المعارض السوري هيثم بدرخان: روسيا تخلت عن كل حلفائها ولن تهتم كثيرا إذا سقط الأسد

قال لـ «الشرق الأوسط»: موسكو انتقدت بثينة شعبان بعد إدلائها بنصائح وكأن الروس في الحقبة السوفياتية

TT

اعتبر المعارض السوري هيثم بدرخان أن الموقف الروسي حيال الأزمة في سوريا تغير كثيرا منذ بداية الاحتجاجات الواسعة التي ضربت المدن السورية منذ 6 أشهر.

ووصف بدرخان، الذي يشغل منصب رئيس لجنة العلاقات الدولية لفيدرالية المغتربين لعموم روسيا، الموقف الروسي الحالي بأنه قريب إلى ما يسمى المعارضة المعتدلة في سوريا وأنه لا يهتم كثيرا بسقوط النظام السوري بعكس ما يعتقد الكثيرون، فبدرخان يعتقد أن موسكو التي تخلت عن كل حلفائها من قبل، لن تضحي كثيرا من أجل نظام بشار الأسد.

ويعتقد بدرخان أن أولى علامات التغيير في الموقف الروسي تكمن في تنظيم المعارضة السورية مظاهرة رمزية أمام السفارة السورية في موسكو كانت مقررة أمس، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «منذ فترة كان من المستحيل السماح للمعارضة السورية بالتظاهر أمام السفارة السورية؛ لكن السلطات الروسية سمحت الآن وهو دليل كبير على حدوث تغيير في سياساتها».

وأرجع بدرخان ذلك لرغبة موسكو في الانفتاح على جميع الأطراف في سوريا، مضيفا: «باعتقادي أن أكبر الدلائل على ذلك، كان التعليق القاسي الذي أدلى به رئيس لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ الروسي بعد لقائه مع بثينة شعبان المستشار السياسي للرئيس الأسد»، حيث قال بدرخان: «انتقد تصرفاتها علانية»، واصفا مباحثاتهما بـ«أنها أرادت تقديم النصائح للنظام الروسي وكأنهم في الفترة السوفياتية».

وكان وفد نيابي روسي قد وصل إلى دمشق الجمعة الماضية على أن يلتقي في وقت لاحق الرئيس السوري بشار الأسد وممثلين للمعارضة في محاولة لبدء عملية تفاوض بشأن الأزمة في سوريا، وهو ما علق عليه بدرخان قائلا: «الوفد البرلماني الذي وصل إلى سوريا يصر على التجول في سوريا بناء على طلبه وليس كما تريد السلطة». واستشهد بدرخان بتصريحات السيناتور زياد السبسبي الذي يزور سوريا ضمن الوفد، وهو من أصل سوري، الذي قال فيها: «إن موسكو مفتوحة أمام السلطة والمعارضة السورية من أجل الحوار البناء وتحقيق مطالب الشعب السوري».

وكان بدرخان قريبا من وفد المعارضة السورية الذي زار موسكو قبل أسبوعين ممثلا للمؤتمر السوري التغير، وهو اللقاء الذي يعتقد بدرخان أنه شهد حوارا بناء في جو من التفاهم والارتياح بين الطرفين وتفهم لمطالب المعارضة السورية. وكشف بدرخان أن رئيس لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ ميخائيل مارغيلوف أكد أنه خلال شهر ربما سيحدث تغير ما في الموقف الروسي.

لكن بدرخان يرى أن التغير في الموقف الروسي ليس فارقا بالدرجة التي تحدث تغييرا على الأرض، حيث قال: «روسيا تلعب الدور المخصص لها وسيتغير هذا الدور وفقا لضرورة المرحلة فعلاقاتها مع الغرب وارتباط اقتصادها الأساسي مع الدول الأوروبية وأميركا يلعب الدور الأكبر في تشكيل توجهها». وأضاف قائلا: «خاصة أنها ليست بمكان من القوة لتفرض سياستها في كثير من الأمور، فهي لا تمتلك إلا حق الفيتو كونها من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن»، لكنه استدرك قائلا: «لكن موقفها اليوم قريب إلى ما يسمى المعارضة المعتدلة في سوريا، على الأقل هي تستمع لكل الأطراف».

ورغم ذلك، يعتقد بدرخان أن روسيا اليوم في الدرجة الأولى مهتمة بترتيب بيتها الداخلي بشكل يفوق اهتمامها الخارجي. وقال بدرخان: «أرى أن موسكو تتجه في سياستها الخارجية نحو رابطة الدول المستقلة وهي لا تهتم كثيرا بسقوط النظام في سوريا بقدر ما هو موقف دعاية لها، بمعنى أنها لا تتخلى عن أصدقائها بسهولة»؛ لكنه تابع قائلا: «سوريا هي ورقة التوت الأخيرة من حلفاء روسيا، فموسكو تخلت عن العراق ويوغسلافيا وليبيا، لذا فسوريا لن تكن هذه الدولة التي ستضحي من أجلها».

ويعتقد بدرخان أن موسكو ستتخلى عن نظام بشار الأسد حينما تشعر أنه قارب على الانتهاء؛ لكنه يقول: «إن ذلك سيعتمد على ضغط المعارضة وحجم الضمانات التي ستقدم لها لضمان مصالحها في سوريا».

وقال بدرخان: «أرى أن الثورة السورية ستكون بوضع أفضل من باقي ثورات الربيع العربي، فهي اليوم تهز أركان النظام من القاعدة إلى القمة بعكس ما حصل في دول الربيع العربي».

وعلى عكس الكثير من المراقبين السياسيين يرى بدرخان أن المعارضة السورية بدأت تتقارب أكثر في مواقفها، وأن الضغط الدولي الذي تمارسه على النظام سيؤتي ثماره في النهاية، رغم القتل البشع الذي تمارسه القوى الأمنية وأجهزة النظام من وجهة نظره، قائلا إن «المعارضة هي التي تجبر المجتمع الدولي ليغير رأيه ورغم التباين الكبير بينها فهي مصرة على مطالبها، ولا أحد يستطيع الوقوف أمام شعب أعزل يريد انتزاع حريته وكرامته ولا يكمن للمجتمع الدولي أن يصمت أمام قتل المواطنين العزل في أي مكان».

ولا تزال روسيا تعارض صدور أي قرار عن مجلس الأمن يدين نظام بشار الأسد على قمعه العنيف للانتفاضة وتكتفي بدعوة النظام والمعارضة إلى ضبط النفس، لا بل أشارت روسيا إلى وجود «إرهابيين» ناشطين داخل المعارضة السورية ولا تجد ضرورة لممارسة «أي ضغط إضافي» على دمشق، وتطالب النظام في المقابل ببدء تطبيق إصلاحات.