اليمن: نائب الرئيس يصدر تعليمات بوقف إطلاق النار وقوات صالح تتحدث عن «تطهير» مناطق في صنعاء

أعمال العنف مستمرة ومقتل 30 شخصا في اليوم الثالث * القناصة ينتشرون على أسطح المباني بصنعاء والمصارف تغلق أبوابها

TT

استمرت المواجهات، أمس، في العاصمة اليمنية صنعاء بين القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح والقوات العسكرية المنشقة والمؤيدة للثورة الشبابية، فيما سقط عشرات القتلى والجرحى في عدة حوادث متفرقة.

وقال شهود عيان بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن مواجهات دارت في حي حدة بين قوات صالح وأنصار الزعيم القبلي المعارض الشيخ حميد الأحمر، وقال مصدر مقرب من الأحمر لـ«الشرق الأوسط» إن 20 شخصا من أنصار الأحمر قتلوا في «اعتداءات قوات عائلة صالح على منزل حميد الأحمر»، أمس فقط.

كما دارت مواجهات عنيفة في أحياء أخرى من صنعاء، حيث تمكنت قوات الفرقة الأولى مدرع بقيادة اللواء علي محسن الأحمر من بسط سيطرتها على بعض المناطق والمواقع التي كانت القوات الموالية لصالح تسيطر عليها وضمنها قسم شرطة عصر ومكتب العميد أحمد علي عبد الله صالح، نجل الرئيس وقائد الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والكائن في شارع الدائري.

وشوهدت أعمدة الدخان في سماء «جولة كنتاكي» التي أطلق عليها «شباب الثورة اسم «جولة النصر»، وحسب روايات متعددة لشهود العيان لـ«الشرق الأوسط» فإن المواجهات العسكرية المباشرة، في تلك المنطقة، أسفرت عن إحراق عدة بنايات سكنية وتجارية، بينها «عمارة لا إله إلا الله»، الشهيرة في ذلك المكان.

وأكدت مصادر موثوقة في «شارع الرياض»، «هائل» سابقا أن الفرقة الأولى مدرع تمكنت من بسط سيطرتها على الشارع وقامت بـ«تطهير «البنايات المرتفعة من القناصة الذين كانوا يعتلون أسطحها والذين كانوا يطلقون النار على المارة والمتظاهرين اليومين الماضيين»، وقال أحد السكان لـ«الشرق الأوسط» إن هدوءا نسبيا عاد إلى الشارع رغم استمرار إطلاق النار من قبل جيوب محدودة لقوات الحرس الجمهوري.

وفي «ساحة التغيير» استمر سقوط القتلى والجرحى، حيث قتل، أمس، 9 من المعتصمين وجرح آخرون وذلك بعد أن استهدفت الساحة قذيفة هاون، وقد اتهم المعتصمون القوات الموالية للرئيس صالح باستهدافهم بالسلاح الثقيل، وبحصيلة قتلى الأمس، ارتفع عدد القتلى في أوساط المتظاهرين إلى 77 قتيلا ومئات الجرحى. وألقت الأحداث العسكرية والأمنية بظلالها على حياة السكان في صنعاء، حيث أغلقت معظم البنوك وشركات الصرافة والمحال التجارية أبوابها خشية التدهور الأمني الحاصل، كما عادت أزمة انعدام المشتقات النفطية مجددا، حيث انعدم «البنزين» من محطات التعبئة، هذا عوضا عن استمرار قطع التيار الكهربائي عن العاصمة منذ بضعة أيام بصورة متواصلة.

وذكرت مصادر متطابقة أن الكثير من عائلات كبار المسؤولين في الدولة ورجال المال والأعمال شرعت في مغادرة صنعاء في رحلات مكثفة ومتواصلة لشركات الطيران.

على صعيد آخر، قالت مصادر رسمية يمنية إن نائب الرئيس الفريق عبد ربه منصور هادي أصدر «توجيهات صارمة» إلى القوات المسلحة والأمن بإيقاف إطلاق النار في صنعاء، ونقلت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» عن مصدر رسمي يمني قوله إن «القوات المسلحة والأمن ومنذ لحظة صدور التوجيهات توقفت نهائيا عن إطلاق النار من جانب واحد»، وذلك «رغم استمرار المنشقين والمتمردين في قيادة الفرقة الأولى مدرع وميليشيات حزب الإصلاح وجامعة الإيمان وعصابات أولاد الأحمر في الاعتداء والاستفزاز وعدم الالتزام من جانبهم بتوجيهات نائب رئيس الجمهورية بإيقاف إطلاق النار نهائيا وما زالوا مستمرين في استفزاز القوات المسلحة والأمن والاعتداء على المواطنين إلى جانب استمرار تمركز القناصين التابعين لهم في العمارات المرتفعة الواقعة في الأحياء القريبة من شارع الزبيري وشارع بغداد وشارع هايل وشارع الجامعة والقيام بقنص أفراد الدوريات العسكرية والأمنية والمارة من المواطنين والاعتداء على المنازل».

وفي سياق المواجهات المسلحة، قال مصدر عسكري يمني إنه تم «بحمد الله وتوفيقه في وقت مبكر من صباح اليوم (أمس) إخلاء التبة التي تسمى تبة محمد علي محسن المطلة على شارع الخمسين الجنوبي في العاصمة صنعاء من العناصر المسلحة والقناصين التابعين للفرقة الأولى مدرع وأولاد الأحمر بما فيهم عدد من الأطفال الذين زج بهم أولاد الأحمر لتنفيذ أعمال تخريبية والتضحية بهم دون رادع أو وازع ديني أو إنساني وبشكل يخالف تعاليم الدين الإسلامي الحنيف والمواثيق الدولية ومبادئ حقوق الإنسان».

وأضاف المصدر العسكري اليمني أن تطهير تلك المنطقة جرى بعد حدوث «اشتباكات عنيفة مع القناصة والعناصر المسلحة»، وأنه «تم العثور على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر وقذائف آر بي جي وصواريخ لو التي كانوا يعتزمون استخدامها لغرض إقلاق الأمن والسكينة العامة، وإخافة المواطنين الآمنين والاعتداء عليهم وعلى رجال الأمن والقوات المسلحة والمنشآت الحكومية»، وأردف أن «تلك الاشتباكات مع العناصر التخريبية المارقة أسفرت عن استشهاد أحد الجنود الأبطال وجرح 3 آخرين، في حين قتل 3 من تلك العناصر المسلحة وجرح عدد آخر منهم وألقي القبض على البقية».

وأعلن الناطق العسكري اليمني أنه جرى أيضا «دحر العناصر والميليشيات المسلحة التي كانت تتمركز في جولة كنتاكي والتي اتخذت من المتظاهرين دروعا بشرية لها ومبررا لإقامة المتاريس والحواجز وقامت بقطع شارع الزبيري وقصف المنشآت العامة والخاصة ومنع حركة السير وإغلاق المؤسسات والبنوك العامة والخاصة والاعتداء على أفراد القوات المسلحة والأمن والمواطنين، وزرع الألغام ودمرت وأحرقت سيارات المواطنين وقصفت المستشفى الجمهوري وبرج الأطباء في شارع الزبيري وقنص عدد من الجنود الذين استشهد عدد منهم وأصيب آخرون بإصابات بالغة، إلى جانب قصف معسكر حرس الشرف بقذائف المدفعية التي أحدثت أضرارا مادية بالمعسكر وجرحت عددا من أفراده».

وتأتي هذه التطورات الدامية، في وقت يواصل أمين عام مجلس التعاون الخليجي، الدكتور عبد اللطيف الزياني، مباحثاته في صنعاء وإلى جانبه جمال بن عمر، مستشار ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، من أجل احتواء الموقف العسكري الذي بدأ في التفجر، وقالت مصادر مطلعة إن المبعوثين الإقليمي والدولي يجريان منذ وصولهما أول من أمس، مشاورات ومباحثات مع كافة الأطراف من أجل إيقاف نزيف الدم اليمني وتصعيد الموقف العسكري، خاصة بعد مقتل العشرات في غضون الأيام الثلاثة الماضية في أوسع أعمال عنف يشهدها اليمن منذ بدء الاحتجاجات قبل 8 أشهر.