معارضو الداخل يؤكدون دعمهم للثورة حتى إسقاط «النظام الاستبدادي».. ويرفضون التدخلات الخارجية

شكلوا لجنة مركزية.. وتمسكوا في مؤتمر عقدوه في ريف دمشق بـ«سلمية الحركة الاحتجاجية» .. وحذروا من عسكرتها

المعارض السوري حسين العودات خلال مؤتمر صحافي في دمشق أمس (أ.ب)
TT

شدد معارضون سوريون أمس إثر اجتماع عقدوه في ضواحي دمشق، على ضرورة التمسك بـ«سلمية الثورة» كعامل حاسم «لإسقاط النظام الاستبدادي»، محذرين من مخاطر عسكرتها، وداعين إلى عدم الانجرار وراء دعوات التسلح.

وشارك نحو 300 شخص في هذا المؤتمر الذي انعقد اعتبارا من أول من أمس السبت في بلدة حلبون في ريف دمشق، بدعوة من هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديمقراطية، التي تضم أحزابا «قومية عربية» وأخرى اشتراكية وماركسية، إضافة إلى أحزاب كردية وشخصيات مستقلة، مثل الكاتب ميشال كيلو والاقتصادي عارف دليلة.

وقال حسن عبد العظيم، المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية، في مؤتمر صحافي عقده أمس في دمشق لإعلان نتائج الاجتماع، إن «النظام الاستبدادي الأمني لا بد أن ينتهي. لا يعني ذلك اجتثاث أحزاب البعث والجبهة، لا بد من إسقاط الاستبداد والأمن، وكل من لم تتلوث أيديهم بالقتل نرحب بهم من أجل بناء الوطن». وشدد البيان الختامي الصادر عن المؤتمر والذي تلاه عبد العزيز خير على ضرورة «انخراط جميع القوى في الثورة» مع التمسك بإبقاء طابعها السلمي.

وبينما أكد حسن عبد العظيم رفض الهيئة «للعقوبات الاقتصادية التي تضر بمصلحة الشعب السوري»، أعلن عضو اللجنة المركزية ومسؤول العلاقات الدولية في هيئة التنسيق عبد العزيز خير، رفض الهيئة القاطع للتدخل العسكري الخارجي، وقال إن «التعامل مع أي تدخل سياسي سيكون تعاملا لحظيا يمكن أن يقبل أو أن يرفض». ولفت عضو المجلس الوطني حسين العودات إلى أن «تصعيد النضال السياسي قد يصل إلى حالة العصيان المدني» وقال «لدينا وسائل كثيرة للنضال السياسي، منها الإضراب والعصيان ودائما بشكل سلمي»، مشيرا إلى أن المجلس الوطني يضم بين أعضائه بعض المعتقلين السياسيين السوريين.

وجاء المؤتمر الصحافي بعد يوم من انعقاد المجلس الوطني الموسع للهيئة في مزرعة في الدريج في ريف دمشق، بهدف العمل على تشكيل ائتلاف يوحد صوت المعارضة السورية، حيث قال عضو اللجنة المركزية لهيئة التنسيق إن اجتماعا موازيا للاجتماع الذي سينتخب المكتب التنفيذي سيعقد في ألمانيا بمشاركة عدد من الشخصيات، منهم هيثم مناع، وبرهان غليون، ورامي عبد الرحمن، ومحمود جديد.

وفي المؤتمر الصحافي، أعلنت هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي المعارضة في سوريا عن لجنتها المركزية، وتضم 80 عضوا، موزعة بنسب 40 في المائة عن 15 حزبا، و30 في المائة لتنسيقيات الحراك الشعبي، و30 في المائة لشخصيات وطنية ذات طابع عام وموزعة على المحافظات، على أن تجتمع اللجنة المركزية خلال أيام لانتخاب المكتب التنفيذي الذي سيكون موزعا بنسبة 60 في المائة للأحزاب و40 في المائة من الآخرين، وسيختار المكتب التنفيذي المنسق العام.

وجاء في البيان الختامي أن «العامل الحاسم في حصول التغيير الوطني الديمقراطي بما يعنيه من إسقاط النظام الاستبدادي الأمني الفاسد هو استمرار الثورة السلمية للشعب السوري». وتابع البيان «لذلك يدعو المؤتمر جميع القوى والفعاليات المشاركة وأصدقاءهم ومناصريهم إلى الاستمرار في الانخراط فيها وتقديم كل أشكال الدعم لها بما يساعد على استمرارها حتى تحقيق أهداف الشعب السوري في الحرية والكرامة والديمقراطية».

واعتبر البيان أن القمع المتواصل للمتظاهرين السلميين هو الذي أدى إلى «أفعال انتقامية مسلحة»، في إشارة إلى مقتل عناصر من الجيش وقوات الأمن تؤكد السلطات أن عددهم يصل إلى المئات. وأضاف أن «استمرار الخيار العسكري الأمني للسلطة الحاكمة، وتغول القوى الأمنية والجيش وعناصر الشبيحة في قمع المتظاهرين السلميين، هو المسؤول الرئيسي عن بروز ردود فعل انتقامية مسلحة».

وتابع البيان «لذلك فإن المؤتمر في الوقت الذي يدعو فيه إلى الوقف الفوري لقمع المتظاهرين، فإنه يشدد على ضرورة الحفاظ على سلمية الحراك الشعبي وعدم الانجرار وراء دعوة التسلح من أي جهة جاءت». ولم يستبعد البيان الحل السياسي، إلا أنه ربطه بضرورة «توقف الحل الأمني العسكري». وجاء في البيان بهذا الصدد «يؤكد المؤتمر أنه حتى تحقيق لحظة التغيير لا يمكن تجاهل العمل السياسي من حيث المبدأ، إلا أن الحل السياسي لا يمكن أن يتحقق ما لم يتوقف الحل الأمني العسكري ليفتح الطريق إلى مرحلة انتقالية تجرى خلالها مصالحة تاريخية وتوفر الظروف لبناء الدولة المدنية الديمقراطية البرلمانية التعددية».

ودعا البيان إلى «السماح بالتظاهر السلمي وانسحاب الجيش إلى ثكناته ومحاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وإجراء مصالحة بين الجيش والشعب وتشكيل لجان مشتركة من تنسيقيات الحراك الشعبي ومن رجال الشرطة لضبط الاستفزازات وحماية المظاهرات السلمية».

وشدد البيان في توصياته على «رفض التدخل العسكري الأجنبي، ورفض استخدام العنف في العمل السياسي، وإدانة التجييش الطائفي». ورأى في «استمرار النهج الأمني للسلطة تحفيزا خطيرا لتلك الميول والنزعات».

ودعا المشاركون في اجتماع المجلس الوطني الموسع لهيئة التنسيق إلى العمل على توحيد المعارضة، وإنجاز رؤية مشتركة وثوابت وطنية وآلية تنفيذية يتفق عليها وذلك خلال أسبوعين، وأن في مقدمة مهام هيئة التنسيق «العمل المستمر من أجل توسيع قاعدة الائتلاف الوطني المنشود ليضم أوسع قاعدة شعبية من جميع فعاليات المجتمع السوري».

وأشار البيان إلى «أهمية صياغة عقد اجتماعي جديد يرسم صورة مشرقة للمجتمع السوري»، متوقفا عند «أهمية القوى الكردية وضرورة إيجاد حل عادل للقضية الكردية على قاعدة وحدة سوريا أرضا وشعبا، وأنها جزء من الوطن العربي كما ورد في الوثيقة السياسية التأسيسية لهيئة التنسيق». واعتبرت هيئة التنسيق أن تحقيق ما ورد في بيانها هو بمثابة «شروط لا تنازل عنها لقبول أي حوار مع السلطة».