المتحدث باسم القذافي يؤكد أن العقيد يدير «المقاومة».. و«الانتقالي» يوجه النداء الأخير

الناتو يحقق في مزاعم حول مقتل 354 بغارة في سرت.. ومواجهات عنيفة بالصواريخ والمدفعية في بني وليد

TT

اندلعت اشتباكات عنيفة أمس بالقذائف الصاروخية والمدفعية بين الثوار الليبيين والقوات الموالية للعقيد الهارب معمر القذافي في مدينة بني وليد حيث واجه الثوار هناك مقاومة عنيفة، بينما انتشر على جبهة سرت ستة آلاف مقاتل في محيط المدينة وداخلها لمواصلة الضغط على قوات القذافي. وبينما زعم موسى إبراهيم المتحدث باسم الأخير بأن الضربات الجوية لحلف شمال الأطلسي (الناتو) على سرت أثناء الليل أصابت مبنى سكنيا وفندقا مما أدى إلى مقتل 354 شخصا، وأن القذافي يدير عمليات المقاومة بنفسه، وجه المجلس الوطني الانتقالي الليبي نداء أخيرا إلى القوات الموالية للعقيد بالاستسلام وإلا فسيواجهون تهمة الخيانة العظمى.

وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية نقلا عن مراسلها بأن مواقع الثوار الليبيين تتعرض لقصف بصواريخ «غراد» فيما يرد الثوار الليبيون بالمدفعية الثقيلة، في موازاة محاولات من جانبهم لتمشيط مواقع القناصة داخل مدينة بني وليد التي تبعد 170 كلم جنوب شرقي طرابلس. وكانت القوات الموالية للقذافي شنت أمس هجوما مضادا بالصواريخ استهدف موقعا للثوار الليبيين، مما أدى إلى وقوع إصابات في صفوف هؤلاء. وهرعت سيارات الإسعاف إلى نقل مقاتلين أصيبوا أو قتلوا في الهجوم الذي استهدف موقعا يتمركز فيه الثوار ويبعد كيلومترات قليلة عن وسط المدينة، وسط دوي أصوات الانفجارات والرصاص. وقال أحد المقاتلين، ويدعى عمر علي رمضان «مسحوا الموقع بالكامل بعدما استهدفوه بصواريخ من نوع (غراد)». وأضاف فيما كان يحتمي مع مقاتلين آخرين قرب منزل مهجور وسط دوي انفجارات في مكان قريب «سقطت نحو سبعة صواريخ على الموقع الذي كنا نتمركز فيه».

وعلى بعد نحو 30 كلم من الموقع، شوهد في مركز طبي ثلاثة جرحى أصيبوا في الهجوم، فيما كانت سيارات الإسعاف تتوجه نحو مكان الهجوم وتعود محملة بجرحى آخرين، وأعلن في وقت لاحق عن وفاة أحد الجرحى وسط صيحات «الله أكبر».

من جهتها، اعترفت الإذاعة الموالية للقذافي التي تبث من بني وليد بسقوط قتلى وجرحى في المعارك. ووجه متحدث رسالة إلى سكان المدينة والثوار المحتشدين فيها قائلا إن «سلاحنا على الأكتاف وأصابعنا على الزناد». وأضاف أن «الآتين من مناطق أخرى ويتكالبون علينا لن نحرص على دمائهم ولن نتصالح معهم»، وتابع «من يدوس بني وليد من هؤلاء الأوباش لن يخرج إلا على حمالة».

وفي مدينة سرت، شدد الثوار من ضغوطهم على القوات الموالية للقذافي، وأعلن قائد المجلس العسكري في مدينة مصراتة سالم جحا أمس أن ستة آلاف مقاتل على الأقل تابعين للسلطات الليبية الجديدة، منتشرون على جبهة سرت، مسقط رأس القذافي، وأحد آخر معاقله، على بعد 360 كلم شرق طرابلس. وتحدث القائد جحا عن ستة آلاف مقاتل داخل سرت وفي محيطها، أتى معظمهم من مصراتة. وأوضح أن مطار سرت بات تحت سيطرة مقاتليه تماما منذ مساء الجمعة. وأضاف: «إننا نركز الآن على مجموعة من مباني المدينة وضواحيها لا سيما في وادي أبو هادي حيث تتجمع قوات القذافي». وأكد «ربما كانت هناك جيوب مقاومة لكنهم لن يتمكنوا من التفوق على القوات الثورية الكثيرة»، مضيفا أن «مسألة (تحرير سرت) باتت الآن محسومة، لقد انتهت، وهدفنا الآن هو تحرير الجنوب».

من جانبه، أكد الملازم عبد الوحيد العقوري الضابط السابق في الجيش النظامي أنهم يسيطرون «الآن على الطريق السريع والجزء الجنوبي من المدينة». ووقعت معارك أيضا في بعض الأحياء، وهاجم الموالون للقذافي قوات المجلس الوطني الانتقالي بالمدفعية الثقيلة والصواريخ، فيما ردت هذه الأخيرة بصواريخ «غراد».

وأوضح القائد جحا أنه أبلغ بأن نصف المدنيين في المدينة التي دخلها أنصار المجلس الوطني الانتقالي مساء الخميس قد فروا، مشيرا إلى أن معارضي القذافي يبذلون كل ما في وسعهم لتجنب الخسائر البشرية. وقال «إننا لا نستعمل أسلحة ثقيلة إلا لحماية ثوارنا عندما يتم استهدافهم». وأفاد شهود عيان قرب نقطة تفتيش على بعد 30 كلم غرب سرت، بأن عددا كبيرا من سيارات «بيك اب» محملة بالمقاتلين والبطاريات المضادة للطائرات تتوجه نحو المدينة، وكذلك شاحنات محملة بالذخائر. وذكر حلف شمال الأطلسي في تقريره اليومي أنه أصاب عشرين هدفا، الجمعة، حول سرت.

إلى ذلك، قال موسى إبراهيم المتحدث باسم القذافي أمس إن الضربات الجوية لحلف شمال الأطلسي على سرت أثناء الليل أصابت مبنى سكنيا وفندقا وقتلت 354 شخصا. ولم يتسن الحصول على تأكيد فوري، إذ إن سرت مسقط رأس القذافي انقطعت عنها الاتصالات بشكل كبير منذ سقوط العاصمة الليبية طرابلس.

وقال الكولونيل رولاند لافوا المتحدث باسم حلف الأطلسي في بروكسل «نحن على علم بهذه المزاعم.. هذه ليست المرة الأولى التي تصدر فيها مثل هذه المزاعم. كثيرا ما تبين أنها لا أساس لها من الصحة أو غير مؤكدة». وصرح إبراهيم في اتصال هاتفي عبر الأقمار الصناعية بمكتب «رويترز» في تونس أن الحلف هاجم سرت الليلة الماضية بأكثر من 30 صاروخا استهدفت الفندق الرئيسي بالمدينة ومبنى يضم أكثر من 90 شقة سكنية. وتابع أن ذلك أسفر عن 354 قتيلا، مشيرا إلى أن هناك 89 مفقودا ونحو 700 مصاب في ليلة واحدة. وأوضح إبراهيم أن القذافي يدير بنفسه المقاتلين الموالين له الذين يتصدون لقوات الحكومة المؤقتة في المعاقل المتبقية للقذافي في ليبيا. وقال إن القذافي يدير كل جوانب الصراع ويتحدث مع الناس ويلقي كلمات ويناقش ويتابع كل شؤون المقاومة، وتابع قائلا إن «القذافي ما زال في ليبيا وواثق من الانتصار»، واستطرد أن قوات القذافي قادرة على مواصلة هذا القتال ولديها أسلحة تكفيها لشهور وشهور. إلى ذلك، أعطى المجلس الانتقالي أمس أفراد الجيش الموالين للقذافي فرصة أخيرة للانضمام إلى صفوف قواته. وقال العقيد أحمد باني، المتحدث العسكري باسم المجلس، في مؤتمر صحافي بالعاصمة طرابلس، إن الجنود والضباط الذين لن يستجيبوا لهذا النداء الأخير سيواجهون تهمة الخيانة العظمى. وقال إن مسألة التكامل تلك جزء من الجهود الرامية إلى إعادة بناء الجيش الوطني في ليبيا ما بعد القذافي.

وتعهد باني بمواصلة القتال لتحرير ما تبقى من المدن الليبية.

وأضاف باني أن «الليبيين يعلمون أن هناك ثمنا باهظا لمرحلة ما بعد القذافي وهم مستعدون لذلك»، معلنا أنه «واهم من يعتقد أننا سنخسر تحرير ليبيا بالكامل»، وتابع قائلا إن الثوار ليسوا مثل الفريق الآخر الذي يكذب مرارا حتى يصدقه الآخرون ولم يحترم القدرة العقلية للشعب الليبي «ولكننا كشعب ليبي حر لسنا كذلك».

وأوضح أنه «تمّ تحرير جبل نفوسة بالكامل والسيناريو ذاته سوف يتكرر في بني وليد مهما طال الوقت»، مشيرا إلى أنه «خلال أيام سوف تتغير الصورة بالكامل سواء في سرت أو بني وليد».

واختتم باني: «نحن نسعى لبناء ليبيا جميعا من دون ضغائن ومن دون أحقاد. نؤكد أن سيادة القانون هي التي ستكون سائدة في ليبيا».