فياض يبحث دعم خزينة السلطة في نيويورك ويصطدم بطلب المانحين العودة للمفاوضات

التقى باراك وناقش معه مسائل سياسية وأمنية واقتصادية

TT

يقاتل رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض في نيويورك على جبهة أخرى غير جبهة عضوية الدولة في الأمم المتحدة.. إنها جبهة إنقاذ الدولة من مأزقها المالي. ولهذا الغرض، شارك أمس في اجتماع الدول المانحة الذي يعقد على هامش اجتماعات الجمعية العمومية، وطلب مساعدات لخزينة الدولة المثقلة بالديون بما يمكن من إدارة الأزمة الخانقة، غير أنه اصطدم بمانحين طالبوه في المقابل بالعودة إلى طاولة المفاوضات.

وشارك فياض في اجتماع المانحين إلى جانب نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون. وربط أيالون بين سعي الفلسطينيين للحصول على اعتراف في الأمم المتحدة والوضع الاقتصادي والمالي، ودعا أيالون الفلسطينيين مجددا إلى التخلي عن توجههم إلى الأمم المتحدة «لأن إسرائيل تنتظرهم على طاولة المفاوضات».

ووفق الإذاعة الإسرائيلية، فإن أيالون أعرب عن الثقة في إمكانية توصل الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى «حل وسط تاريخي إذا كانت هناك إرادة طيبة لدى الطرفين»، لكنه هدد الفلسطينيين قائلا: «إذا لم يتخل الفلسطينيون عن تحركهم نحو الأمم المتحدة هذا الأسبوع، فقد يمس ذلك بالمساعدات الاقتصادية المقدمة للسلطة الفلسطينية». واعتبر أيالون أن إسرائيل ستضطر أمام حالة كهذه إلى التصرف وفق مصالحها القومية الخاصة والتأكد من الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.

وفوق ذلك، دعت الجهات المانحة للسلطة الفلسطينية، إلى استئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، معتبرة أن التعثر الحالي في عملية السلام يهدد اقتصاد الدولة الفلسطينية المقبلة. وأعرب وزير الخارجية النرويجي يوناس غاري ستوري عن هذه المخاوف لدى ترؤسه الاجتماع الذي تعقده لجنة الجهات المانحة الكبرى مرتين في السنة.

وقال ستوري للصحافيين إن «الرسالة المنبثقة عن هذا الاجتماع هي أن هناك ضرورة ملحة في نظرنا نحن المانحين لأن تستأنف المفاوضات السياسية حتى نتمكن من التقدم في اتجاه الهدف القاضي بوجود إسرائيل وفلسطين تعيشان جنبا إلى جنب»، ونوه ستوري بجهود السلطة الفلسطينية التي قاد فياض القسم الأكبر منها من أجل بناء مؤسسات وتحفيز الاقتصاد الفلسطيني، معتبرا أنها تشكل «نجاحا دوليا لافتا». وقال: «من الأساسي الآن الحفاظ على هذه الإنجازات وعلى التقدم الذي تم إحرازه حتى الآن»، مضيفا أن الجهات المانحة تعتبر بقلق أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية «يعرض للخطر» الإمكانات الاقتصادية الفلسطينية. وأضاف ستوري أنه ليس هناك حتى الآن مؤشرات تفيد بأن المانحين سيربطون الوعود المالية بالمسعى الفلسطيني للحصول على اعتراف بدولتهم في الأمم المتحدة، غير أن الهبات تراجعت خلال الأشهر الأخيرة. وتمر السلطة الفلسطينية بأزمة مالية حادة، لم تستطع معها الإيفاء بالتزاماتها المالية في موعدها خلال الأشهر القليلة الماضية، وهو ما قاد إلى إعلان حالة تقشف حكومي، من أجل تقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية.

وقال فياض وهو في طريقه إلى اجتماع المانحين الكبار، إنه يسعى لتقليص العجز المالي بشكل حاسم في عام 2012، متعهدا باتخاذ إجراءات ستقر في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، تتركز «في مجملها على تحقيق المزيد من الترشيد للنفقات، وزيادة في الإيرادات دون مساس بالخدمات الأساسية أو احتياجات فئات المجتمع الأكثر حاجة لهذه الخدمات، وبما يستهدف أيضا تحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية في تحمل العبء الضريبي وتكثيف الجهد الرامي للحد من التهرب الضريبي»، وأضاف: «لم يعد من المقبول لا فنيا ولا سياسيا أو وطنيا الاستمرار في توقع ورود هذه المساعدات بما يكفي لاحتياجاتنا في ضوء ما لمسناه من استمرار في إحجام المانحين عن تقديم المساعدات المطلوبة».

وقدم فياض للاجتماع ما وصفه «قصة النجاح» الذي أحرز في تنفيذ برنامج إقامة الدولة خلال عامين، وقال فياض إنه يحاول الحصول على مساعدات تمكن السلطة من إدارة الأزمة المالية بشكل أفضل وصولا لإنهائها. وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن 400 مليون دولار فقط من المساعدات تم صرفها حتى الآن من أصل 700 مليون كانت متوقعة هذه السنة. وعلى هامش هذه الاجتماعات، التقى فياض، بحسب دبلوماسيين، وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، وناقش معه مسألة التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة، وإمكانية تراجع الجانب الفلسطيني عن نيته إعلان الدولة المستقلة، واحتمالات استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ومسائل أمنية واقتصادية. ولم يصدر على الفور أي توضيح من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، لكن مصادر في السلطة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن مهمة فياض تتركز على جلب الدعم المالي ومناقشة مسائل اقتصادية وأمنية في الضفة الغربية وفي قطاع غزة.