خبير اقتصادي سوري: فرض مقاطعة اقتصادية شاملة ضد النظام سيكون موجعا

ماخوس عضو «تجمع 15 مارس» لـ «الشرق الأوسط»: أغلب العلويين لا يؤيدون النظام لكنهم يخشون التنكيل

TT

في الوقت الذي تتواصل فيه العقوبات الأوروبية الاقتصادية على نظام بشار الأسد، اعتبر البروفسور منذر ماخوس، أستاذ اقتصاد الطاقة بجامعة باريس، أن ما سيكون موجعا جدا للنظام السوري، هو فرض مقاطعة اقتصادية شاملة ضد دمشق، مقللا من شأن العقوبات الأخيرة التي يعتقد أن النظام السوري تجاوز آثارها، واعتبر ماخوس، وهو أكاديمي سوري ينتمي للطائفة العلوية، أن الحل الوحيد لإسقاط النظام هو أن ينشق القادة العلويون في الجيش ضد النظام.

ويعتقد ماخوس أن النظام السوري لم يتأثر بالعقوبات الاقتصادية الأخيرة المفروضة عليه، مقللا من أثر العقوبات النفطية بحق دمشق، حيث أوضح أن دمشق يمكنها بسهولة الالتفاف حول حظر استيراد النفط المفروض عليها، قائلا: «يمكن لدمشق بيع النفط عبر المضاربين في الأسواق النفطية، مثلما فعل صدام حسين حين قام ببيع النفط عبر وسطاء، كما يمكنها بيع مصافي النفط نفسها»، وأضاف ماخوس، وهو أكاديمي ومهندس في مجال التنقيب والإنتاج البترولي: «كما أن الدول كثيفة استخدام النفط ستستغل الوضع، مثل الصين التي تستخدم نحو ثمانية ملايين برميل نفط يوميا، ويمكن إغواؤها عبر تخفيض سعر البرميل ولو نصف دولار، لأنه سيشكل رقما كبيرا لها على المدى البعيد».

وأوضح ماخوس أن المقاطعة الاقتصادية الشاملة ستكون موجعة جدا لدمشق، معتبرا أن الأفضل أن تتخذ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأستراليا قرارات بحظر الاستيراد والتصدير الكامل مع سوريا، وهو ما سيكون موجعا للنظام وسيصيبه بالشلل الاقتصادي التام.

وكشف ماخوس عن أن النظام السوري سحب أغلب أمواله المودعة بالدول الغربية قبل فرض العقوبات عليه، ليتم تحويلها لبلدان أكثر أمنا، لتستقر في مصارف دبي وماليزيا وسنغافورة وعدة بلدان آسيوية أخرى، بالإضافة إلى روسيا، حيث قال ماخوس: «أكدت مصادر خاصة لي في روسيا، أن طائرات تهبط في مطارات صغيرة في موسكو، تحمل أطنانا من الدولارات لتخزينها في المصارف الروسية».

المثير أن البروفسور ماخوس، وهو منتم للطائفة العلوية، يقف في موقف مضاد تماما للنظام السوري، الذي يوصف دوما بالنظام العلوي، كاشفا عن أن معظم العلويين لا يناصرون النظام السوري، وقال ماخوس: «النظام السوري ليس نظاما علويا، ولكنه نظام مافيا يخلط الدين بالسياسية من أجل مصالحه الضيقة، وهم بعيدون كل البعد عن تعاليم الدين الإسلامي والمذهب العلوي، ما يحدث هو عبارة عن استغلال سياسي بامتياز للدين».

وأضاف أن «أغلب العلويين لا يؤيدون النظام السوري، ويقفون ضد أفعاله وتصرفاته بحق الشعب السوري»، لكنه استطرد قائلا: «هم لم يخرجوا في المظاهرات لأن الطائفة العلوية هي أكثر طائفة تعرضت للتنكيل والقمع من قبل النظام، وفقا لنسبة المعتقلين لعدد أفراد الطائفة»، وتابع قائلا: «النظام يعتقد أن العلويين ممنوع عليهم أن يعارضوا النظام، وأن عليهم أن يكونوا دوما في صفه، وأكبر مثال على ذلك هو قيام النظام بسجن الدكتور عارف دليلة لمدة تسع سنوات، على خلفية اشتراكه عام 2000 في الدعوة لتشكيل مجتمع مدني، على الرغم من أن بقية المعتقلين حكم عليهم لسنوات أقل بكثير»، معتقدا أن هذا الخوف هو الذي منع العلويين من الاشتراك في المظاهرات.

لكن ماخوس، عضو تجمع 15 مارس (آذار) من أجل الديمقراطية في سورية، يعتقد أن إثارة الموضوع الطائفي فعلا خطير، حيث قال: «الطائفية فزاعة يستخدمها النظام السوري دائما لتشتيت وحدة السوريين لصالحه، فهو يقوم بعملية تجييش طائفي واسعة، لإيهام الأقليات أنها في خطر، وأنه الحامي الأكبر لهم، وأن نتائج الثورة لن تكون في صالحهم، حيث سيتعرضون لاضطهاد الأكثرية» لكن ماخوس يؤمن بأن سوريا اليوم أصبحت وطنا لكل الطوائف والإثنيات، وهو ما قال إنه يتضح على الأرض بشكل كبير، فلا فارق بين السنة والشيعة، أو العرب والأكراد، الكل أصبح شركاء في الوطن، ويمكن فهم ذلك بوضوح من المظاهرات في الشارع التي ترفع شعار: «واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد».

ويعتقد ماخوس أن الجيش السوري لا يزال مؤسسة متماسكة، وهو بالتعاون مع القوى الأمنية والشبيحة يسيطر على زمام الأمور بشكل كبير، وقال ماخوس: «التقسيم الهرمي للقيادة في الجيش السوري طائفي بشكل ساحق، فكل قادة الفرق علويون، الأغلبية الساحقة من قادة الألوية من العلويين، وتم إشراك كل قادة الجيش في التجارة والأعمال والبيزنس، وتوريطهم في القمع الوحشي الذي حدث في الثمانينات في حماه، وبالتالي فهم في شبكة علاقات النظام، ويؤمنون تماما بأنهم سيكونون معرضين لمحاكمات في المحكمة الجنائية الدولية بسبب الجرائم التي اقترفوها»، وهو ما جعله يقول إن الشكل العام الخارجي للنظام في سوريا طائفي، ولكن أصله داخليا قائم على شبكة المصالح والعلاقات، لا الطائفية.

ولا يعتقد ماخوس أن النظام السوري سيسقط بسهولة وفق توازنات القوى الحالية، ففي رأيه أن الجيش السوري يختلف تماما عن نظيره الليبي، فهو جيش ضخم قوامه ما يفوق الخمسمائة ألف مجند مدربين بشكل جيد، وفي حوزتهم عتاد حربي جيد، بالإضافة للأجهزة الأمنية التي يصل عددها إلى 17 جهازا، فضلا عن جيش الشبيحة، معتبرا أن سوريا دولة أمنية بما تحمله الكلمة من معنى، في مقابل شعب أعزل تماما.