إيران تتشدد في اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية

تبادل الاتهام بين أميركا وإيران في اجتماع وكالة الطاقة الذرية

TT

تبادلت الولايات المتحدة وإيران الاتهامات في اجتماع للوكالة الدولية للطاقة الذرية الاثنين، مما يظهر عمق الأزمة بين الدولتين في النزاع المستمر منذ فترة طويلة بشأن البرنامج النووي الإيراني. وفي كلمات بالاجتماع السنوي للدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية تبادل كل من فريدون عباسي دواني رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية ووزير الطاقة الأميركي ستيفن تشو الاتهامات بشأن سياسات البلدين.

وقال تشو: «إيران تواصل انتهاج نفس الأسلوب الذي تتبناه منذ فترة طويلة من النفي والغش والمراوغة، في انتهاك لالتزاماتها بعدم الانتشار النووي». وبعد أن اتهم تشو طهران بانتهاج سلوك مستفز حذر من أنها تواجه عزلة متزايدة إذا استمرت في تحدي المطالب الدولية بشأن أنشطتها الذرية التي يشتبه الغرب في أن لها أهدافا عسكرية.

وقال عباسي دواني الذي تحدث بعد الوزير الأميركي بفترة قصيرة وهو يشير بوضوح إلى الولايات المتحدة إن خطر مثل هذا البلد الذي يمتلك أسلحة نووية... مصدر قلق بالغ للسلام والأمن العالميين. وقال إن المواقف العدائية لبعض الدول قد تجبر بلدا مثل إيران على القيام بأنشطة نووية سرا وتضعها تحت الأرض، في تصريحات يمكن أن تزيد من قلق الغرب بشأن نيات الدولة الإسلامية. وبدأت إيران في الآونة الأخيرة في نقل أجهزة الطرد المركزي التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم إلى مخابئ جبلية تحت الأرض قرب مدينة قم، في إطار جهودها لزيادة قدرتها على إنتاج اليورانيوم الأعلى نقاء إلى ثلاثة أمثال.

واتهم عباسي دواني الذي أصيب في انفجار سيارة ملغومة عام 2010 أعداء إيران بالتخطيط لاغتيال مزيد من العلماء الإيرانيين، ملمحا إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتحمل جزءا من اللوم.

وتعرّض عباسي دواني شخصيا لعقوبات من الأمم المتحدة بسبب ما قال مسؤولون غربيون إنه تورط في أبحاث يشتبه بأنها تتعلق بأسلحة نووية. وقال وفقا لترجمة إنجليزية لكلمته: «بعض الدول ومنظماتها الإرهابية الاستخباراتية ركزت على اغتيال خبرائنا. وفي يوليو (تموز) قتل المحاضر بالجامعة داريوش رضائي برصاص مسلحين في شرق طهران في ثالث عملية اغتيال لعالم منذ عام 2009. وقتل عالم إيراني في انفجار سيارة ملغومة، وعالم ثانٍ بشحنة ناسفة تم تفجيرها بالتحكم عن بعد. وقالت إيران إن الهجمات من عمل أعداء يرغبون في حرمانها من الحق في تطوير تكنولوجيا نووية تقول إنها ستستخدمها في توليد الكهرباء. ونفت واشنطن أي ضلوع في الاغتيالات، وامتنعت إسرائيل عن التعليق».

وعُين عباسي دواني رئيسا لهيئة الطاقة الذرية الإيرانية بعد بضعة أشهر من نجاته من انفجار سيارة ملغومة في طهران في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي. وقال عباسي دواني وهو يذكر أسماء العلماء الثلاثة الذين قتلوا إن هناك بعض العلماء الآخرين في قائمة اغتيالاتهم، وأضاف دون أن يخوض في تفاصيل: «إننا نحث بقوة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على تبرئة اسمها وسمعتها بالتعاون وتمهيد الطريق بهذه الإجراءات». كما دعا عباسي دواني الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى التحرك نحو إغلاق القضية النووية الإيرانية، في إشارة إلى تحقيقها في مزاعم بأن إيران قد تعمل على تطوير قنبلة ذرية.

وقد ألقى رئيس منظمة الطاقة النووية الإيرانية خطابا متشددا الاثنين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل يخالف الجهود الأخيرة لبلاده لزيادة الشفافية واستئناف المفاوضات مع القوى العالمية. وكانت إيران سمحت لأحد كبار المفتشين بالوكالة بزيارة مواقع دون قيود في أغسطس (آب)، وأبلغت الوكالة أنها ستبحث النظر في التباحث حول مزاعم مشروعات الأسلحة النووية في ظل ظروف محددة. ورفضت الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى تلك الخطوات باعتبارها «حملة علاقات عامة» تفتقد التعاون الحقيقي مع الوكالة.

وفي المؤتمر السنوي العام للوكالة لم يتطرق رئيس هيئة الطاقة النووية الإيرانية فريدون عباسي إلى هذه التطورات الأخيرة، لكنه بدلا من ذلك اتهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا باختلاق معلومات استخباراتية هي أساس مخاوف الوكالة بشأن احتمال وجود مشروعات إنتاج أسلحة نووية. وبشأن تساؤلات الوكالة عن الأسلحة، التي لم يتم الرد عليها وفقا لخطة عمل متفق عليها مسبقا، اكتفي بالقول إن الوكالة «يجب أن تتخذ خطوات شجاعة لمراجعة النماذج المتفق عليها وإغلاق القضية النووية لإيران في الوكالة». كما لم يذكر عباسي أيضا الخطاب الذي أرسله سعيد جليلي رئيس مجلس الأمن القومي الأعلى الإيراني إلى مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون في سبتمبر (أيلول)، والذي دعا فيه إلى استئناف المباحثات مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين.

وكانت الولايات المتحدة قد حضت الاثنين إيران على التعاون والوفاء بالتزاماتها حيال الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن برنامجها النووي المثير للجدل إذا أرادت الخروج من عزلتها. وأعلن وزير الطاقة الأميركي ستيفن شو أمام المؤتمر العام الخامس والخمسين للوكالة التابعة للأمم المتحدة والذي افتتح الاثنين في فيينا أن «أمام حكومة إيران الخيار. يمكنها أن تفي بالتزاماتها وإعادة بناء الثقة الدولية في الطابع السلمي الحصري لأنشطتها النووية، أو تزداد عزلتها والعقوبات الدولية». وأضاف أن الجمهورية الإسلامية في إيران «رفضت باستمرار الرد على المخاوف المشروعة المتعلقة بطبيعة برنامجها النووي». واعتبر الوزير الأميركي أن «زيادة تخصيبها (اليورانيوم) ونقله إلى موقع تحت الأرض يشكل استفزازا كبيرا ويقرب إيران من القدرة على إنتاج اليورانيوم» لأغراض عسكرية. وكانت طهران قررت نقل أنشطة التخصيب بنسبة 20% (التي يمكن أن تستخدم في صنع الوقود لمفاعل الأبحاث الطبية في طهران) إلى مصنع فوردو على بعد 150 كلم جنوب العاصمة طهران. وتخشى الدول الكبرى أن تمتلك إيران في وقت لاحق القدرة على تخصيب اليورانيوم بنسبة تفوق 90%، وهو ما يتيح لها صنع السلاح الذري. وإيران التي تنفي الطابع العسكري لبرنامجها النووي، واجهت عدة إدانات من الأمم المتحدة وتخضع لعقوبات دولية قاسية تطال خصوصا أنشطة التخصيب. وفي التقرير الأخير حول إيران، الذي عرض الأسبوع الماضي أثناء اجتماع مجلس الحكام، أشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى معلومات «كاملة وذات صدقية» تتعلق بإطار عسكري محتمل للبرنامج النووي الإيراني، وأعربت عن «قلق متنامٍ» حيال ذلك. وتنتهي أعمال المؤتمر العام الخامس والخمسين للوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تضم 151 دولة يوم الجمعة المقبل.