القرى الحدودية في شمال لبنان تعيش قلقا من «تعديات» الجيش السوري المتكررة عليها

مصدر في الجيش اللبناني لـ «الشرق الأوسط»: لا خلفيات لبعض الحوادث.. وحدودنا مع سوريا ليست جبهة

TT

دعا أمس السكان الذين يعيشون بالقرب من الحدود الشمالية للبنان مع سوريا، الجيش اللبناني لنشر مزيد من قواته في المنطقة لحمايتهم من نيران الجيش السوري، وذلك بعد يومين من إطلاق القوات السورية النار على بلدتي الكنيسة وحنيدر عند الحدود الشمالية للبنان مع سوريا، مما أدى لإصابة مدني من أبناء حنيدر بشظية قذيفة سورية سقطت قرب منزله.

وأعلنت مصادر متابعة للوضع على الحدود ميدانيا لـ«الشرق الأوسط»، أنه «منذ انطلاقة الانتفاضة الشعبية في سوريا، يعيش أبناء القرى والبلدات اللبنانية الشمالية المتاخمة للحدود السورية قلقا أمنيا يزداد يوما بعد يوم، بسبب التعديات التي يتعرض لها اللبنانيون من وقت لآخر من الجانب السوري، وآخرها اجتياز عدد من الجنود السوريين للحدود ودخولهم الأراضي اللبنانية، في بلدة المونسة في جبل أكروم، وإطلاق القذائف والأعيرة النارية على بلدتي الكنيسة وحنيدر، وهو ما لم يسلم منه أيضا الجيش اللبناني عندما أطلق جنود سوريون النار على دورية لبنانية أول من أمس، مما أدى إلى تعطيل آلية عسكرية. وقد برر السوريون إطلاق النار بأنه وقع عن طريق الخطأ، معتقدين أنهم (الجنود اللبنانيين) منشقون سوريون».

وردا على مطلب انتشار الجيش في تلك المنطقة، أكد مصدر في الجيش اللبناني لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجيش اللبناني موجود أساسا في هذه المنطقة بشكل كاف، منذ زمن، وقبل أن يطالبه أحد بذلك». وقال المصدر «الحدود الشمالية ليست جبهة، وهي ليست حدود لبنان مع إسرائيل، كل ما هو مطلوب من الجيش مراقبة الحدود والمحافظة على الأمن بشكل دائم ومنع عمليات التهريب في الاتجاهين لا أكثر ولا أقل». وردا على سؤال عما إذا كان الجيش اللبناني أجرى تحقيقا في الخرق السوري الأخير للحدود وحادثة إطلاق النار على دورية لبنانية، أجاب المصدر «بكل تأكيد جرى تحقيق، وأفادنا الجانب السوري بأن ما حصل كان مجرد خطأ ولا خلفيات له، وأن الجنود السوريين اشتبهوا في منشقين أو فارين، واعتذروا عما حصل وانتهى الأمر عند هذا الحد، ولا لزوم لتكبير الموضوع وإعطائه أكثر مما يستحق».

إلى ذلك، اعتبر كمال ضاهر، وهو بلدة النصوب اللبنانية الواقعة على الحدود مع سوريا، أن «عمليات إطلاق القذائف الصاروخية والرصاص من رشاشات حربية على البلدات اللبنانية، ليست عملا بريئا كما يدعي الجيش السوري، بل هي اعتداء متعمد ناتج عن حقد على هذه المنطقة التي تستقبل العائلات السورية النازحة قسرا بسبب عمليات القتل والنهب لبيوتهم وممتلكاتهم وأرزاقهم». وقال ضاهر لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا يمكننا التنكر لحق الجيرة والروابط العائلية التي تجمع بيننا وبين الأسر النازحة من سوريا، فمعظم هؤلاء أقاربنا وأهلنا ونتقاسم وإياهم أفراحنا وأتراحنا منذ عشرات السنين». وسأل «كيف يريد منا الجيش السوري أن نتخلى عن هؤلاء في هذه المحنة؟.. وهل يعقل أن نترك النساء والأطفال يقتلون ولا نحتضنهم أو نحميهم؟ هذا أمر مستحيل، صحيح أننا لا نتدخل في السياسة، لكن هذا لا يحجب غضبنا حيال ما نشاهده يوميا بأم العين للشعب السوري الذي كل ذنبه أنه طالب بحقه في الحرية والحياة الكريمة وبإنسانيته».

وكانت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قد أعلنت في تقريرها الأسبوعي الذي أصدرته أمس، أن «عدد اللاجئين السوريين المسجلين في شمال لبنان زاد خلال الأسبوعين الماضيين من 2898 في نهاية أغسطس (آب) الماضي إلى 3580 بحلول الرابع عشر من سبتمبر (أيلول) الحالي». وقال التقرير «خلال الأسبوعين الماضيين وصل لاجئون جدد معظمهم من بلدتي هيت وتلكلخ في محافظة حمص السورية، حيث تندلع أعمال عنف في هاتين المنطقتين»، مشيرا إلى أن «السوريين الفارين يستخدمون المعبر القانوني مع لبنان نظرا لأن المعابر غير الرسمية تردد أنها تخضع لحراسة مكثفة من السلطات السورية، وأن بعض اللاجئين يعيشون الآن في مدارس حكومية بشمال لبنان».