ويهدف اللقاء إلى وضع خارطة طريق لتجنب سيناريوهات كارثية. وناقش المؤتمر في جلسته الثانية وثائق المجلس الوطني الموسع للتوصل إلى صيغة نهائية. والوثائق، في خطوطها العريضة، وصفت ما يجري في سوريا بأنه «انتفاضة/ ثورة»، وشددت على أن «لا طريق للتراجع في الثورة السورية بعد وجود ضحايا بالآلاف، وجرحى ومعتقلين بعشرات الآلاف، وملاحقين لا يعرف عددهم من أبناء الشعب، وصور تنكيل وإهانات وإذلال، وجيش جرار يترك ثكناته ليتوجه نحو الداخل لقمع شعبه، واقتصاد منهوب يتدهور بسرعة، وثروات تهدر على القتل والقمع، ونظام يمعن في إنكار حق الشعب في الحرية والكرامة».

ودعت إلى عدم الفصل بين قوى الفعل الميداني الثائرة وخزان الخبرة السياسي والنضالي والتنظيمي الذي تمثله قوى المعارضة، مع التأكيد على 3 لاءات: «لا عنف، لا تدخل عسكري، لا طائفية». كما تضمنت الوثائق 7 نقاط تسلسلية ضمن مهلة زمنية لتجنب سيناريوهات كارثية في سوريا. وتشمل النقاط، أولا: اعتراف النظام بالحراك الشعبي ومشروعية أهدافه، وحق الشعب في بناء النظام السياسي الديمقراطي التعددي. ثانيا: وقف العنف والتعامل الأمني العسكري وسحب الجيش وقوى الأمن من المدن، وإسناد مهمة حفظ الأمن إلى قوى الأمن الداخلي فقط. ثالثا: إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والموقوفين جميعا، وتسمية كل من فقد حياته في الحراك شهيدا. رابعا: إحالة المسؤولين عن الخيار العسكري - الأمني ومرتكبي جرائم القتل والتعذيب إلى المحاكم. وتكمن النقطة الخامسة في الاعتراف بحق التظاهر السلمي وتنظيمه دون أي شروط، والسادسة بتعليق العمل بالمادة الثامنة من الدستور حتى إقرار دستور جديد، والسابعة، والأخيرة، هي إعلان دخول البلاد في مرحلة انتقالية تتولى السلطة التنفيذية فيها حكومة وحدة وطنية تتمتع بكل الصلاحيات اللازمة لقيادة مرحلة الانتقال نحو النظام الجديد المنشود، وما يتطلبه من إجراءات سياسية واقتصادية وقانونية وثقافية وإعلامية.

وذكرت الوثيقة أنه «في حال لم تتحقق هذه الخطوات في مهلة قريبة قبل أن يفوت الأوان وتفلت الأمور من يد الجميع، فلن يكون هناك خيار أمام الحراك الشعبي وقوى المعارضة الوطنية الديمقراطية سوى التصعيد بكل السبل السياسية والقانونية والدبلوماسية السلمية، وسيدعو إلى الإضراب العام والعصيان المدني الشامل».

من جهتها، قالت «لجان التنسيق المحلية» في سوريا، إن الأخبار التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام حول مشاركة لجان التنسيق المحلية في مؤتمر هيئة التنسيق الوطنية الذي عقد في ريف دمشق، عار من الصحة، وأكدت اللجان في تصريح صحافي نشرته على صفحتها في موقع «فيس بوك» «تمسكها بمطالب الثوار بإسقاط النظام شرطا أساسيا لمشاركتها في أي تحالف أو ائتلاف مع قوى المعارضة التقليدية».

وبدأ اللقاء بالنشيد السوري، كما رفع العلم السوري في أنحاء الصالة الخارجية، وكتبت شعارات: «لا للطائفية..لا للتدخل الأجنبي.. لا للعنف». ودعا حسن عبد العظيم، منسق هيئة التنسيق والناطق باسم التجمع الوطني الديمقراطي، إلى توحيد الجهود بين المعارضين، منتقدا الاتهامات التي وجهت للهيئة باعتبارها «من حضن النظام أو بأنها لا تريد إسقاطه». وقال عبد العظيم: «الرد على هؤلاء بسيط، فأحزاب هذه الهيئة معروفة وتاريخية وشخصياتها الوطنية عالية المستوى ورؤاها واضحة، والتغيير الوطني الديمقراطي يسعى إلى تفكيك شمولية النظام وإسقاط نهجه الاستبدادي والفساد وبناء نظام ديمقراطي ودولة مدنية حديثة».

من جهته، دعا المعارض سمير عيطة، المقيم في باريس، إلى الحذر من دعوات التدخل الخارجي، مشيرا إلى أهمية «السيادة الوطنية باعتبارها رمز الحرية والكرامة». ولكنه قال إن ما يجري في سوريا يشكل «مفترق الربيع العربي»، داعيا المعارضة والمحتجين «إلى الصمود وتحدي إرادة النظام». وقال إن المرحلة المقبلة «مرحلة سياسية تحتاج إلى الصبر». وأعلن العيطة قبوله بالحوار ولكن «بعد سحب الجيش وتوقف القتل». ودعا إلى «توحيد الجهود ووضع وثيقة دستورية تضم الأسس السياسية للنقاش». وقال العيطة: «إننا لسنا ضد الحوار، ولكن الحوار يحتاج إلى أسس سياسية فيجب أن يوقف العنف وأن يسمح بالتظاهر، وأنه يجب أن يكون هناك نضال ذكي لمواجهة تذاكي الطرف الآخر، فإذا قالوا لنا إن مسؤوليتنا حماية المتظاهرين نقول لهم إن حماية المتظاهرين هي مسؤولية السلطة»، داعيا في الوقت ذاته إلى «عدم مواجهة الجيش إلا بالزهور لأنه لا يجوز إهانة الجيش».

ودعا المعارض السوري البارز، ميشيل كيلو، إلى «عدم تقاسم جلد الدب قبل اصطياده»، وقال: «نحن في منعطف تاريخي خطير»، معتبرا هذا الجيل من الشباب «تتويج لكل ما حلمنا به». وحيا الجيل الذي وصفه بالعظيم «الذي صحح أخطاءنا في الماضي ويتحمل أخطاءنا في الحاضر». وقال: «إن في ألمانيا مثل يقول: (الذي تخربه السياسية يصححه العسكر)، ونحن نقول الذي تخربه المعارضة يصحح هذا الجيل»، محذرا من أنه «إذا استمرت أخطاؤنا كمعارضة فسيضيع جهد الشباب في الشارع»، مؤكدا على ضرورة «اتحاد المعارضة الوطنية».

من جانبه حذر ممثل عن التيار الإسلامي، رياض درار، من وجود تيارات إسلامية الآن «ركبت الموجة باتجاه التسلح»، داعيا إلى مواجهة هذا الأمر، وقال: «نحن مع واقعية إسلامية في دولة علمانية»، وأكد أنهم يرون الحل «علمانيا.. علمانيا.. علمانيا».

وتحدثت الروائية السورية والناشطة، روزا ياسين، عن شباب في التنسيقيات رأتهم خلال الشهور الـ6 الماضية، مشيرة إلى أنها تمثلهم بشكل غير رسمي، لتوجه ملاحظتين منقولتين إلى اللقاء، أولاهما أن سقف المؤتمر ليس عال بما يكفي، في إشارة إلى تجنبه الحديث عن إسقاط النظام في وثيقته السياسية، وأن خطاب المؤتمر يجب أن يكون أكثر جدية ووضوحا، وأيضا ضرورة توحيد جهود المعارضة، وقالت إنه المطلب الأساسي للشباب والشارع. ودعت باسم الشعب السوري والشباب والأبطال الفدائيين المعارضة إلى العمل على إنقاذ البلاد من الكارثة المقبلة عليها.

وقالت الناشطة والمعتقلة السابقة ناهد بدوية إنها كلفت من قبل كل من علم بحضورها المؤتمر، نقل رسالة واحدة بأن على المجتمعين أن يخرجوا من الاجتماع متفقين على توحيد المعارضة، وإذا لم يتمكنوا من ذلك فعليهم أن لا يخرجوا أبدا.

من جهته، قال الشيخ فرحان السلامات، من عشيرة عنزة: «إن ما يجري الآن جدل بيزنطي بينما الغزو يهدد بيزنطة، ناجم عن أن النظام في مأزق وكذلك الثورة في مأزق، وأنه إذا كان لا بد من حوار مع السلطة، ليذهب 20 شخصا أو أكثر إلى رئيس الجمهورية لسؤاله إلى أين هو ذاهب، وإذا تمت الموافقة على اللقاء فسنتكلم بكل تهذيب، وإذا لم تتم الموافقة فسنسأله لماذا هو جالس يلتقي أناسا كثيرين من لبنان وغير لبنان؟».

كما قرئت في المؤتمر رسالة من المعارض البارز نجاتي طيارة أرسلها من معتقله في حمص إلى المؤتمر باسم معتقلي الرأي هناك، وعبر فيها عن الأمل بأن يكون اللقاء على مستوى التضحيات والمسؤولين وطالب المجتمعين بالاهتمام بالمطالبة بإطلاق سراح جميع المعتقلين مع تعويضهم والاعتذار لهم، وأيضا المطالبة بوقف الإهانة والتعذيب في المعتقلات، والعمل على مناهضة التعذيب الذي يناقض القوانين والمواثيق الدولية.