عريقات: «فيتو» الأميركيين سيدمر حل الدولتين.. وشعث: موقفهم من المستوطنات حسم التوجه إلى مجلس الأمن

«الجهاد الإسلامي» ترفض خطاب عباس حول «استحقاق أيلول».. وإسرائيل: لن يصنع سلاما

فلسطينيون وإسرائيليون خلال تجمع للمطالبة بدولة فلسطينية كاملة العضوية في الأمم المتحدة أمام نقطة تفتيش بين رام الله والقدس، أمس (أ.ب)
TT

حذر صائب عريقات، رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير، الإدارة الأميركية من أن استخدامها حق النقض (الفيتو) لإحباط التحرك الفلسطيني الهادف لحصول الدولة الفلسطينية على عضوية الجمعية العامة للأمم المتحدة، يعني إسدال الستار على أي إمكانية لتنفيذ حل الدولتين. وطالب عريقات، الذي كان يتحدث في مقابلة أجرتها معه الإذاعة الفلسطينية الرسمية، يوم الأحد، إدارة الرئيس أوباما بالامتناع عن استخدام «الفيتو»، معتبرا أن كل من يسعى إلى تحقيق خيار الدولتين عليه أن يؤيد المسعى الفلسطيني. واستهجن عريقات محاولة البعض تقديم التحرك الفلسطيني على أساس أنه مفاجئ، مشيرا إلى أنه سبق للمؤسسات الفلسطينية الرسمية أن أعلنت نيتها اللجوء لهذا الخيار.

وأضاف: «التوجه للأمم المتحدة ليس هو الاستراتيجية الفلسطينية وإنما هو جزء منها ويهدف إلى الحصول على عضوية هذه المنظمة لدولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية». وشدد على أن الفلسطينيين يهدفون من هذا التحرك إلى «تحريك المياه الراكدة بشأن قضيتنا الوطنية من أجل إعادة فلسطين إلى خريطة الجغرافيا»، موضحا أن الخطوة إلى الأمم المتحدة لها ما يليها من خطوات أخرى. وحذر من أنه في حال لم تحصل الدولة الفلسطينية على عضوية الأمم المتحدة فإن هناك خيارات أخرى. وأشار إلى أن من بين الخيارات أن يتم وضع مستقبل بقاء السلطة الفلسطينية على بساط البحث، وأن السؤال الذي سيطرح: هل أصبحت السلطة الفلسطينية هي سلطة اسمية فقط، أم أكثر من ذلك؟ وأوضح أن تقديم الطلب الفلسطيني للحصول على عضوية الأمم المتحدة في الثالث والعشرين من الشهر الحالي سيكون بداية التحرك الفلسطيني وليس نهايته.

وحول التداعيات الإيجابية لحصول الدولة الفلسطينية على عضوية الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال عريقات: «إذا ما أصبحت دولة فلسطين عضوا في الأمم المتحدة فإنها ستصبح دولة تحتلها دولة أخرى عضو في المنظمة الدولية وهو ما سيسهل تطبيق ميثاق جنيف الرابع لعام 1949 الذي سيلزم إسرائيل بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية».

وفي السياق ذات رفضت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أول من أمس، الذي أكد خلاله عزمه التوجه إلى الأمم المتحدة لطلب عضوية فلسطين فيها. وقال القيادي في الحركة، أحمد المدلل: «نحن قلنا إن التوجه للأمم المتحدة خطوة انفرادية يتحمل عباس مسؤوليتها»، مشيرا إلى أن عباس من خلال توجهه إلى الأمم المتحدة «إنما يسعى إلى العودة للمفاوضات العبثية التي لم تعد على الشعب الفلسطيني بشيء».

وأضاف المدلل أن العودة إلى المفاوضات تعطي الشرعية للاحتلال بمواصلة عدوانه على الفلسطينيين، «وحديث عباس عن التوجه إلى الأمم المتحدة هو استمرار للوهم والسراب، ولن تكون له أي نتيجة يمكن أن يستفيد منها الشعب الفلسطيني».

واعتبر المدلل إن ما جاء في خطاب عباس يمنح الشرعية لاحتلال أكثر من 80 في المائة من الأراضي المحتلة وتلبية مطالبة بالاعتراف بيهودية إسرائيل، وفي المقابل فإن ما سيعطيه الاحتلال للفلسطينيين لن يتجاوز 20 في المائة من الأرض الفلسطينية.

إلى ذلك، كشفت قناة التلفزيون الإسرائيلية «العاشرة» أن ضغوطا واسعة النطاق تمارس في هذه الأثناء على السلطة الفلسطينية بهدف دفعها للتراجع عن التوجه إلى الأمم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية. وفي تقرير لها صباح أمس، السبت، نوهت القناة بأن ما يخيف القيادة الإسرائيلية هو أن تشتد وطأة العزلة التي تعيشها إسرائيل في أعقاب حصول الدولة الفلسطينية على عضوية الأمم المتحدة وفي أعقاب الثورات العربية. وأشارت القناة إلى أن حكومة نتنياهو تحاول القيام بخطوات «شبه مستحيلة»؛ فمن ناحية تعمل على طمأنة الإسرائيليين بأن الخطوات الفلسطينية الحالية لا تهدد كيانهم إلى درجة كبيرة، ومن جهة أخرى تحاول إقناع العالم أجمع بأن يقف إلى جانبها وأن يفشل ما يسعى إليه الفلسطينيون.

وأضافت القناة: «الكابوس المرعب الذي يفزع القيادة الإسرائيلية هو حصول ثورة فلسطينية بعد يوم واحد من توجه السلطة إلى الأمم المتحدة، حيث تخشى أن تتوجه أمواج غاضبة من الفلسطينيين إلى المعابر والحواجز العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية». وأوضحت القناة أن كلا من الحكومة والجيش الإسرائيلي يخشى اندلاع انتفاضة ثالثة.

وفي السياق ذاته قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، نبيل شعث، وأحد مساعدي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، إن الورقة التي جلبها المبعوثان الأميركيان في زيارتهما الأخيرة للرئيس، هي التي حسمت قراره بالتوجه لمجلس الأمن وليس الجمعية العمومية، بعد أن كان الخياران مطروحين على طاولة النقاش.

وأوضح شعث في مؤتمر صحافي عقده أمس، أن الورقة الأميركية كانت تؤكد وتقبل ببقاء واقع المستوطنات كما هو، إضافة إلى أنها تجاهلت طلب وقف الاستيطان.

واتهم شعث، إسرائيل بالعمل على سرقة الأرض وتهجير الشعب والاستمرار في توسيع مستوطناتها، دون رادع. وقال: «رغم ذلك، فإننا لا نريد الذهاب إلى العنف، والبديل ليس الاستسلام، وشعبنا يرفض الاستسلام، ولذلك سنذهب إلى الأمم المتحدة».

وعبر شعث عن الثقة الكبيرة في تحقيق فوز حقيقي يدعم حقوق الشعب الفلسطيني، وقال: «ثوابتنا واضحة، ولن نقبل أي تنازل أو رفض لحلول الوضع النهائي».

وجاء حديث شعث توضيحيا لقرار أبو مازن الذهاب إلى مجلس الأمن، الذي أعلنه مساء أول من أمس، الجمعة، في خطاب أثار غضبا إسرائيليا كبيرا. ورد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على خطاب أبو مازن، قائلا: «إن المفاوضات المباشرة مع إسرائيل هي الكفيلة بتحقيق السلام، ومن دونها فيستحيل التوصل لهذا السلام».

وأضاف أن «السلام لن يتحقق بالتوجه من جانب واحد إلى الأمم المتحدة، أو بواسطة الانضمام إلى حركة حماس الإرهابية، وإنما عن طريق المفاوضات المباشرة مع إسرائيل»، وتابع: «إن الفلسطينيين سيجدون شريكا للمفاوضات المباشرة في حال تخلوا عن الإجراءات العقيمة التي لا طائل من ورائها».واتهم نتنياهو أبو مازن والسلطة الفلسطينية بـ«التهرب» من هذه المفاوضات.

وقال مسؤول إسرائيلي رفيع إن «إسرائيل ليست مستعدة لأن يتم ابتزازها بالتهديد بالتوجه إلى مجلس الأمن أو الجمعية العامة». وأضاف المسؤول لصحيفة «يديعوت أحرنوت»: «لا يوجد أي احتمال لأن توافق إسرائيل على التحدث حول حدود دائمة أو تجميد الاستيطان، ولن تساعد في ذلك محاولات الابتزاز والتهديد الفلسطينية حتى اللحظة الأخيرة». وفي هذه الأثناء، طار وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، إلى واشنطن لمناقشة الأزمة مع الفلسطينيين وملفات أخرى.

ومن المقرر أن يلتقي باراك نظيره الأميركي، ليون بانيتا، وعددا آخر من كبار المسؤولين الأمنيين بمن فيهم رئيس وكالة الاستخبارات المركزية، ديفيد بتراوس. وستتناول المباحثات بين الجانبين التحرك الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، والقضية الإيرانية، بالإضافة إلى العلاقة مع مصر وعلى الحدود. ومن غير المعروف ما إذا كان باراك سيلتقي الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وقالت صحيفة «هآرتس» إن هذا اللقاء ممكن، غير أن البيت الأبيض أعلن أن أوباما سيلتقي يوم الأربعاء المقبل برئيس الوزراء، نتنياهو، ولم يشر إلى لقاء مع باراك.

ويأتي هذا الغضب والتحرك الإسرائيلي ضد المسعى الفلسطيني نحو مجلس الأمن، في وقت أُقر فيه بالعجز عن مواجهة ذلك. وقال الوزير الإسرائيلي من دون حقيبة، يوسي بيليد، أمس، إن إسرائيل لا تستطيع منع الفلسطينيين من طلب عضوية دولتهم في الأمم المتحدة ونيل الاعتراف بها بحدود عام 1967.

وأضاف بيليد للإذاعة الإسرائيلية العامة: «مع الأسف ليس لإسرائيل وسائل تمنع الفلسطينيين من طلب انضمام دولتهم إلى الأمم المتحدة، ويستحيل منعهم». ولكن بيليد رجح أن تصطدم الخطوة الفلسطينية برفض مجلس الأمن، الأمر الذي يبقي لإسرائيل «هامش مناورة للتفاوض».

ويلتقي الإسرائيليون والأميركيون في رفض المسعى الفلسطيني بالتوجه إلى مجلس الأمن، ويشاركهم ذلك بشكل غير مباشر الرباعية الدولية التي يعقد مندوبوها اجتماعا لهم في نيويورك اليوم، في محاولة آخر لحظة لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية والحيلولة دون ذهاب الفلسطينيين لمجلس الأمن. وعقب شعث بالقول إنه لا يتوقع اتفاقا في الرباعية على صيغة بيان بعدما فشلوا في ذلك مرتين.

ودعا الاتحاد الأوروبي، أمس، إلى إيجاد حل بناء يحظى بأوسع تأييد ممكن ويسمح باستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين باعتبارها الطريق الأفضل والوحيد لتحقيق السلام وحل الدولتين الذي يريده الشعب الفلسطيني. وأعلن الاتحاد أنه سيقوم بالتعاون مع شركائه في الرباعية الدولية بمضاعفة الجهود الرامية إلى استئناف المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية في أقرب وقت ممكن باعتبار هذه المفاوضات الطريق الوحيدة نحو حل النزاع.