اليمن: 25 قتيلا في يوم ثان من العنف.. واشتباكات بين القوات الموالية والمعارضة في صنعاء

مشهور لـ «الشرق الأوسط» : مصير «بقايا النظام» محكمة العدل الدولية

معارضون يمنيون يحاولون إنقاذ جريح جراء الاشتباك مع عناصر أمنية أمس في صنعاء (أ.ب)
TT

أخذت الأوضاع على الساحة اليمنية منحى خطيرا، حيث بدأت الاشتباكات والمناوشات العسكرية بين القوات العسكرية الموالية للرئيس علي عبد الله صالح والقوات العسكرية المؤيدة للثورة، في وقت سارعت أطراف إقليمية ودولية لتلافي انفجار الموقف العسكري، خاصة بعد مقتل أكثر من 50 متظاهرا في أقل من 48 ساعة بصنعاء.

ولليوم الثاني على التوالي، تواصلت المواجهات في صنعاء في شارع الزبيري بين المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام وقوات الأمن، وقد سقط في محاولة هذه القوات تفريق المعتصمين في «جولة كنتاكي» بنفس الشارع والذين احتلوا الجولة، مساء أول من أمس، وأطلقوا عليها اسم «جولة النصر»، أكثر من 25 قتيلا وعدد آخر في محافظة تعز. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الأمن المركزي معززة بمسلحين مدنيين قاموا، ظهر أمس، بمهاجمة المعتصمين في الجولة ومحاولة فض اعتصامهم بالقوة، وقد تطورت الأمور لتصل إلى اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن المركزي والحرس الجمهوري من جهة، وقوات الفرقة الأولى مدرع بقيادة علي محسن الأحمر، من جهة أخرى، وذلك بسبب قمع المتظاهرين. وذكرت مصادر رسمية أن القوات الموالية لصالح قامت بتدمير مدرعتين عسكريتين في شارع الرقاص، وذلك أثناء محاولتهما اقتحام وزارة النفط، كما تقول المصادر الرسمية، وقبل وقت قصير من هذا الحادث قالت المصادر المحلية إن اشتباكات عنيفة دارت في شارعي الزبيري وبغداد بين الفرقة الأولى مدرع وقوات صالح، وتحدثت الأنباء عن قيام الطيران الحربي بقصف المقر الرئيسي للفرقة، إضافة إلى تحليقه المنخفض في المنطقة. ونفى مصدر رسمي يمني مهاجمة مقر الفرقة الأولى مدرع، وقال المصدر إن تلك «الأخبار غير صحيحة وإنها أخبار مسربة من قيادة الفرقة للتغطية على ما تقوم به من اعتداءات على المواطنين وأفراد الأمن والمنشآت العامة والخاصة بالعاصمة صنعاء وغيرها من المحافظات والمدن اليمنية»، كما نفى المصدر «حدوث انفجارات في مقر الفرقة بعد تحليق الطيران»، وقال إن «تلك الأخبار كاذبة ولا أساس لها من الصحة». وعقب أحداث العنف التي بدأت، أول من أمس، في اليمن، دانت منظمات حقوقية دولية مقتل العشرات من المتظاهرين وإصابة المئات في قمع قوات الأمن، وقالت منظمة العفو الدولية (امنستي) إن اليمن «على حافة الهاوية» وإن «الجمود السياسي ضاعف من إحباط أولئك الذين ظلوا يحتجون سلميا من أجل التغيير»، وأضاف السيد فيليب لوثر، نائب مدير منظمة العفو الدولية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن «تفجر العنف يؤجج خطر نشوب حرب أهلية»، وأنه «لذلك يجب على السلطات اليمنية التوقف عن استخدام القوة المفرطة قبل أن يصبح العنف خارج عن نطاق السيطرة». كما دعت المنظمة الدولية إلى «الوقف الفوري للإمدادات من الأسلحة والذخائر التي يمكن أن تستخدم بشكل مفرط في التعامل مع الاحتجاجات»، وإلى «تشكيل لجنة مستقلة ومحايدة وشاملة لتحقيق لتقام بمساعدة دولية للتحقيق في عمليات قتل وجرح المتظاهرين وغيرهم». من جانبها، أعربت الولايات المتحدة الأميركية عن أسفها لـ«مقتل وإصابة الكثير من الأشخاص خلال مسيرات احتجاجية في العاصمة صنعاء»، ودعت واشنطن، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، كافة الأطراف في الساحة اليمنية إلى التحلي بـ«ضبط النفس»، وقال البيان: «ندعو هذه الأطراف تحديدا للامتناع عن الأعمال التي تثير مزيدا من العنف، فنحن نرفض الأعمال التي تقوض الجهود المثمرة القائمة حاليا للتوصل إلى حل سياسي للأزمة الراهنة». وأضاف البيان الأميركي أن الولايات المتحدة تواصل دعمها لـ«انتقال سلمي ومنظم للسلطة في اليمن، يلبي طموحات الشعب اليمني للسلام والأمن»، وأعربت عن أملها في أن «يتم التوصل إلى اتفاق يفضي إلى التوقيع على المبادرة الخليجية في غضون أسبوع واحد». من جهتها، قالت حورية مشهور، الناطقة الرسمية باسم «المجلس الوطني» للمعارضة إن مصير «بقايا النظام في اليمن هو محكمة الجنايات الدولية»، وأضافت مشهور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن السلطات القائمة أو «بقايا النظام» كما تصفهم، لا «يؤمنون سوى بالعنف كوسيلة لتحقيق أهدافهم وأن «محاولات التوصل إلى تسوية سياسية معهم باءت بالفشل». ودعت المعارضة اليمنية البارزة دول مجلس التعاون الخليجي والمجتمع الدولي ممثلا في الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي إلى «رفع الغطاء عن نظام صالح»، ووصفت ما يجري من قتل للمتظاهرين بأنه «مجازر». وفي أعقاب هذه التطورات العسكرية والأمنية، هرع إلى صنعاء الدكتور عبد اللطيف الزياني، أمين عام مجلس التعاون الخليجي، وجمال بن عمر، مستشار ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى اليمن، في محاولة لتلافي انفجار الوضع العسكري. وحسب مصادر مطلعة في صنعاء، فإن زيارة المسؤولين، الإقليمي والدولي إلى اليمن، تهدف إلى وضع حد لأعمال العنف التي تجتاح البلاد والتي تهدد باندلاع حرب أهلية.