هولندا تطرح مشروع قرار لحظر النقاب في الأماكن العامة.. وفرنسا تمنع الصلاة في الشوارع

إمام مسجد: كل ما نخشاه هو أن يكون حظر النقاب بداية الطريق لحظر الحجاب

منتقبات من هولندا (صورة أرشيفية)
TT

أثار دخول قرار فرنسي بحظر الصلاة في الشوارع حيز التنفيذ، أول من أمس، الكثير من الجدل في صفوف المسلمين في باريس، وتبعه جدل في هولندا بشأن طرح الحكومة مشروع قرار يحظر ارتداء النقاب، أو البرقع؛ حيث تباينت ردود الفعل في أوساط المهاجرين الأجانب، خاصة من ذوي الأصول الإسلامية، ويقول الشاب المغربي زياد، من سكان لاهاي: إن البعض يفضل الانتظار لمعرفة موقف الجهات القضائية العليا في البلاد وموقف البرلمان. وقال رشيد، الناشط بإحدى الجمعيات الاجتماعية: كانت هناك محاولة سابقة لتحقيق ذلك فشلت لأسباب قانونية، بينما أبدى البعض الآخر استياءه من هذه الخطوة وتخوفه من أن تكون بداية لخطوات أخرى قد تستهدف منع الحجاب. وقال الشيخ محمد التمامي، إمام مسجد: «إنه فيما يخص النقاب أو البرقع، فقد سبق أن أوضحنا موقفنا، وهو أن النقاب ليس فرضا، ولكن كل ما نخشاه هو أن يكون حظر النقاب بداية الطريق لحظر الحجاب، وهو مسألة شخصية تتعلق بحرية المرأة وحرية العقيدة».

وقالت الحكومة الهولندية: إن ارتداء البرقع أو النقاب الذي يغطي الرأس والوجه يتعارض مع القيم والعادات والتقاليد في هولندا، ولهذا ستطرح مشروع قرار على البرلمان يتضمن حظر ارتداء الملابس التي تغطي الرأس والوجه، ويطبق هذا الحظر في الأماكن والمؤسسات العامة ومن يخالف ذلك توقع عليه عقوبة مالية قدرها 380 يورو.

وقال وزير الشؤون الداخلية الهولندي، بيتهاين دونر، عقب اجتماع أسبوعي للحكومة الهولندية: عندما نرى إنزال ملابس من الرأس على الوجه لتغطيته سنقول: إن هذا الأمر لا يتناسب مع عادات وتقاليد هذا المجتمع التي نتمسك بها؛ لهذا قررت الحكومة الموافقة على حظر ارتداء النقاب أو البرقع أو كل الملابس التي تغطي الوجه والرأس. وجرى الإعلان عن تفاصيل مشروع القرار، الذي يحظر ارتداء أغطية الرأس والوجه في الأماكن والمؤسسات العامة، مثل المباني التعليمية والصحية ووسائل النقل العام، ويستثنى من ذلك ركاب الطائرات، أو الركاب الذين يهبطون في المطارات الهولندية (ترانزيت) استعدادا للإقلاع على متن طائرة أخرى. كما يستثنى من ذلك الأشخاص الذين يستوجب عليهم فعل ذلك لضرورة علاجية أو أمنية أو رياضية أو في المهرجانات المختلفة، كما يشمل الحظر المساجد والكنائس، ويؤكد المسؤولون أن الحظر لا يستهدف حرية العقيدة.

وأفاد المتحدث باسم وزير الشؤون الداخلية بأن مشروع قرار الحظر سيعرض أولا على مجلس الدولة الهولندي، وهو أعلى جهة قضائية وتشريعية، للحصول على رأيه في الأمر، قبل عرضه للتصويت داخل البرلمان الهولندي.

يأتي قرار الحكومة الذي جاء بناء على اقتراح من وزير الداخلية، في أعقاب تصريح زعيم اليمين المتشدد الهولندي خيرت فيلدرز العام الماضي بأنه سيتم حظر البرقع في هولندا.

وأشارت الصحف إلى أنه إذا وافق مجلس النواب على هذا الأمر، تصبح هولندا البلد الأوروبي الثالث الذي يحظر هذا اللباس الإسلامي المثير للجدل.

وأشارت صحيفة «تراو» إلى أنه لو كان الأمر يعود لوزير الاندماج دونر لسمح فقط بلبس البرقع في مطار سخيبهول أو في المؤسسات الدينية فقط. في وقت لا تدخل أغطية الوجه الأخرى، ومنها خوذة الدراجة النارية، ضمن هذا الحظر. وقالت الصحيفة: لا يعرف بالضبط عدد النساء اللاتي يرتدين البرقع في هولندا، وتتراوح أعدادهن بين 100 وبضع مئات.

وأشارت الصحيفة إلى أن رجل الأعمال الفرنسي رشيد نكاز قد أعلن أنه مستعد لدفع الغرامات عن النساء المخالفات، وكان قد سبق له أن أعلن استعداده لدفع الغرامات في بلجيكا وفرنسا.

وسبق أن قال حزب الحرية الهولندي المساند للائتلاف الحكومي في البلاد: إن خطة لفرض حظر على النقاب، من بين البنود التي تضمنها اتفاق، جرى التوصل إليه بين الحزب اليميني الهولندي، والحزبين المشاركين في الائتلاف، وهما: الليبرالي، والديمقراطي المسيحي. كانت بلجيكا، الدولة الجارة لهولندا، قد أقرت، في أبريل (نيسان) العام الماضي، حظرا للنقاب من خلال مجلس النواب البلجيكي، وتعطل إقراره بشكل نهائي من جانب مجلس الشيوخ، نتيجة للأزمة السياسية وسقوط الحكومة، ثم حظرت فرنسا النقاب في سبتمبر (أيلول) الماضي. وحسب الكثير من المراقبين والتقارير الإعلامية الأوروبية، فإن فرنسا حظرت النقاب، والآن قررت هولندا أن تحذو حذوها.. ومع اتساع نطاق الجدل حول النقاب في أوروبا فإن حظرا ثالثا - وربما أكثر - قد لا يتأخر كثيرا. وتضع أقلية صغيرة من المسلمات في أوروبا غطاء الوجه، لكن النقاب أصبح رمزا ينذر بالشر للأوروبيين الذين تقلقهم مشكلات، مثل الأزمة الاقتصادية والهجرة واندماج المسلمين في المجتمع، ومع تحول المزاج السياسي في أوروبا تجاه اليمين، فإن خطوات منخفضة التكلفة، ولكنها ذات قيمة رمزية مرتفعة مثل حظر النقاب، أضحت نقطة التقاء للأحزاب اليمينية المتطرفة التي تدق على أبواب السلطة، وتلقى دعوتهم صدى لدى من يقلقهم تهديد أمني محتمل من أشخاص يخفون وجوههم أو يزعجهم ما يعتبرونه ضربة للمساواة بين الجنسين حين يرون امرأة تغطي وجهها. وعلى العكس من ذلك تماما، عبر البرلمانيون في مجلس أوروبا، منتصف العام الماضي، عن معارضتهم فرض حظر تام لارتداء النقاب أو البرقع في أوروبا، وذلك في ختام مناقشة تناولت التيار الإسلامي المتشدد وكره الإسلام، وفي نص أقر بالإجماع أوصى البرلمانيون الدول الأعضاء الـ47 في المنظمة بـ«عدم فرض حظر تام لارتداء النقاب أو ملابس دينية أخرى، بل حماية حرية الخيار لدى النساء بارتداء لباس ديني أو لا»، وطالبوا بـ«الحرص على أن تتوافر للنساء المسلمات الإمكانات نفسها للمشاركة في الحياة العامة وممارسة نشاطات تربوية ومهنية»، لكن النص حدد أن «القيود القانونية المفروضة على هذه الحرية يمكن أن تبرر بأسباب أمنية، أو عندما يتولى شخص ما مهمات تفرض عليه أن يلتزم الحياد الديني أو يكشف الوجه». من جهة أخرى، أدان النص بشدة التهديدات بالموت والفتاوى بإهدار الدم التي تصدر بحق أشخاص ينتقدون الإسلام أو الآراء السياسية المرتبطة بالإسلام. وطالب المهاجرين الذين ينتمون إلى ثقافة تشكل أقلية في البلد الذي يستضيفهم بـ«عدم عزل أنفسهم أو السعي لإقامة مجتمع موازٍ».