اتهامات بالتقصير في متابعة شؤون النازحين السوريين في لبنان.. وتحذيرات «مما لا تحمد عقباه»

ممثل الهيئة العليا للإغاثة لـ«الشرق الأوسط»: معيارنا في الرعاية الطبية أن يكون النازح مسجلا وبحاجة إلى مساعدة فعليا

صورة أرشيفية لصبي سوري لاجئ يتسلم نصيب أسرته من المعونة الإنسانية في بلدة وادي خالد على الحدود السورية اللبنانية (أ.ف.ب)
TT

حملت أوساط ميدانية متابعة لشؤون النازحين السوريين في شمال لبنان على ما اعتبرته «مماطلة في متابعة شؤون بعض النازحين الصحية والاستشفائية»، معددة حالات عدة «اضطر فيها المرضى إلى الانتظار على الرغم من أوضاع صحية حرجة يعانون منها، وذلك نتيجة الإجراءات الروتينية التي تتبعها الهيئة العليا للإغاثة، التي يفترض الحصول على موافقة مسبقة منها، وهي الهيئة المكلفة رسميا من الحكومة اللبنانية، متابعة شؤون النازحين».

وأبدت هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» خشيتها من أن «يؤدى هذا التأخير في علاج بعض الحالات إلى ما لا تحمد عقباه، لا سيما أنه ليس بمقدور النازحين التوجه بأنفسهم إلى المستشفيات القريبة للمعالجة، بسبب عدم توفر الأموال ووسائل النقل»، منتقدة «تقاعس الهيئة العليا للإغاثة عن القيام بواجباتها كاملة في هذا السياق».

وبينما لا تنكر مصادر في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، «وجود بعض النواقص في فترات سابقة وحصول انتظار طبيعي بسبب هذا النقص والغياب في الطاقات»، فإنها تجزم في الوقت عينه بأن «كل من يحتاج إلى عناية طبية يحصل عليها وفق الأصول». وكانت المنظمة وبهدف تلافي أي تقصير من الناحية الطبية، وللتنسيق بين كل الهيئات المعنية بالرعاية الصحية، تعاقدت مع منظمة (IMC) العالمية، وهي منظمة طبية متخصصة، لإدارة الشؤون الصحية للنازحين بدءا من مطلع شهر سبتمبر (أيلول) الحالي.

وأشار التقرير الدوري الذي تصدره مفوضية شؤون اللاجئين ويلخص وضع النازحين في الفترة الممتدة بين 8 و16 سبتمبر إلى أنها أطلقت وشركاؤها التنفيذيون بالتعاون مع منظمة «IMC» مشروعا في عكار لتحسين حصول النازحين على الدرجة الثانية والثالثة من الرعاية الصحية في المستوصفات والمستشفيات والمنظمات غير الحكومة المتخصصة. وأوضحت أن «الهيئة العليا للإغاثة تواصل تغطية تكلفة الرعاية الصحية للدرجتين الثانية والثالثة، بينما تتكفل المفوضية ومنظمة (IMC) ببعض النفقات التي لا تغطيها الهيئة العليا للإغاثة».

وذكر التقرير أن الشركاء الـ3 تعاقدوا مع مستشفى السلام في القبيات (وهو المستشفى الأقرب إلى الحدود السورية)، ومع عدد من المستشفيات في حلب وطرابلس، لتقديم خدمات الرعاية الصحية من الدرجة الثانية للنازحين. في موازاة ذلك، يجزم منسق أنشطة الهيئة العليا للإغاثة لمتابعة شؤون النازحين في شمال لبنان، محمد مملوك، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، بأن «الهيئة لم ترد حتى اللحظة أي أحد من النازحين في موضوع الاستشفاء، من المسجلين في سجلاتها»، مؤكدا أن «الهيئة تقوم بواجباتها كاملة وتتابع فرقها الوضع الميداني عن كثب».

ويشير إلى أن «الهيئة تقدم العديد من الخدمات الطبية وتوفر مستلزمات العناية الصحية الأولية للنازحين السوريين (أدوية الحرارة والألم والإسهال...)، فضلا عن التعاقد مع مستوصف تابع لجمعية المقاصد يؤمن معاينات مجانية وأدوية بأسعار رمزية».

وتعليقا عن اتهام الهيئة بالتقصير في التعاطي مع بعض الحالات المرضية للنازحين، يوضح مملوك «إننا نأخذ بعين الاعتبار تاريخ دخول المسجلين إلى لبنان»، ويقول في هذا السياق: «للأسف يحاول البعض إساءة استخدام المساعدات الطبية، بمعنى أنه يدخل نازح إلى لبنان ويسجل اسمه لدينا، ثم يحضر في اليوم الثاني ويبلغ عن معاناته من مشكلة صحية وأنه بحاجة إلى استشفاء». ويلفت إلى أنه «إذا كانت الحالة عبارة عن إصابة بكسور نتيجة إصابته أثناء عبوره الحدود يبدو ذلك بوضوح، لكن ما يحصل هو دخول نازحين وتسجيل أسمائهم لدى الهيئة، ثم يتقدمون في اليوم التالي ليبلغوا عن حاجتهم إلى عمليات سريعة كالقلب أو الكلى وما شابه ذلك...». ويؤكد في الوقت عينه أن «مستشفى رحال في منطقة حلبا في عكار عالج وحده نحو 60 حالة استشفاء من ولادات وعمليات جراحية».

ويختصر مملوك معايير التعاطي من الناحية الصحية مع النازحين بمعيارين اثنين: «أن يكون مسجلا لدى الهيئة العليا للإغاثة، وأن يكون بحاجة فعليا إلى هذه المساعدة»، مثنيا على الاتفاق الذي تم عقده مع منظمة «IMC» من أجل المساعدة في تقديم الخدمات الطبية ولمساعدة المستوصفات والمراكز الطبية في تقديم العناية الطبية اللازمة للمرضى.

وعن عدد النازحين المسجلين لدى الهيئة العليا للإغاثة، يلفت إلى أن الأرقام شبه متوافقة مع مفوضية شؤون اللاجئين، أي قرابة 3500 نازح، مشيرا إلى أن «ائتلاف الجمعيات الخيرية في الشمال يتحدث عن وجود قرابة 5000 نازح في لبنان، ونحن نسعى في الوقت الحالي إلى مقارنة الأسماء مع جداول ائتلاف الجمعيات لمعرفة عدد غير المسجلين فعليا لدينا وأماكن وجودهم». وكان عدد النازحين السوريين إلى لبنان بلغ وفق الإحصاء الأخير لمفوضية شؤون اللاجئين 3580 نازحا حتى الرابع عشر من الشهر الحالي. ورصدت المفوضية في تقريرها الأخير حول أوضاع النازحين «دخول نازحين جدد إلى لبنان في الأسبوعين الأولين من الشهر الحالي، وتحديدا من قرى هيت وتلكلخ في حمص»، موضحة أنهم «دخلوا بمعظمهم من خلال المعابر الحدودية بعد تشديد الجانب السوري حراسته على نقاط العبور غير الشرعية».

وذكر التقرير أن المفوضية والهيئة العليا للإغاثة وسعا نطاق عملهما إلى طرابلس، حيث يعيش عدد من النازحين السوريين في ظل ظروف صعبة. ولا يزال نحو 100 نازح سوري يعيشون في مدرستين في وادي خالد، بعد أن أعيد تأهيلهما لاستقبال النازحين وتوفير الحاجيات الأساسية. يوضح التقرير أنه «انطلاقا من مناقشات مع عدد من النازحين في قرية الهيشة في وادي خالد، تبين أن واحدة من الاحتياجات الأكثر إلحاحا لدى الرجال كانت الحصول على إذن بالتنقل للتحرك بحرية وتحسين أحوالهم المعيشية، مما دفع الهيئات والمنظمات الناشطة إلى تنظيم عدد من الأنشطة النفسية والاجتماعية، كالحوارات والنشاطات الترفيهية والمهنية، تستهدف النازحين».

من ناحيتها، توزع الهيئة العليا للإغاثة حصصا غذائية لكل عائلة شهريا، تزن 75 كيلوغراما، وتم تعديل مكوناتها لناحية تنوعها وفق احتياجات النازحين. كما يحصل النازحون على حصص نظافة وعناية صحية أولية.