باريس تدعو إلى محاسبة قادة دمشق عن «الجرائم ضد الإنسانية».. وارتفاع حصيلة القتلى إلى 2700

عمليات عسكرية في حمص ومقتل 8.. والوفد الروسي يزور أحياء فيها تسكنها أغلبية علوية وأخرى لم تشهد احتجاجات

TT

لقي 8 سوريين حتفهم على الأقل أمس خلال عمليات أمنية وعسكرية نفذتها قوات الأمن السورية في تجمع قرى الحولة في محافظة حمص، وسط البلاد، التي بدأت منذ أول من أمس مستهدفة المتظاهرين المناوئين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. وبينما دعا وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إلى محاسبة قادة النظام في دمشق عن «الجرائم ضد الإنسانية» التي ترتكب أثناء حملتهم ضد الاحتجاجات المناهضة للحكومة، كشف مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن الحملة التي تقوم بها سوريا على المحتجين المطالبين بالديمقراطية زادت حدة، وارتفع عدد القتلى إلى 2700، وهو ما يعني زيادة 100 قتيل في الأسبوع الأخير.

وقالت كيونغ وا كانغ نائبة مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس: «حتى اليوم قتل 2700 شخص من بينهم ما لا يقل عن 100 طفل على أيدي قوات الجيش والأمن منذ بدء الاحتجاجات الجماهيرية في أواسط مارس (آذار)»، وأضافت: «أختتم حديثي بالتشديد على أهمية محاسبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية. وقد وجد المكتب أن من المحتمل أن مثل هذه الجرائم ارتكبت في سوريا».

وتزامنت تلك الدعوة لمحاسبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية مع دعوة مماثلة أطلقها جوبيه الذي أدان في نيويورك «الصمت غير المقبول» لمجلس الأمن الدولي إزاء ما وصفه بـ«جرائم ضد الإنسانية» في سوريا، أثناء كلمة أمام مجلس العلاقات الخارجية ومركز الأبحاث الأميركي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.

والأعضاء الدائمون في مجلس الأمن الدولي منقسمون إلى حد كبير في مواقفهم إزاء القمع في سوريا، فالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تدعو الأسد للتنحي، كما تريد أن تدين الأمم المتحدة النظام السوري. في المقابل تعارض روسيا الحليف المقرب من سوريا وكذلك الصين هذا الأمر.

ميدانيا، قال نشطاء وسكان: إن القوات السورية قتلت بالرصاص 6 قرويين على الأقل وجنديين منشقين في حملة مداهمة في منطقة الحولة شمالي مدينة حمص أمس.

يأتي الهجوم على الحولة التي تضم عدة قرى إلى الشمال مباشرة من حمص على بعد 165 كيلومترا شمال دمشق بعد احتجاج ضخم في الليلة قبل الماضية يطالب بتنحي الأسد، كما أفاد النشطاء بأن 12 جنديا حكوميا يحرسون نقاط تفتيش ريفية انشقوا.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أعلن أن خمسة سوريين قتلوا أمس خلال عمليات عسكرية وأمنية في تجمع قرى الحولة في محافظة حمص منذ مساء أول من أمس.

وقال المرصد إن «خمسة مواطنين استشهدوا اليوم الاثنين (أمس) خلال عمليات عسكرية وأمنية مستمرة في تجمع قرى الحولة»، موضحا أن القتلى هم «سيدة وثلاثة شبان وعسكري»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. كما أكد المرصد أن «عدة مظاهرات مسائية خرجت في حي الإنشاءات والخالدية، حيث تعرض المتظاهرون لإطلاق نار كثيف»، وأضاف أن مظاهرات كثيرة خرجت في الغوطة وشارع الحمرا وحي البياضة وبابا عمرو والقصير وتلبيسة.

من جانب آخر ذكر المرصد أن «شابا من مدينة سقبا يبلغ من العمر 26 عاما استشهد فجر اليوم الاثنين (أمس) متأثرا بجروح أصيب بها مساء (أول من) أمس خلال تشييع شهيد في بلدة عربين» في ريف دمشق، وتابع أن «شهيد عربين أصيب خلال ملاحقات أمنية في بساتين مدينة حرستا وسلم أمس جثمانه لذويه».

كما ذكر ناشطون أن قوات الأمن السورية انتشرت بأعداد كبيرة أمس في داعل في محافظة درعا بينما جرت مظاهرات ليلية تدعو إلى إسقاط الأسد في عدد من المدن السورية.

وقال المرصد إن «أكثر من ثلاثين حافلة كبيرة محملة بقوات الأمن اقتحمت داعل مساء الأحد وبدأت الانتشار في المدينة التي خرجت فيها مساء اليوم (أمس) مظاهرة حاشدة تطالب بإسقاط النظام».

وقال ناشطون إن التيار الكهربائي ما زال مقطوعا لليوم الثالث على التوالي في بلدة بصر الحرير في درعا، وإن هناك تحشيدا عسكريا كبيرا في اللواء الـ12، حيث شوهد وصول الدبابات وحافلات الأمن والشبيحة، تأهبا لعملية اقتحام واسعة، كما رجح الناشطون، حيث تم قطع الطريق بين بلدتي ازرع وبصر الحرير، وهو الطريق الرئيسي الواصل بين محافظتي درعا والسويداء. كما قالت مصادر محلية في ريف درعا إنه تم اعتقال الدكتور محمد يعقوب أبو حوية عند منفذ نصيب الحدودي وذلك بعد قدومه من السعودية.

من جانبه أعلن النظام السوري عن مقتل 4 من عناصر قوات حفظ النظام وجرح 18 آخرون في كمين مسلح نصبته لهم «مجموعة إرهابية مسلحة» مساء أول من أمس أثناء عودتهم إلى وحدتهم بالقرب من مفرق الضاهرية بحماه.

ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر مسؤول في المحافظة أن «العناصر كانوا يستقلون حافلتين في طريق العودة إلى وحدتهم عندما فاجأهم المسلحون بإطلاق النار عليهم من مرتفع بالقرب من المفرق، ما أدى إلى تدهور إحدى الحافلتين».

ونقلت عن الدكتور عامر سلطان مدير صحة حماه أنه «تم إسعاف الجرحى إلى مشفى حماه الوطني وقامت الفرق الطبية بتقديم العلاجات اللازمة وإجراء العمليات الجراحية الضرورية، وأحيل بعضهم إلى المشافي التخصصية لاستكمال العلاج»، وأضاف أن «معظم الجرحى مصابون بعيارات نارية في مناطق متفرقة من الجسم».

وفي تلك الأثناء قام الوفد البرلماني الروسي الذي وصل إلى البلاد مؤخرا لتفقد الأوضاع ولقاء القادة السوريين بزيارة إلى درعا، ومن ثم توجه إلى مدينتي حمص وحماه، حيث سجل في حماه خروج مظاهرات طلابية من مدارس حي المدينة ومن حي غرب المشتل، تمت بعدها استضافته في مطعم بيت الشرق واجتمع معهم هناك المحافظ وفعاليات ووجهاء في المدينة من الموالين للنظام. وفي حمص قال ناشطون إن الوفد لم يزُر في المدينة سوى شارع الحضارة حيث تتركز الطائفة العلوية، وهذا الشارع لم يشهد خروج مظاهرات مناهضة للنظام. وقال ناشطون إن الوفد الروسي رافقته قوات الأمن السورية وأخذته إلى مناطق لا تشهد احتجاجات.