معارك عنيفة بين الثوار وقوات العقيد في سرت وبني وليد

مصادر في المجلس الانتقالي تنفي تصريحات فراتيني.. وتؤكد: لدينا شواهد على أن القذافي ما زال في الداخل

نساء يرحبن بثوار سيطروا على قرية كانت موالية للقذافي (أ.ب)
TT

خاضت قوات الثوار في لبيبا قتالا عنيفا وشرسا ضد قوات العقيد معمر القذافي العسكرية وكتائبه الأمنية في مدينتي بني وليد وسرت، آخر المعاقل المؤيدة للقذافي.

وبينما قال صلاح البادي، قائد قوات الثوار في الجبهة الجنوبية من سرت: «حققنا تقدما وكبدنا قوات القذافي خسائر كبيرة»، وصف محمد عبد الله، أحد مقاتلي الثوار الوضع بـ«الخطير جدا». وذكرت تقارير إخبارية أن ما لا يقل 50 شهيدا من الثوار سقطوا، وأن عدد الجرحى في تزايد.

وأطلق الثوار صواريخ من المدخل الجنوبي للمدينة وتبادلوا إطلاق النيران مع قوات موالية للقذافي تتحصن في مركز للمؤتمرات.

وذكرت قناة «ليبيا الأحرار» الموالية للثوار، إنهم دخلوا إلى وسط سرت قرب مجمع «واجادوجو» الشهير، حيث اعتاد القذافي أن يعقد كافة مؤتمراته الإقليمية والدولية. وأشارت القناة إلى أن الثوار حرروا جزءا كبيرا من وادي بو هادي، قبل أن يتمكنوا من السيطرة على معسكر وادي جارف.

وأوضحت القناة أن ما لا يقل 50 شهيدا من الثوار سقطوا جراء هذه المعارك، بينما عدد الجرحى في تزايد. وقالت تقارير غير مؤكدة إن قوات الثوار نجحت في السيطرة على الطريق الرئيسي الرابط بين سرت والجفرة جنوبا.

وفي الوقت الذي احتفلت فيه قوات القذافي داخل مدينتي سرت وبني وليد بانتصارها المؤقت ضد قوات الثوار، ودفعها إلى الانسحاب الاضطراري من المعارك، قال مصدر عسكري من الثوار لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الانسحاب تكتيكي.

وأكد أحمد باني، الناطق العسكري باسم المجلس الانتقالي وجيش تحرير ليبيا الوطني، أن كل المدن التي ما زالت خاضعة لسيطرة القذافي ستسقط في أيدي الثوار قبل نهاية الشهر الحالي. وقال باني في مؤتمر صحافي عقده في طرابلس مساء أول من أمس: «إن معركة بني وليد تحكمها عوامل الطبيعة الجبلية وتضاريس المدينة»، مشيرا إلى أن الثوار تمكنوا من السيطرة الكاملة على جانبها الشمالي.

ووصف باني معركة سرت بأنها «قطعة كيك في متناول اليد في أي وقت»، مؤكدا على أن الثوار دخلوا من الجهة التي تضم أقوى تحصينات كتائب القذاقي وتمكنوا من السيطرة على مطار القرضابية وقاعدة سرت العسكرية ومنطقة وادي جارف. وانسحبت قوات الثوار بعد هجوم فوضوي آخر استهدف بني وليد؛ لكنها جددت معركتها للسيطرة على سرت مسقط رأس القذافي. وتواجه قوات الثوار التي تعاني نقصا في التنظيم، مقاومة شديدة من المدافعين عن آخر معاقل القذافي في بني وليد ومدينة سرت الساحلية وبلدة سبها الواقعة في عمق الصحراء الليبية.

وحاول الثوار أكثر من مرة اقتحام بني وليد الواقعة على بعد 150 كيلومترا إلى الجنوب الشرقي من طرابلس في الأيام القليلة الماضية؛ لكن آخر وأحدث محاولة انتهت أمس، بتراجع بشكل يفتقر للنظام تحت نيران مكثفة من الصواريخ التي أطلقتها القذافي المدافعة عن المدينة.

وقال مقاتلون من الثوار «إنهم خططوا كي تقود الدبابات والشاحنات المزودة بمدافع مضادة للطائرات وقاذفات الصواريخ الهجوم، لكن المشاة تقدموا أولا دون إصدار أوامر».

وقال زكريا تهام، إن «هناك افتقارا للتنظيم حتى الآن، المشاة يجرون في كل الاتجاهات، وقيل لقادتنا إن وحدات المدفعية الثقيلة كانت قد انطلقت بالفعل؛ لكن عندما زحفنا إلى بني وليد لم نجدها في أي مكان».

وترددت أصداء القذائف فوق المواقع التي تسيطر عليها القوة المناهضة للقذافي، ودوت في أنحاء الصحراء، بينما أطلق قناصة الرصاص من فوق أسطح المنازل في بني وليد وتصاعد الدخان من البلدة. واتهم موسى إبراهيم، المتحدث باسم القذافي، حلف شمال الأطلسي بقتل 354 شخصا خلال غارات جوية على مدينة سرت مساء الجمعة الماضي.

وأضاف إبراهيم في مكالمة هاتفية مع «رويترز» عبر الأقمار الصناعية، أن قوات القذافي ستتمكن من مواصلة القتال، وأن لديها من السلاح ما يكفي شهورا مقبلة.

لكن الفريق أبو بكر جابر يونس، آخر وزير دفاع للقذافي أعلن في المقابل، أمس، أنه أصدر أمرا لكل وحدات الجيش الليبي التي ما زالت تقاتل تحت إمرة القذافي بأن تتوقف فورا عن القتال وأن تلقي بأسلحتها.

وكان يونس قد سلم نفسه للمجلس الانتقالي قبل نحو أسبوع، معلنا رفضه لمحاولات القذافي الهارب لجر البلاد إلى حرب أهلية وتقسيمها.

إلى ذلك، نفى مصدر مسؤول في المجلس الانتقالي هروب القذافي من داخل ليبيا، قائلا: «إن تصريحات وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني الذي تكهن أمس، بأن القذافي قد نجح في الهروب خارج حدود ليبيا غير صحيحة«.

وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا شواهد كثيرة على أن القذافي ما زال بالداخل»، مشيرا إلى أن «المقاومة العنيفة التي تبديها قواته العسكرية في بني وليد وسرت ترجح أنه وأبناءه في إحدى المدينتين».

وكان فراتيني قد أعلن خلال مقابلة أجراها لصحيفة «ميساجيرو» الإيطالية أنه «من المؤسف تمكن القذافي من الهرب رغم أن قوات حلف شمال الأطلسي كانت قادرة على تحديد موقعه والإمساك به، لكنها كانت ملتزمة بقرار مجلس الأمن».